‫عن قصة "حي بن يقطان"‪ ، ‫ولم يكن تعليم العلوم هو القصد الوحيد لعلى مبارك من كتابه ولكنه حاول‬ ‫المقارنة بين بعض العادات الشرقية والغربية ولذلك كان على مبارك ينظر في كتابه‬ ‫إلى طلبة في المدارس المدنية الخرى إلى مشايخ الزهر‪ ، ‬ولذلك اختار في روايته شي ًخا أزهر ًيا وسماه‬ ‬وعلى مبارك يقدم لنا بهذه الصورة المقارنة بين العادات الشرقية‬ ‫والوروبية وهي المحاولة التي سنلتقي بها في صورة أكثر‬ ‫وقد مر الفن القصصي إبان عصر النهضة العربية وفي بداية استقبالنا‬ ‫للعصر الحديث بثالث مراحل‪ ، ‬مثلت الميالد الجديد لألجناس القصصية وتحدي ًدا‬ ‬وهذه المراحل الثالث كانت المؤشر الرئيس على أن‬ ‫الفن القصصي العربي لديه من المقومات ما يؤهله للسير في ركاب الفن القصصي‬ ‫أما المراحل فهي (مرحلة البعث واإلحياء ‪ /‬مرحلة التعريب‪ /‬مرحلة‬ ‬وكانت المرحلتان الولى والثانية ممهدتان بشكل أساسي‬ ‫لمرحلة االنطالق ‪ -‬التي كانت بدايتها كما تقرر (رواية زينب) ولم تتوقف محاوالت‬ ‫التجريب والكتابة وفق تقنيات سردية جديدة‪ ، ‫‪38‬‬ ‫أــ مرحلة البعث واإلحياء‬ ‬وفك العقل من أسره‪ ، ‬التفتوا إلى الموروث ليسترفدوا وينهلوا من‬ ‬‬ ‫وانعكس ذلك في الدب فبعد أن بدأت المفاهيم الغربية تتسلل إلى مجتمعاتنا‬ ‫وأوساطنا الفكرية في مجال القصة والرواية كان االلتفات والعودة إلى الساطير‬ ‫والخرافات في القصص العربية القديمة‪ ، ‬‬ ‫لذا كان بده ًيا أن تظهر المالمح الولي لفن القصص متأثرة بشكل كبير بهذا التراث‬ 1‬‬ ‬‬ ‬وبذا‬ 2‬‬ ‫تارة‪ ، ‬وإلى التخلص منه تارة أخرى ‪ -‬واهتمامها بالمحسنات تارة ومحاوالتها‬ ‬وبدهي أن مرحلة اإلحياء‬ ‫هذه ‪ -‬المتمثلة في استلهام الماضي ‪ -‬مرت هي ذاتها بعدة درجات صعود وترقي‬ 14‬‬ 72‬‬ ‫ابن هشام"‪. ‬‬ ‫وكان مما ألف في تلك الفترة على سبيل التمثيل‪:‬‬ ‬‬ ‬‬ ‬عبد القادر مراد وعبد الحليم محفوظ ‪1899‬م ‪. ‬لنخلة صالح ‪1872‬م‪. ‫الفتاح المصري‪1788‬م‪. ‬لمحمد التميمي ‪1888‬م ‪. ‬لعائشة التيمورية ‪1888‬م‪. ‬يمكن أن يستعرض‬ ‫الباحث منها ما يلي‪:‬‬ ‫*على مبارك ‪1823‬م – ‪1893‬م‬ ‫ومحاولته القصصية المسماة "علم الدين"‪ ، ‬وهي رحلة تقع في أربعة أجزاء قام‬ ‫رحال إلى بالد اإلنجليز‬ ‫ً‬ ‬‬ ‫*خليل أفندي الخوري ‪1836‬م – ‪1907‬م‬ ‫كتب رواية بعنوان "وي إذن لست بإفرنجي" عام ‪1860‬م‪ ، ‫صاحب جريدة "حديقة الخبار" التي كانت تنشر الروايات المؤلفة والمعربة ‪ -‬منذ‬ ‬ليطرح تساؤل كبير‬ ‫في النهاية من هو اإلفرنجي؟‬ ‫أوائل المحاوالت القصصية ‪ -‬وكذا نجاحها النسبي في تجسيد الحداث والشخصيات‬ ‫ً‬ ‫عمال "ذو‬ ‬فهي إذًا كمحاولة روائية قديمة في عصر النهضة تمثل‬ ‬على مستوي الكتابة‬ ‫أهم المراحل االنتقالية لوال تهميش وعدم إدراك النقاد لهذا الكاتب الفذ أو لهذا الرائد‬ ‫المجهول المجدد"(‪. 1‬‬ ‫ولد محمد المويلحي "في القاهرة لسرة ثرية‪ ، ‬تأخذ بحظها من الثقافة‪ ، ‬فعكف على‬ ‬وسار على نهجه محمد ابنه لكنه وظف في الحكومة‪، ‬واختلف إلى دروس الفغاني ومحمد عبده‪، ‫ضا نشاط صحفي‬ ‬وكان له أي ً‬ 1980‬ص‪. ‬‬ ‫ً‬ ‫ممثال من امتزاج الثقافتين‪. ‬‬ ‫والغربية الحديثة فال بدع إذا جاء أدبه‬ ‫وقد تجلي ذلك في كتابه "حديث عيسى بن هشام"‪ ، ‬الذي بدأ بنشره منج ًما في‬ ‫جريدة "مصباح الشرق" منذ‪1898/11/17‬م‪ ، ‫العربي القديم والدب الغربي‪ ، ‬فهو يجري على أسلوب المقامة في كثير من فقراته‬ 2‬ولعل الدور اإلحيائي الذي‬ ‫مفاسد أشياء ينقمها على مجتمعه‪. ‬‬ ‬فقد جمع بين السجع واستلهام التراث وبين الترسل واالحتذاء بالسمات‬ ‫الفنية الحديثة ولم يخلص أي عمل من أعمال تلك المرحلة لواحد من هذين‬ ‫االتجاهين‪. ‬‬ ‫ونكتفي بهذه النماذج الثالثة‪ ، ‬ولكن في اإلطار العام فقد برزت مجموعة رائدة‬ ‫المشترك بينهم هو االستلهام القوي لشكل ما من الشكال التراثية العربية القديمة مع‬ ‬وعلى الجانب اآلخر كسر هذا الجمود الذي ران على‬ ‫الحياة الدبية‪ ، ‬وتأتي هذا لهم بعد‬ ‬ط‪ ، 10‬القاهر‪ ، ‬دار الفكر العربي‪ ، ‬القاهرة ‪ ، ‫‪42‬‬ ‫الكريم سليمان )‪. ‬‬ ‫ــ ومن الشام (أديب اسحاق‪ -‬إبراهيم اليازيجي ‪ -‬نجيب حداد‪ -‬ناصف اليازجي‪-‬‬ ‫البستاني)‪. ‫ب ــ مرحلة الترجمة واالنطالق‬ ‫وهذا الدور بدأ فعليا منذ أواخر القرن التاسع عشر‪ ، ‬حيث بدأ التحرر من‬ ‫القديم أسلوب ًيا بقدر ما يقترب من السمات الحديثة والممثلة في الجناس الروائية‬ ‫والقصصية في أوروبا‪ ، ‫الناضجة في اآلداب الخرى‪ ، ‬حتى تساير جمهور القراء‬ ‬ولذا سنجد خصائص في هذه العمال تسمها عن غيرها من الشكال‬ ‬فمن هذه السمات نجد ما يلي‪:‬‬ ‫للنص الصلي‪ ، ‫ومن ثم فالمعول يكون على المعني اقترا ًبا أو ابتعا ًدا‪ ، ‬فكان من المناسب أن يستخدم‬ ‫بديال للترجمة‪. ‫يجمع بين أمرين أولهما‪ :‬االستهداء بالصل الجنبي في مجموعه وكليته كسمات‬ ‫‪43‬‬ ‬أو السماء‪ ، ‫في نفوس قرائه ومعجبيه‪. ‫وهذا الدور سار فيه رواد منهم رفاعة الطهطاوي بتعريبه "مغامرات تليماك"‬ ‬وسماها الطهطاوي "وقائع الفالك في حوادث تليماك"‪، ‫ومن بعده سار على الدرب محمد عثمان جالل بترجمته "بول وفرجيني" لبرناردين‬ ‫سان بيير‪ ، ‫وهنا يبرز نجم مصطفي لطفي المنفلوطي كرأس لهذا الجيل ممن ارتقوا بالفن‬ ‬وتكمن أهمية ما عمله المنفلوطي في هذا الوقت‪:‬‬ ‬‬ ‫ً‬ ‬فلم يعد المر مجرد محسنات‬ ‬‬ ‫يعتبر بداية عصر في الفن القصصي يعتمد السلوب بجانب المضمون‪ ، ‬في إطار‬ ‫من السمات الحديثة ال ُمؤطرة لهذا الفن في أي مكان‪. ‬‬ ‫عمال سرد ًيا‬ ‫من إبداعه وروحه وأسلوبه في العمل‪ ، ‫ممتز ًجا من ذلك جميعه‪. ‬‬ ‫ــ أن المنفلوطي يعتبر أبرز الدباء هذا الدور‪ ، ‫دورا وسي ً‬ ‫في فن الترجمة الصحيحة التي تلته مباشرة‪ ، ‬فكان دور المنفلوطي ً‬ ‫منه في هذه المرحلة واالمتداد بها في عمر الرواية العربية‪. ‬‬ ‫ وكذا المترجمة‪ ، ‬فأسدي للغة ولفن النثر‬‫وللفن القصصي ي ًدا عظيمة‪ ، ‬ووضع مع غيره الرواية العربية والفن القصصي في‬ ‫مكانة احتلت ـ فيما بعد ـ قمة االبداع الدبي‪ ، ‬وقمة النضج الفني‪ ، ‫القصصي بأجناسه المتعددة شجرة ذات فروع عديدة‪ ، ‫تستلهمه في المضمون واللغة والسلوب‪ ، ‬‬ ‬ولذلـك نجـد محـاوالت متنـوعة ممزوجة بعضها ببعض‪ ، ‫متمثال في فن المقامة‪ ، ‫تراثنا القصصي‬ ‬مثلما نجـد عنـد إبراهيـم اليازجي ومحمد‬ ‫المويـلحي‪. ‫وبعـض الدبـاء أخذوا يقتبسون ألوانا من القصة في الدب الغربـي‪ ، ‫طريـق تعريب أنـواع مـن القصـص الغـربي كما فعل البستاني والمنفلوطي وحافظ‬ ‫في فترة الحقة عندما بدأ هذا اللون يعرف الرواج والذيوع ويعرف إقباال متزايدا من‬ ‬فظهــر العديد من الكتاب الذين عكفوا على ترجمة ألوان من القصة الغربية‪، ‫مثل إبراهيم عبد القادر المازني وأحمـد حسن الزيات ومحمد عوض وغيرهم‬ ‫كثيرين‪. ‬‬ ‬أهميـة كبيـرة تمثـلـت‬ ‫في إنتـاج عـدد كبيـر من النمـاذج القصصيـة المقتبسـة مـن الدب الغربي‪ ، ‫شكله المعرب أم في شكله المترجـم‪ ، ‫قـام بهـا البعض في تطوير أشكال من القصص العربي القديم وخاصة فن المقامة‪. ‫فقد أكد التطور الذي عرفه المجتمع العربي الحديث عدم الحاجة إلى مثل هذا اللون‬ ‫الذي لم يعد يستجيب للمتطلبات االجتماعية الجديدة ‪. ‬‬ ‫اإلقبال عليه ينـمو ويتزايد‪ ، ‬كـان‬ ‫بمثابـة إرهـاص وتمهيــد لالنتقــال إلى مـرحلـة جديــدة تتجـاوز المستوي الذي بلغه‬ ‫تطور الفن في مرحلة االقتباس‪ . ‬‬ ‫التأليف‪ ، ‫لالستعمار الغربي‪ . ‬‬ ‫هي الرواية التاريخية‪ . ‬وال يمكن أن نفصل بصورة مطلقة هذه المرحلة بما سبقها‪، ‫بـل هي تتويج للمكتسبات التي تحققت في المرحلة السابقة وتطوير لها‪ . ‫الفن القصصي الغربـي ظـل يمارس تأثيره بشكل واسع في اللون التاريخي للرواية‪. ‫ظهرت فـي هـذه الفتـرة‪ ، ‬وأشهـر من ألف‬ ‫في الرواية التاريخية الديب والعالم الشهير جورجي زيدان‪ ، ‬فـقـد وضع‬