وورث العصر الحاضر هذه المؤلفات بما احتوته من علم زاخر، وكنوز فقهية ثمينة لا يصبر على دراستها والرجوع إليها إلا الجهابذة المتفرغون المتخصصون. وليس الأمر قاصرا على وعورة مسلك هذه الكتب؛ وإنما جاوزه إلى التعصب المذهبي، والوقوف عند رأي المذهب بإغلاق باب الاجتهاد والغلو في شروط المجتهد. ولم ينج من هذه الظاهرة سوى القلة النادرة من المصلحين المجددين، الذين عولوا على مقاصد الشريعة، فإنه يعتبر نقطة تحول كبيرة في تاريخ الفقه الإسلامي؛ حيث اعتمد في اختياراته الفقهيه على النظر في الأدلة، والأخذ بالأقوى من آراء الفقهاء السابقين، واستخرج أحكاما للقضايا الجديدة في عصره. ورث العصر الحاضر ذلك التراث الفقهي القديم بما له وما عليه، في الوقت الذي تطورت فيه أساليب التأليف، وشملت التجديد في كل مادة من المواد، وأحس الناس بالحاجة إلى التجديد في أنماط التأليف الفقهي، فلجئوا تارة إلى الإخراج والتحقيق، وأخرى إلى البحث الموضوعي المقارن مع المذاهب، وكان للرسائل الجامعية في الماجستير والدكتوراه "أثرها الطيب في ذلك، الواقع الدراسي كانت الدراسات الإسلامية في العصور الأولى أساسا للتعليم، فهي المحور الذي تدور عليه العلوم كلها، وأصوله، مع ما يستوجبه ذلك من دراسة اللغة العربية بعلومها، ثم تكون دراسة العلوم الأخرى المعاصرة. وما يعرض لهم من مشكلات، والسياسة. وتمزيق شمله، وما تبع ذلك من تخلف فكري وغزو ثقافي . لكن هذا وذاك أتاح الفرصة لأعداء الإسلام في إشاعة اتهامه بالقصور، وعجزه عن تلبية حاجات العصر، ولا سيما أن الدراسات الفقهية ظلت جامدة متخلفة، واستهواه الاستغراب في ديار الإسلام؛ فأراد استبدال دراسةالحقوق القانونية الغربية بدراسة الفقه الإسلامي، وكان له ما أراد وساعد على ذلك غياب الإسلام عن مجال الحكم كما سيأتي في الفقرة التالية. لقد تسرب هذا الدخيل في بلادنا عن طريق الدراسة بما يسمى: "بكليات الحقوق" أو "معاهد الحقوق" . وما يتفرع عنها من قوانين وضعية؛ حيث لا يدرس الفقه الإسلامي إلا في مادة واحدة تتعلق بأحكام الأسرة، تعرف "بالأحوال الشخصية" . وهكذا وقع الازدواج في الدراسات الفقهية؛ حيث توجد "كليات الشريعة" في معظم البلاد الإسلامية لدراسة الفقه الإسلامي ومصادره في جميع مجالات الحياة، وتوشك أن تضيق عليها الخناق، لتطمس معالم الدراسات الفقهية، عقيدة وعبادة، وسياسة، والمعاملات، والعقوبات، واستمد فقهاء الإسلام من هذه الأصول من الكتاب والسنة -الأحكام الجزئية التي تتجدد بتجدد الأحداث في كل عصر، وإن ذكرت بعض المصادر توقف العمل بالأحكام الشرعية عندما دخل هولاكو بغداد ولم يقبل أحد من حكام المسلمين التهاون في حكم من الأحكام لأن تحكيم الشريعة الإسلامية من أصول الإيمان بهذا الدين {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} و {الظَّالِمُونَ} و {الفَاسِقُونَ} ٢ . في آيات متتاليات. فلما كثر احتكاك المسلمين بالغرب، وتأثر بعض المسلمين بالثقافة الغربية، وضعفت الدولة العثمانية، تسرب الفكر الغربي إلى ديار الإسلام، وبدأ التهاون في التزام أحكام الشريعة، والردة والبغي، والحرابة؛ سنة ١٨٤٠م وهو ترجمة لقانون الجزاء الفرنسي، مع شيء من التعديل، ٤٥، ٤٧. والشركات، وما يتبع ذلك؛ فقد ظلت الدولة العثمانية تطبق فيه الفقه الإسلامي على المذهب الحنفي وإن كانت قد نظمت ذلك فيما يسمى "مجلة الأحكام الشرعية" وأخذت البلاد التابعة للدولة العثمانية بأحكام المجلة. أما مصر التي كانت قد انفصلت عن الخلافة العثمانية؛ فقد استنكف حاكمها الخديوي إسماعيل باشا عن تطبيق المجلة الشرعية، وترجم القانون المدني الفرنسي الأول "قانون نابليون" وطبقة في بلاده، وكان هذا بداية التقنين الوضعي في أحكام المعاملات، وما كان الشعب المصري المسلم ليقبل هذا بسهولة، لبيان أن هذا القانون مستمد من مذهب الإمام مالك. والحق أن هذه تكأة باطلة، يحاول أصحابها أن يعطوا القانون الوضعي صفة شرعية؛ فإن الحضارة الغربية- وإن كانت قد تأثرت بالحضارة الإسلامية إلا أنها كيفتها بما يتفق مع فلسفتها عن الحياة ومفاهيمها العامة، التي تختلف عن فلسفة الإسلام ومفاهيمه؛ فلا يقال: إن القانون الوضعي مستمد من الفقه الإسلامي، فهو غربي الفكرة والروح، والفقه الإسلامي في أصالته غني عن أن تنسب إليه هذا اللقيط، والتوافق في بعض الأحكام لا يعنى أن هذا هو فقه الإسلام. وحين زحف الاستعمار الغربي على العالم الإسلامي بعد أن مزق باقي أوصالهن زحفت معه القوانين الوضعية، وسادت أحكام القانون المدني الغربي، حتى في تركيا التي انسلخ قادتها من حضارة الإسلام، وتقمصوا الحضارة الغربية. واستمر العمل بأحكام الفقه الإسلامي في المعاملات بالجزيرة العربية والأفغان. فحسب، إلى وقتنا الحاضر لولا ما أصاب أفغانستان من غزو شيوعي، يوشك أن يدحره الجهاد الإسلامي ويرده على أعقابه خاسرا. وظلت لها محاكمها الشرعية الخاصة حتى في البلاد التي سادت فيها القوانين الوضعية، ولم يحدث مساس بها، سوى ما كان من إدماجها مع المحاكم العادية في مصر، وتجدر الإشارة إلى أن هذه البقية البقية الباقية من جانب الفقه الإسلامي التطبيقي، فيما يتعلق بتعدد الزوجات، وأحكام الطلاق، وأحرزت هذه المحاولات العدوانية شيئا من النجاح في بعض البلاد. ومحاولات التجديد في الفقه: بلاء مستطيرا، بل قبلته كرها، وهي تشعر بأن هذا انحراف عن دين الله، وخروج عن شريعته، وقد ظهر هذا في صور مختلفة كالحركات الإصلاحية، الحركات الإصلاحية قام بها رجال مصلحون، وتركزت الدعوة فيها على المطالبة بالعودة إلى الإسلام في عقيدته الصافية، وشريعته السمحة، واستنفار الهمة لإعادة مجد الإسلام من جديد، ولو كان هذا في شرك الأحياء وعبوديتهم. إلا أن روحها كانت تنبثق من ذلك الشعور الآنف الذكر. مع تركيز كل واحدة منها على ناحية خاصة، كالعقيدة أو السلوك أو الحرية السياسية، أو تحكيم الإسلام في شئون الحياة كلها، وفي طليعة هذه الحركات: حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وجددت المفاهيم الإسلامية الصحيحة لهذا الدين وشموله لشعب الحياة كلها: عقيدة، وقضاء، وكان صمودها أمام تيار التغريب والحكم بغير ما أنزل الله، مصدر محن لها حتى الآن، وعلى نمط هذه الحركات، قامت حركة الجماعة الإسلامية في الهند وباكستان بقيادة أمير الجماعة أبو الأعلى المودودي رحمه الله. فإن الترتيب الفني في القانون الوضعي يجعل العثور على الحكم سهلا ميسورا، في فقرات موجزة، فلماذا لا ينظم الفقه الإسلامي كذلك؟ وبدأت محاولات هذا التنظيم لصياغة الفقه منذ فترة طويلة. "مجلة" الأحكام العدلية ":" أحسست الدولة العثمانية بخطر القوانين الوضعية الذي يهددهم في عرضه. الجذاب، وتنسيقه المحكم، فشكلت لجنة من فقهائها البارزين، وعهدت إليهم بتنظيم أحكام العلاقات المدنية في الفقه الإسلامي، على المذهب الحنفي، واستمر عمل هذه اللجنة سبع سنوات؛ حيث صدر هذا التنظيم باسم "المجلة" سنة ١٢٩٣هـ وسميت بذلك: لأنها كانت تصدر أبوابا متتابعة، فأشبهت في صدورها المجلات، وأهم ما تناولته المجلة: ١- مقدمة في تعريف علم الفقه وتقسيمه وفي بيان القواعد الفقهية. ٢- أبواب المعاملات المختلفة لكل منها كتاب، وفي مقدمة كل باب منها تكون الاصطلاحات الفقهية المتعلقة به. ٣ اشتملت على ستة عشر كتابا. ٤- رتيت أحكامها في صورة مواد مختصرة، يقتصر الحكم فيها على رأي واحد. ٥- بلغ مجموع موادها "١٨٥١ مادة" . ٦- صدرت الإرادة السنية بتطبيقها من ٢٦ شعبان سنة ١٢٩٣هـ. وتعتبر "المجلة" أول تنظيم تشريعي كان استمداده من الفقه الإسلامي خالصا. - مرشد الحيران لمعرفة أحوال الإنسان: وثالثها: في أحكام المعاملات، وسمى هذا "مرشد الحيران لمعرفة أحوال الإنسان" جعله على أحكام عامة، وأخرى خاصة، وعرضه في مواد بلغت "١٠٤٥ مادة" . مرشد الحيران لمعرفة أحوال الإنسان الجذاب، وتنسيقه المحكم، فشكلت لجنة من فقهائها البارزين، وعهدت إليهم بتنظيم أحكام العلاقات المدنية في الفقه الإسلامي، على المذهب الحنفي، واستمر عمل هذه اللجنة سبع سنوات؛ حيث صدر هذا التنظيم باسم "المجلة" سنة ١٢٩٣هـ وسميت بذلك: لأنها كانت تصدر أبوابا متتابعة، فأشبهت في صدورها المجلات، وأهم ما تناولته المجلة: ١- مقدمة في تعريف علم الفقه وتقسيمه وفي بيان القواعد الفقهية. ٢- أبواب المعاملات المختلفة لكل منها كتاب، ٣ اشتملت على ستة عشر كتابا. ٤- رتيت أحكامها في صورة مواد مختصرة، ٥- بلغ مجموع موادها "١٨٥١ مادة" . ٦- صدرت الإرادة السنية بتطبيقها من ٢٦ شعبان سنة ١٢٩٣هـ. وتعتبر "المجلة" أول تنظيم تشريعي كان استمداده من الفقه الإسلامي خالصا. التشريع الجنائي في الإسلام وقام الأستاد "عبد القادر عودة" أحد رجالات الإخوان المسلمين الذين استشهدوا وكان يشتغل بالقضاء، قام بإخراج كتاب: التشريع الجنائي الإسلامي وهو كتاب في جزئين الأول: في القسم العام: والآخر: في القسم الخاص، وصاغه في مواد كذلك، اشتملت على أحكام: الجنايات والحدود والتعزيرات، وقد قارن فيها بين المذاهب الفقهية الإسلامية، والقوانين الوضعية، وبلغت مواده "٦٨٩ مادة" . وهناك جهود فردية أخرى. إنشاء مجمع فقهي ودعا كثير من العلماء إلى إنشاء مجمع فقهي على نسق المجامع العلمية الأخرى، تحقيقا للهدف العام الذي يشعر المسلمون بالحاجة إليه في تجديد الفقه الإسلامي وتطوره، وحتى يكون هذا المجمع وسيلة للاستنارة برأي الجماعة في الاستنباط يغني عن الاجتهاد الفردي، وفي مؤتمر رابطة العالم الإسلامي الذي عقد في مكة المكرمة سنة ١٣٨٤هـ قدم الشيخ "مصطفى الزرقا" اقتراحا بذلك جاء فيه: "إذا أريد إعادة الحيوية لفقه الشريعة بالاجتهاد الواجب استمراره شرعا والذي هو السبيل الوحيد لمواجهة المشكلات الزمنية الكثيرة، وتهزم آراء العقول الجامدة والجاحدة على السواء؛ بديلا عن الاجتهاد الفردي، وطريقة ذلك تأسيس مجمع للفقه يضم أشهر فقهاء العالم الإسلامي، ممن جمعوا بين العلم الشرعي والاستنارة الزمنية، وصلاح السيرة والتقوى ويضم إلى هؤلاء علماء موثوق بهم في دينهم من مختلف الاختصاصات الزمنية اللازمة في شئون الاقتصاد: والاجتماع: والقانون: والطب: ونحو ذلك، ليكونوا بمثابة خبراء يعتمد الفقهاء رأيهم في الاختصاصات الفنية" . ويتضح من هذه العبارة أن مهام هذا المجمع المقترح ستتناول النظر في المسائل الجديدة التي حدثت في هذا العصر، كالتعامل المصرفي بأنواعه، وأوراق اليانصيب، وأنظمة الشركات الحديثة والتأمين بأقسامه. وقد أخذت رابطة العالم الإسلامي في مكة أخيرا بهذا الاقتراح، وأنشأت مجمع الفقه الإسلامي، وله اجتماعات دورية يتناول فيها بحث بعض الموضوعات ذات الأهمية في حياة الناس اليوم؛ مجمع البحوث الإسلامية وفي الأزهر أنشئ مجمع البحوث الإسلامية بمقتضى القانون ١٠٣ لسنة ١٩٦١ ميلادية الخاص بتطوير الأزهر برئاسة شيخ الأزهر ومسئولية أمين عام ويضم عدة لجان: لجنة القرآن والسنة، لجنة البحوث الفقهية، لجنة إحياء التراث الإسلامي لجن الدراسات الاجتماعية. وتقوم لجنة البحوث الفقهية بتقنين الشريعة الإسلامية على المذاهب المختلفة. كما يقوم المجمع ببحث القضايا التي تهم العالم الإسلامي وإصدار البحوث التي نتضمن رأي الإسلام في هذه القضايا، ويعقد مؤتمرا عاما يدعى إليه علماء العالم الإسلامي كل عام لمناقشة هذه البحوث، وقد انعقد أول مؤتمر سنة ١٩٦٤م. موسوعة الفقه الإسلامي وإزاء التحديات المختلفة للإسلام وشريعته، الحاجة إلى الموسوعة الفقهية على الصعيد الإسلامي تيسير معرفة الأحكام الفقهية التي في بطون أمهات الكتب القديمة: لست من هؤلاء الذين ينظرون إلى كل قديم بمنظار قاتم، ويرون في كتب الفقه القديم طلاسم يصعب حلها، ويعتبرون أي تجديد تقدما ونصرا فإن أصحاب أمهات كتب الفقه الأصيلة قد أفنوا أعمارهم فيها قربة إلى الله تعالى، ولا تزال الأبحاث الجديدة مع ما فيها من تجديد لا تجد لها معينا تستقي منه سوى تلك المصادر الأولى، التي يجب إجلال أصحابها، والاعتراف بفضلهم، ولكنني أرى أن الممارسين لهذه الكتب، والذين تمرسوا بها، هم الذين يفهمون أسلوبها ويدركون الأحكام في مظانها -وهم قلة نادرة- ويظل أكثر الناس -حتى من المشتغلين بالفقه الإسلامي- يعانون كثيرا من الصعوبات في الاستفادة من تلك الكتب، ونستطيع أن نجمل ما يجده الباحث في أمهات كتب الفقه من صعوبات في الأمور الآتية: أ- يجد صعوبة في البحث عن الحكم الجزئي؛ حيث إن فهارس تلك الكتب فهارس مجملة تكتفي بذكر الأبواب، ورؤوس الموضوعات، والموضوع واحد قد يشتمل على مئات الأحكام الجزئية التي لا يرد لها ذكر في الفهرس. ولم يكن السابقون يعرفون طريقة الفهارس التحليلية التي تعين القارئ على سرعة الوصول إلى ما يبتغيه في لحظات قليلة، ولم تخدم هذه الكتب في العصر الحاضر بفهرستها إلا النزر اليسير، بصورة لا تفي بالغرض المقصود؛ بل إن عمل الفهارس وحده قد صار مرحلة أولى تتبعها مرحلة ثانية، فالفهرسة ضرورية لكتب الفقه الكبيرة، ويقع بعض أبحاثها في مظانه التي تحظر على بال الباحث؛ وذلك ببيان موضع الحكم المبحوث عنه في الكتاب الأصلي، فإذا أضيف إليها بيان موجز الحكم، ساعد ذلك من يريد الاكتفاء بالمعجم عن الرجوع إلى الكتاب الأصلي. فإن أكثرها شروح وحواشي على متون ومختصرات. دون ربط متصل بالمتن، مع التركيز الشديد في الأسلوب؛ فإذا قرأ الباحث وجد نفسه من ناحية أمام نصوص متفرقة لا يجمعها سياق واحد. وهذا يجعل عثوره على الحكم الذي يبحث عنه صعبا في كثير من الأحيان. جـ- ويجد الباحث كذلك صعوبة في الفهم الرموز والمصطلحات؛ فإنها تشير إلى كلمات مختزلة لأسماء المراجع أو المؤلفين؛ فمن أمثلة هذه الرموز مثلا في كتب الفقه الحنفي: "ط، ح" والمراد بتلك الحروف على التوالي "الطحاوي، أبو يوسف ومحمد، زفر، الحلى المداري" ولا بد من الرجوع إلى الجزء الأول لمعرفة مدلول كل رمز منها. ومن أمثلة هذه المصطلحات "الإمامان" وهما "أبو حنيفة وأبو يوسف" والصاحبان وهما "أبو يوسف ومحمد" ، والأئمة الثلاثة: "أبو حنيفة، ومحمد" وهكذا. د- وقد تكون صعوبة إدراك المراد بالمصطلحات ناشئة من اختلاف مدلولها عند المذاهب؛ فإذا لم يكن القارئ على إلمام بها أخطاء في فهم الحكم نفسه. ومثال ذلك: اصطلاح الفساد والبطلان عند الحنفية؛ وغير الحنفية يجعل الفاسد كالباطل، وكالوجوب عند الحنفية؛ فهو بين الفرض والسنة. هـ- ومعظم الناشرين لهذه الكتب القديمة يجمعون عدة كتب في كتاب واحد، ويفصل بينها خط، و ويجد الباحث في بعض هذه الكتب الآراء الفقهية الكثيرة التي نقلها المؤلف دون أن يعزو رأيا إلى صاحبه ومصدره، حتى يتيح للقاريء استئناف النظر فيها من خلال مراجعها الأصلية. أيجمع شروط الصحة أم لا؟ بل إن بعضهم يورد الأخبار الموضوعة التي لا أصل لها. ومنهج البحث اليوم يعتمد اعتمادا كبيرا على أصالة مصادره وقوة أدلته هذه هي أهم الصعوبات التي يواجهها الباحث في كتب الفقه القديمة، ما لم يكن ممارسا لها متخصصا فيها. وليس من السهل أن يحصل الباحث على كل ما كتب في موضوع ما؛ في: الرسالة، والمحلية، والصحيفة، والوثيقة، والكتب المؤلفة، وليس هناك سوى الفهرسة الإجمالية التي تشير إلى الباب أو الفصل، أو المسألة؛ فمتى يحصل الباحث على العنصر الذي يريد في كافة المصادر التي تناولته؟ إن هذا أمر عسير للغاية. تلك الخطوة هي ما يعرف بالفهرسة بأنواعها، وأساليبها المختلفة، التي يمكن معرفة تفاصيلها من الكتب المتخصصة في هذا الميدان: فهرس رجال السند، فهرس الأعلام، فهرس أسماء الأماكن، فهرس أسماء الكتب، فهرس الآيات القرآنية، فهرس الأحاديث النبوية، فهرس الأبواب، فهرس الموضوعات، فهرس المصادر . إلى غير ذلك من الفهارس التي تختلف باختلاف الكتب، ويكون بعضها حسب ترتيب موضوعات الكتب كفهرس الموضوعات، ثم تقدمت الوسائل الفنية في هذا الميدان بعد أن كثرت الكتب والمجلات والوثائق التي ينبغي للباحث الرجوع إليها، فاستخدم العلم الآلة في خدمة الإنسان، فوفر له الجهد الكبير والوقت الطويل، فاستخدم العلم الآلة في خدمة الإنسان، التي تتسع لتخزين كافة التشريعات والأحكام والنظم القانونية من كافة بلدان العالم، لتكون في خدمة رجل القانون. ولا ينبغي بحال من الأحوال أن تكون الشريعة الإسلامي بمنأى عن الاستفادة. ١ أوصى مركز السلام العالمي بإنشاء مركز دولي للإعلام القانوني في جنيف لهذا الغرض مجلة الوعي الإسلامي عدد ٦٧ رجب ١٣٩٣هـ، ركن الموسوعة. منها في هذه المراكز. وإذا ظلت أحكام الفقه الإسلامي في بطون الكتب القديمة دون ترتيب موضوعي، وفهرسة جزئية تفصيلية، وجمع لما تناثر منها في غير مكانه؛ فإن القائمين على مشروع مراكز الإعلام القانوني يجدون العذر كل العذر في إغفال الاستفادة من الفقه الإسلامي ضمن برامج هذا المشروع. لذا كانت الحاجة ماسة إلى موسوعة فقهية تستخرج الأحكام من بطون أمهات مراجع الفقه الإسلامي في المذاهب المختلفة، وتعرضها بأسلوب موطأ الأكناف، ميسر الفهم، مقسم الفقرات، حتى يسهل الإحالة إليها، ثم ترجمتها إلى اللغات الأجنبية، وبعض الأجهزة الإلكترونية اليوم يستخدم الحروف العربية. ٢- وقد كثر الاهتمام بالدراسات القانونية المقارنة، وسعيا وراء توحيدها بين دول العالم كله أو جله؛ وتقوم منذ عام ١٩٦٤م بإعداد موسوعة دولية للقانون المقارن، وهناك مجامع دولية للقانون في كثير من البلاد الأوروبية تسعى لتحقيق هذا الغرض نفسه،