يعرف الإنسان بأنه كائن توّاق إلى المعرفة فيحصلها بعدة طرق تبعا لاحتياجاته وللوصول إليها يستخدم السؤال كوسيلة منهجية، والأسئلة أنواع فمنها السؤال الذي يحمل مشكلة علمية والسؤال الذي يحمل إشكالية فلسفية، ولاختلافهما الظاهري من حيث التسمية والمنهج والهدف ساد الاعتقاد بأنه لا توجد علاقة بينهما لهذا كان لابد من التحذير من هذا الاعتقاد الذي يبدو ، مخطئا وعليه كان لابد من طرح السؤال التالي ما الفرق بين المشكلة العلمية والإشكالية الفلسفية؟ وما طبيعة العلاقة بينهما؟ إن الاختلافات بين العلم والفلسفة عديدة نذكر منها: من حيث طبيعة الموضوع: المشكلة العلمية مجالها الطبيعة والظواهر المحسوسة وتسمى "الفيزيقا ، هي تبحث عن العلل الأولى للوجود لذلك قال أفلاطون: "الفلسفة هي البحث عن العلل الأولى للوجود". من حيث التخصص المشكلة العلمية محدودة وجزئية أي تهتم بموضوعات خاصة لأنها تتعلق بظاهرة معينة مثلا ظاهرة سقوط الأجسام أو قانون الجاذبية، من حيث اللغة المشكلة العلمية تستعمل التقدير الكمي أي لغة الرياضيات للتعبير عن قوانينها ونتائجها، "الميتافيزيقا". - من حيث المنهج المشكلة العلمية منهجها تجريبي استقرائي يقوم على الملاحظة والفرضية والتجربة واستخلاص القوانين أما الإشكالية الفلسفية فمنهجها عقلي تأملي يقول هوسرل: "من أراد أن يكون فيلسوفا وجب عليه أن ينطوي على نفسه وينسحب داخلها". - من حيث الهدف: المشكلة العلمية تهدف للوصول إلى نتائج دقيقة تصاغ في شكل قوانين والوصول . أما الإشكالية الفلسفية فهي تهدف للوصول إلى حقائق وتصورات والبحث عن الأسباب القصوى البعيدة. إن المتأمل في كل من العلم والفلسفة يجد أنهما يتشابهان من حيث: أن كلاهما سبيل للمعرفة ويعتبران وسيلة لبناء المنتوج الثقافي والحضاري وهما ينبعان من الشخص الذي يتمتع بحب المعرفة والفضول المعرفي. وكلاهما يثير الحرج والحيرة والدهشة والإحراج. - وبذلك تكون صيغة كلاهما استفهامية، مثل تساؤل باستور عن ظاهرة التعفن وتساؤل كانط عن أصل المعرفة وما هو دور كل من العقل والحواس يقول غاستون باشلار: "كل" معرفة في نظر الروح العلمية جواب عن سؤال وإذا لم يكن هناك سؤال فلا حديث عن الروح العلمية". كما أن كلاهما عمل منظم منهجي يهتم بموضوع ما ويتماشى مع طبيعته. وكلاهما يعتمد على مهارات مكتسبة لتأسيس المعرفة. كما أن كلاهما دليل على عظمة الإنسان وقدرته على الاجتهاد والإبداع لتجاوز جهله. أوجه التداخل: إن الملاحظ عمليا هو أن العلاقة بين العلم والفلسفة تكاملية إذ يمكن القول إن المشكلة العلمية هي نتاج الإشكالية الفلسفية لأن هذه الأخيرة هي التي عبرت عن حيرة الإنسان تجاه الوجود ككل وما وراء الطبيعة وبعدها انشغل الإنسان بالظواهر الطبيعية وكيفية حدوثها ، أي أن الحيرة الفلسفية تولدت عنها الحيرة العلمية،