تكونت الوثائقالعثمانية بالجزائر نتيجة تسجيلات مستمرة لأوامر وتعليمات وقرارات كانت تصدر عن حكام الايالة(وموظفي البايلك، وقد ترتب عن طبيعة تكوين هذه الوثائق تداخل المعلومات السياسية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية، بحيث لا يمكن الاستغناء عنها، رغم ما يترتب عن هذا التداخل من صعوبة في استخلاص المعلومات وترتيبها، والانتفاع بها في الكتابة التاريخية. وقد تأكدت أهمية هذه الوثائق بصفة خاصة من كون العهد العثماني بالجزائر تميز عموما بقلة الإنتاج المخطوط مع توفر الوثائق الأرشيفية. ومن الأصول الضرورية في الدراسات التاريخية. وقد تكونت هذه الوثائق من خلال الرسائلالرسمية أو شبه الرسمية، ولقد جاءت هذه الوثائق التي هي موضوع البحث على شكل رسائل حررها مجموعة من موظفي الإدارة العثمانية، والتي رسمت الخطوط العامة للمجتمع الجزائري أواخر العهد العثماني على مستوى كل مناطقه. إن أهمية هذه الوثائق تكمن في طبيعة المادة التي تحتويها، وتنوع الموضوعات التي تتصل بها، فهي فضلا عن كونها تهتم بالحياة السياسية والمسائل الإدارية والقضايا الشرعية، فإنها أيضا تمس الحياة الاجتماعية والثقافية. ومن أجل دراسة مضمون هذه الوثائق وطبيعة مادتها كان لا بد من معالجة كل جوانبها، مع الأخذ بعين الاعتبار بأن محاولة كهذه سوف تواجهها العديد من العقبات، ومن جملتها تداخل الموضوعات التي تناولتها وتنوعها. بحيث أصبح من الصعب دراسة مجال دون الآخر. كما لم تكمن الصعوبة في تناول هذه المجالات بقدر ما كانت في طريقة التعامل مع المعلومات الواردة فيها، إذ تميزت في الكثير من الأحيان بالاختصار وعدم الدقة، مما كان اضطرارا منا الاستعانة بمجموعة من المصادر والمراجع لتغطية الخلل أو النقص الموجود فيها، بالرغم من أن هذه الأخيرة تعاني من تكرار المادة التاريخية، وضبط الكثير من المعطيات التاريخية حتى يمكننا صياغة هذه الحقبة بطريقة علمية ودقيقة. وبهذا فدراسة هذه الوثائق تبين الأسس والعادات والتقاليد الاجتماعية لبايلك تيطري أواخر العهد العثماني، مع الأخذ بعين الاعتبار أن كل منطقة كانت مرآة تعكس ما كانت عليه الباياليك الأخرى.