تشتمل اضطراباتُ الصحَّة النفسية على الاضطرابات في التفكير أو الانفعال أو السُّلوك. وتشكِّل الاضطراباتُ البسيطة في هذه الجوانب من الحياة أمرًا شائعًا، ولكن عندما تسبّب هذه الاضطراباتِ الضيق الشديد وتعيق الشخصَ بشكلٍ كبير أو تتداخل مع الحياة اليومية، فإنَّها تعدُّ مَرضًا نفسيًا أو اضطرابًا نفسيًا. وقد تكون تأثيراتُ المَرض النَّفسي طويلةَ الأمد أو مؤقَّتة. يُعاني ما يقرب من 50% من البالغين من مَرَض نفسِي في مرحلة ما من حياتهم. وأكثر من نصف هؤلاء المَرضَى يُعانون من أعراض متوسِّطة إلى شَديدة. وفي الواقع، فإنَّ 4 من أصل 10 أسباب رئيسية للإعاقة أو العجز بين الأشخاص الذين تبلغ أعمارُهم 5 سنوات فما فوق هي اضطرابات في الصحَّة النفسية، حيث يعدُّ الاكتئابُ هو السَّبب الأوَّل في جميع الأمراض التي تسبِّب الإعاقة. ومع أنَّه قد حصل تقدُّم هائل في فهم الأمراض النفسيَّة ومعالجتها، إلاَّ أنَّ الوصمَة المحيطة بها لا تزال قائمة. فعلى سَبيل المثال، قد يُلقَى اللومُ على المصابين بمرض نفسي (بسبب مرضهم)، أو يُنظَر إليهم على أنَّهم بليدون أو غيرُ مسؤولين. وقد يُنظَر إلى المَرض النَّفسي على أنَّه أقلّ واقعية أو أقلّ شرعية من المرض البدني، ممَّا يؤدِّي إلى عزوفِ واضعي السياسات وشركات التأمين عن دفع تكاليف العلاج. ولا يمكن دائمًا تمييزُ المَرض النَّفسي بشكلٍ واضح عن السُّلُوك الطبيعي. فعلى سَبيل المثال، قد يكون التمييزُ بين التفجُّع الطبيعي والاكتئاب صعبًا لدى الأشخاص الذين قد تعرَّضوا لخسارةٍ كبيرة، مثل وفاة أحد الزوجين أو الأطفال، لأنَّ كليهما يشمل الحزن والمزاج المكتئب. وقد يكون الخطُّ الفاصل بين وجود سمات شخصية معيَّنة (كأن يكون الشخص دقيقًا أو منظَّمًا) ووجود اضطراب في الشخصية (مثل اضطراب الشخصية الوسواسية القهرية) ضبابيًا. وبذلك، من الأفضل اعبتار الصحة النفسيَّة والمرض النفسي كسلسلة متَّصلة. يعتمد أي خط فاصل عادةً على مدى شدّة الأعراض، وكم فترة استمرار الأَعرَاض، ومقدار تأثير الأَعرَاض في القدرة على الأداء في الحياة اليومية. ويُعتَقد حاليًّا أن المَرضَ النَّفسي ناجم عن تفاعل معقَّد بين العَوامِل، بما في ذلك: العَوامِل الوراثيَّة، البيولوجية (العوامل الفيزيائية)، النفسية، والعَوامِل البيئية (بما في ذلك العَوامِل الاجتماعية والثقافية).