إن هذا الطرح الإشكالي يجعل المعالجة معنية بدراسة سياق القيم الرمزية والطقوسية التي خلقتها القهوة حولها في آداب الاجتماع والاستقبال والضيافة، ومن ثم يخرج عن هذه المقاربة تناول الجوانب المادية والتجارية للقهوة وأدواتها8. وبعبارة موجزة يتحدد رهان الدراسة في إلقاء الضوء على الممارسة الثقافية لشرب القهوة؛ «آداب وقواعد» ترتبط بمعتقدات وتحمل دلالات، «مواقف وسلوك» تحكمه معايير وقيم وتصورات وتمثّلات، وأخيراً وليس آخراً قيمة ما تعكسه في «ثقافة التمايز والإنفاق الشرفي». 7ولقد مرت القهوة بتطورات مرحلية، أعادت هيكلة جماعة النخبة بصورة جذرية ووفق قيم ثقافية ومعايير جديدة جاء بها مشروع التحديث في حقبة محمد علي باشا وخلفائه، مما يثير التساؤلات حول ما طرأ على نسق تقديم القهوة من تغيرات موضوعية، ذا دلالة أساسية من زاوية اختبار مدى تأثر «ثقافة الاستقبال والضيافة» - ومحورها القهوة - بسياق التطورات التي مر بها المجتمع المصري بصفة عامة ومجتمع مدينة القاهرة على وجه الخصوص،