لأن الترجمة يغلب أن تكون قصة حياة، وأما هذه فأحرى بها أن تسمى صورة حياته،ولأن تكون ترجمة ابن الرومي صورة خير من أن تكون قصة؛قصة نادرة بين قصص الواقع أو الخيال، ولكننا إذا نظرنا في ديوانه وجدنا مرآة صادقة،ووجدنا في المرآة صورة ناطقة لا نظير لها فيما نعلم من دواوين الشعراء،تستحق من أجلها أن يُكتب فيها كتاب.إن مزايا الشعر كثيرة تتفرق بين الشعراء، ويتفرق الإعجاب بها بين القراء، وقد يحرم الشاعر إحداها أو أكثرها وهو بعد شاعر لا غبار عليه؛ وكاللمحة الواحدة من ملامح الجمال تحلو في هذا الوجه، ولا تشابه بينهما في غير الحلاوة؛ ففي العيون ألف عين جميلة لا تشبه الواحدة ولا تتفق اثنتان منها في معاني النظرات ومحاسن الصفات،واحد عند الكلام على جوهر الجمال. يعجبنا في كل شاعر بطراز مختلف وهو شعر سائغ مستملح في كل فالذي يعجبنا من المتنبي غير الذي يعجبنا من البحتري،غير الذي يعجبنا من الشريف الرضي أو من أبي العلاء، والذي يستحق به كل واحد منهم صفة الشاعرية،