مرآة البحرين: تقدّم الدولة في البحرين العقوبات البديلة على أنها اختراع لم يسبقها إليه أحد، وعلى من هو حرّ طليق أن يتحسّر، لأنه لم يفُزْ بفرصة أن يكون محكومًا بهذا النظام العقابي. خلال افتتاحه أعمال المؤتمر الدولي الأول للعقوبات البديلة بحضور عدد من الوزراء ومشاركة من المسؤولين والخبراء والمختصين في مجالات العدالة الإصلاحية والجنائية وحقوق الإنسان، قال وزير الداخلية راشد بن عبد الله إن "العقوبة البديلة ليست مكافأة لمن يُخالف القانون، وليست لمن قد يشكّل خطرًا على الناس والسلم الأهلي". كلام رئيس آلة القمع الأمني في البحرين الذي نظّم أول مؤتمر للعقوبات البديلة لا يحمل سوى نبرة تهديد ووعيد بحرمان السجناء ولاسيّما السياسيين من هذه "النعمة". يريد تصوير الأمر كذلك، وبأن عليهم أن يسعوا ليفوزوا بهذه الجائزة. لم يشبع الوزير من سجن النشطاء وأصحاب الرأي والمدافعين عن الحقوق. شهيّته ما تزال مفتوحة لمزيد من التضييق. يقول إن "العقوبة البديلة بمثابة حبل النجاة، لمن أدرك خطأه واختار مسار الصواب واقتنع بحياة المشاركة وتحمل مسؤوليته الوطنية". عندما يستخدم الوزير كلمة "لمن يخالف القانون" في حديثه، ثمّ يتبعها بـ"من قد يشكّل خطرًا على الناس والسلم الأهلي"، فهو يفرض تمييزًا بين السجناء، فكلامه هذا قد يُفسّر أيضًا على أنه استمرار لاعتقال من يراه خطرًا على صورة النظام وهيبته كرموز المعارضة ربّما. لا يستوي الحديث عن العدالة الجنائية مع قضية المعتقلين السياسيين، الذين لم يقترفوا جُرمًا أو جناية، بل خالفت السلطة المواثيق الدولية التي تكفل حرية تعبيرهم، وانقلبت على ما ينصّ عليه الدستور البحريني في مادته الـ23. بالعودة إلى تصوير العقوبات البديلة على أنها إنجاز غير مسبوق، أكثر من انتقاد يوجه إلى النظام العقابي هذا ويمكن إدراجه كالآتي: * الانتقائية في التطبيق، إذ أنه في الغالب يُمنح لعدد محدود من السجناء، ويُقال إن الاختيار يتمّ بناءً على اعتبارات غير واضحة، ممّا يفتح الباب أمام التمييز أو الوساطة. * انخفاض نسبة المعتقلين السياسيين من مجمل أعداد المحكومين المستفيدين من هذا النظام، * التقييد البارز، إذ أن بعض من نالوا عقوبات بديلة أفادوا بأنهم يخضعون لرقابة شديدة أو لقيود تعادل أو تقترب من ظروف السجن، كالتوقيع اليومي في مراكز الشرطة أو منع السفر. * غياب الشفافية حول آليات منح العقوبة البديلة، إذ لا توجد معلومات مُتاحة للرأي العام حول كيف تُقيّم الطلبات. * تجميل صورة السلطة وتثبيت فكرة أنها تتعامل بإنسانية مع ملفّ السجناء. وعليه، وعدالة في التطبيق، وشمولية لا تستثني أحدًا على أساس الرأي أو الخلفية السياسية. والأهمّ أن نجاح هكذا نظام عقابي في البحرين يظل مرهونًا بالإرادة السياسية الجادّة التي تبتعد عن أدوات تجميل الواقع، ولا تلتفّ على مطالب الإصلاح الحقوقي، مع عدم إغفال حق المحكومين السياسيين بالحرية غير المشروطة،