أثر الادب الاندلسي في الآداب الاوربية . بات من المؤكد أن الادب العربي في الاندلس كان رافداً من الروافد التي صبت في الأدب الاسباني بوجه خاص وفي الآداب الاوربية بشكل عام، ولم يكن الادب سوى فرع من فروع الشجرة الكبيرة التي نمت في الأندلس وأتت ثمارها المتنوعه في ميادين المعرفة كافة ، ولم يترك التقدم الحضاري الذي أحرزته الاندلس آثاره في الثقافه العامة في شبه الجزيرة الايبيرية بل تجاوزها الى دول اوربية اخرى. وكان من أثر هذا الانفتاح على الحضارة الاوربية إقبال المتنورين من علماء اوربا على الثقافة العربية بكل ضروبها وانكبابهم عليها بنهم وشغف شديدين ، فقد ظلت ترجمة كتبهم المصدر الوحيد للتدريس في جامعات اوربا خمسة او ستة قرون فيما يذكره غرستاف لوبون. ومن الخطأ أن نتصور تأثير الحضارة العربية في الحضارة الاوربية اقترن بسنوات سيادة دولة المسلمين في الاندلس ، فيما عدا اسبانية وصقلية بطبيعة الحال. لقد مضت مراحل التأثير في الحضارة العربية في ثلاثة اشواط هي:- عصر التأثير غير المباشر، وعصر الترجمة من العربية الى اللاتينية ، واستمرت حركة الترجمة في القرن السابع الهجري مقرونة بشخصية الفونسو العاشر الملقب بالعالم (650-681) حيث انتشرت حركة ترجمة الكتب من العربية ولم يقتصر على كتب العرب انفسهم بل كتب الامم الاخرى التي ترجمت الى العربية . واما العصر الاخير فيمثل القرون الثلاثة الاخيرة من السيادة العربية في الاندلس وقد اتصف هذا العصر ب ((القبول الاعمى لكل ما هو عربي والنظر اليه بوصفه الحجة النهائية)). وسنتوقف وقفة متأنية لتبين مجالات التأثير في الحضارة الاوربية – فيما يعنينا- 2- اثر الشعر الاندلسي في الشعر الغنائي الاوربي. ومن أقدم المحاولات لرصد اثار اللغة العربية في اللغتين الاسبانية والبرتغالية ما قام به فرانشسكوا مارينا حين احصى الالفاظ القشتالية ذات الاصل العربي المختصر وذلك سنة 1805 يليه المعجم اللغوي الذي اعده دوزي وانحلمان بعنوان ((معجم الكلمات الاسبانية والبرتغالية المشتقة من العربية )) وصدرت الطبعة الاولى منه سنة 1861 . والف ايكيلاث (( معجم اشتقاقي للكلمات الاسبانية ذات الاصول الشرقية )) غرطانه 1886. وتتابعت المؤلفات في هذا الاتجاه على نحو ما يحصيه الدكتور حكمت الاوسي في بحثه عن التأثير العربي في الثقافة الاسبانية فيشير الى بحوث تناولت الالفاظ العربية والاسبانية والبرتغالية وبعض اللغات الاوربية الاخرى . ويشير المستشرق مونتكمري واط على نحو تفصيلي الى ابعاد التأثير اللغوي للعربية في فنون الملاحة والمنتوجات الزراعية والمعادن في ضروب حياة الترف فيؤكد أن أكثر اسماء الالات الموسيقية من اصل عربي مثل العود والقيثارة والربابة والنقارة مما يشير الى إن هذه الالات دخلت اوربا بواسطة العرب . زمع هذا التداخل بين اللغة العربية واللغتين الاسبانية والبرتغالية يقرر عباس محمود العقاد ان هذه المفردات تملأ معجما غير صغير ،