ممثل الحاكم: واقعية زايد وسياساته جاء تعيين الشيخ زايد بن سلطان ممثلاً للحاكم في العين في أعقاب الحرب العالمية الثانية استجابة للظروف السياسية المحلية والدولية المتغيرة. وفيما يتعلق بتاريخ أبوظبي فقد جاء التعيين ليمثل تطوراً على قدر كبير من الأهمية، إذ إنه يعكس أهمية العين في تاريخ الدولة وتطورها . ومنذ عهد الشيخ شخبوط بن ذياب في عشرينيات القرن التاسع عشر لم يسبق لأحد أعيان عائلة آل نهيان أن حكم منطقة العين . 33 في أواخر عام 1945 توفي في العين الشيخ خليفة بن زايد الكبير عميد أسرة آل نهيان ، ورغم تقدمه في السن فإنه على حد تعبير المقدم جالواي Galloway ، المقيم السياسي في البحرين حينذاك : كان رجلاً له دوره البارز في تسيير شؤون أبوظبي، وكان المستشار الرئيسي للشيخ شخبوط والمؤتمن على أسراره . 3 ورغم أنه لم يكن يشغل منصباً رسمياً في العين، فإن وفاته قد تركت فراغاً في الساحة السياسية، وسارع الشيخ شخبوط إلى ملء هذا الفراغ بتعيين أخيه الأصغر الشيخ زايد ممثلاً رسمياً له . غير أننا لا تعرف تاريخاً محدداً ومؤكداً لتعيين الشيخ زايد في هذا المنصب، ولم يباشر الشيخ زايد مهام منصبه لأنه كان يرافق ابن عمه الشيخ محمد بن خليفة في رحلة إلى الهند. ثم شد الرحال إلى العين بعد ذلك بمدة وجيزة . ولكن المؤكد أنه عندما زار ا أحد مسؤولي النفط البريطانيين واسمه بي . إتش . لیرمایت Lamitte . منطقة العين في 15 شباط / فبراير 1946 تقريباً من 35 السنة نفسها ، كان الشيخ زايد موجوداً في العين واستقبله هناك . 36 وسرعان ما واجه ممثل الحاكم المعين حديثاً في العين بعض المشكلات الملحة، فقد كانت واحة العين المنطقة الوحيدة من إمارة أبوظبي القابلة للزراعة بشكل مستمر ومتواصل، وبالتالي فإن رخامها كان مرتبطاً بتوافر الماء، وقد كلفت مجموعة من المسؤولين ( العرفاء) بصيانة الشبكة وتوزيع المياه، غير أن أعمال الصيانة توقفت نظراً لقلة الاعتمادات المخصصة لها أو انعدامها بسبب الأزمات المالية الشديدة التي تعرف تعرضت لها الإمارة في فترة الثلاثينيات. وقد تناقص تدفق الماء في بعض الأفلاج، كما توقف تماماً في بعضها الآخر، واحتبس في مناطق أخرى بسبب عدم إزالة العوالق والترسبات بشكل منتظم، وفضلاً عن ذلك أدى ضعف نفوذ حاكم أبوظبي في الواحة إلى عجز العرفاء عن القيام بمهامهم بالنزاهة المطلوبة، ويوماً بعد يوم أضحى الحصول على الماء الذي يعد أثمن ما في هذه المنطقة القاحلة مقصوراً على كبار الشخصيات والأعيان، وعلى الأثرياء القادرين على الدفع مقابل الحصول على هذا الامتياز. لذا كانت أول مهمة اقتصادية وإنسانية واجهت الشيخ زايد عند تعيينه ممثلاً للحاكم في العين عام 1946 هي ضمان حسن إدارة موارد المياه وإعادة انسيابها وتوزيعها، وكان ذلك يمثل أهم الخدمات التي ينتظرها الناس،