استيقظت فجأة على صراخ زوجتي وهي تقول: أريد أن أسافر. فركت عيني وارتسم الاندهاش على وجهي، فقلت لها: من أين يا حسرتي؟ ردت عليَّ وهي تتنهد: لا أعرف، لم يكن لدي خيارا سوى أنني أفعل ما تريده. فخرجت مسرعاً من البيت لحجز تذاكر السفر. أخذنا حقائبنا وركبنا السيارة متجهين إلى المطار، صعدنا الطائرة وبدأنا نبحث عن مقاعدنا وجلسنا، كانت زوجتي مندهشة فكانت تناظر أطراف الطائرة وتشاهد الركاب وهم يضعون أمتعتهم، سألتها: سعيدة يا حبيبتي؟ فكان جوابها: الي أين يا حسرتي، الناس تسافر إلى بلجيكا إلى أوروبا إلى استراليا. أطبقت بيدي على فمها وأنا أحوقل وأتمتم بعباراتي غير المفهومة. بدأت زوجتي بالنظر كالبلهاء في السماء وهي تلتقط الصور، سألتني بلهفة: كم مضى من الوقت؟ فقلت لها: ثلاث ساعات أو أكثر، وفجأة انتبهنا على صوت قائد الطائرة، يطلب منا أن نربط أحزمة الأمان فهناك مطبات هوائية، صرخت زوجتي في وجهي، تقول: هل نحن في الشارع من أين جاءت هذه المطبات؟ قلت لها: اذكري الله لقد فضحتنا. بدأت الطائرة تقفز كضفدع فزعة، ثم ارتجت رجة قوية، ورأيت المضيفات يتراكضن لتهدئة الأطفال الذين شرعوا في البكاء. عاد صوت قائد الطائرة يدعونا للتمسك جيداً مطب هوائي جديد. بدأت أردد الشهادتين وبقراءة آية الكرسي، بدأ الجفاف يزحف إلى حلق زوجتي، كانت تنظر إلي بعينين خائفتين ونادمتين أشد الندم. عندما أنظر إلى زوجتي وهي خائفة كنت أفكر بأنها قد تابت وندمت على ما فعلت للناس من ظلم وما فعلت بي، فبدأت أرقيها بآيات الله وأهدئ فيها، لا أدري كم مر من الوقت حتى انسلب صوت القائد يبشرنا بتجاوز المطبات الهوائية، عادت الدماء تجري في أوصالنا من جديد، السيدة التي كانت خلف زوجتي اقسمت ألا تركب طائرة أبدا، وزوجتي اغمضت عيناها فكنت أرى الخوف والقلق يسري في أوصالها. بدأت زوجتي بالتصوير وسبقتني في النزول من الطائرة، ظلت تدور وتمشي وهي متعجبة وكاميرتها لا تفارق يدها فهي تصور كل شيء تراه، وفجأة لاحظت أنها تبحث عن شيء ما، سألتها: عن ماذا تبحثين؟ لم تجب على سؤالي، توقفت عند كبينة الهاتف العمومي وبدأت بإدارة الأرقام، واستمررت في النظر إليها حتى أجيب الهاتف، قالت بصوت عال يسمعه الجميع: "علياء، كان الله في عونكم وأنتم تتلظون في الحر ".