وعندما قدم الكنعانيون من جزيرة العرب (2500 ق. م) أصبحوا السكان الأصليين للبلاد، وقد أنشأوا ما لا يقل عن مائتي مدينة وقرية في فلسطين، مثل مدن بيسان وعسقلان وعكا وحيفا والخليل وأسدود وبئر السبع وبيت لحم. فظل مستقرا فيها إلى أن توفاه الله في المدينة التي حملت اسمه "الخليل"، وقد سار على دربه أبناؤه الأنبياء ومن بعده إسماعيل وإسحاق وابنه يعقوب، غير أن بني إسرائيل قد طبعوا على الذل والجبن ورفضوا الذهاب إلى الأرض المقدسة قائلين لموسى: "اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون" وتوفي موسى عليه السلام قبل أن يدخل فلسطين، وعندما نشأ جيل جديد صلب من بني إسرائيل بعد أربعين سنة من التيه، قادهم يوشع بن النون عليه السلام واستطاع تحقيق بعض السيطرة لبني إسرائيل في الجزء الشمالي الشرقي من فلسطين، ولمدة 150 سنة تالية سادت النكبات والخلافات والانحلال الخلقي والديني بين بني إسرائيل، ثم خلفه ابنه سليمان عليه السلام حيث شهدت فلسطين حركة بناء وعمران وازدهار ضخمة، وبعد وفاة سليمان عليه السلام، فنشأت مملكة "إسرائيل" شمال فلسطين حيث ضعفت وفسد حكامها وانتهى حكمها بسيطرة الآشوريين، وقد تم تدميرها ونقل سكانها من بني إسرائيل إلى حران والخابور وكردستان وفارس وأحلوا مكانهم جماعات الآراميين ولم يبق بعد ذلك أثرا لأسباط بني إسرائيل العشرة الذين شكلوا هذه الدولة، وكان حكمهم في غالب الوقت ضعفا مفككا وخضع أحيانا لنفوذ وهيمنة دول قوية مجاورة، في الوقت نفسه ظل أبناء فلسطين من الكنعانيين وغيرهم في أرضهم ولم يهاجروا أو يرتحلوا عنها. أما فتح فلسطين في العهد الإسلامي فكانت أبرز المعارك التي أدت إلى فتحها هي معركة أجنادين بقيادة خالد بن الوليد رضي الله عنه (13هـ، جيش الروم البالغ عددهم 200 ألف، وقد حلت كارثة كبرى في الروم قدرها بعض المؤرخين 130 ألف قتيل. وأدت هذه المعركة إلى فتح بلاد الشام، وجاء عمر بن الخطاب بنفسه رضي الله عنه لاستلام مفاتيح البيت المقدس، وهي المدينة الوحيدة في عهد الراشدين التي تولى خليفة بنفسه استلام مفاتيحها، وقد شارك عمر في الفتح أربعة آلاف من الصحابة وصدح صوت بلال بن رباح فيها بالأذان،