1. نزول الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم: لما تم للنبي صلى الله عليه وسلم أربعون سنة، نزل عليه جبريل بالوحي في يوم الإثنين لسبع عشر خلت من رمضان، وأول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصالحة في النوم، قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: اقرأ. فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: اقرأ. فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني فقال: )اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (سورة العلق، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، إنك لتصل الرحم، وتعين على نوائب الحق، فانطلقت به خديجة إلى ورقة بن نوفل، فقالت له خديجة: يا ابن عم، فقال له ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى، فقال له ورقة: هذا الناموس-صاحب الوحي وهو جبريل- الذي نزل على موسى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو مخرجي هم؟ قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، ثم علي رضي الله عنه وهو ابن عشر سنين، وكان أول من أسلم من العبيد بلال بن رباح الحبشي. 3. فتر الوحي بعد ذلك فترة من الزمن مدة ستة أشهر وهو الصحيح، وأحزنه ذلك كثيرا، ظنا منه أن الله قد تركه وأبعده بعد أن اختاره لشرف الرسالة، فرفعت بصري فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض، فرعبت منه، فرجعت فقلت: زملوني، حتى أسلم عدد من الرجال والنساء ممن عرفوا برجحان الرأي وسلامة النفس. وذلك في قوله تعالى: )فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (سورة الحجر، فوقف على الصفا، ودعاهم إلى الإسلام وترك عبادة الأوثان، 6. بدأت بذلك مرحلة الإيذاء للمؤمنين الجدد ولرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد عظم على المشركين أن يدعو الرسول صلى الله عليه وسلم إلى دين جديد، واشتد أذى المشركين بعد ذلك للرسول وصحابته، وكان الرسول يتلو عليهم ما ينزل عليه من آيات القرآن الكريم، ويعلمهم من أحكام الدين وشرائعه ما كان ينزل حينئذ. 8. رغبت قريش في أن تنال من الرسول صلى الله عليه وسلم، فحماه عمه أبو طالب، ثم طلب بعد ذهابهم أن يخفف من دعوته، فظن أن عمه خاذله، ما تركته(. 9. لما رأت قريش ثبات المؤمنين على عقيدتهم، أو تملكه عليها، لما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم تعنت قريش واستمرارها في تعذيب أصحابه، فهاجروا للمرة الأولى اثنا عشر رجلا، وأربع نسوة، ومن النساء إحدى عشرة. ولا يناكحوهم ولا يخالطوهم، واستمرت المقاطعة سنتين أو ثلاثا، ثم انتهت المقاطعة بمسعى عقلاء قريش. ألقى في قلبه كره ما عليه مجتمعه من ضلال وفساد. وإعدادا روحيا لتحمل أعباء الرسالة، ولما نزل إلى خديجة يستفسرها عن سر تلك الظاهرة التي رآها في غار حراء، 3. إن دعوة الإصلاح إذا كانت غريبة على معتقدات ألمجتمع وعقليته، حتى إذا نال صاحب الدعوة أذى، قام أتباعه المؤمنون بدعوته بواجب الدعوة، وقد استنكروا دعوته أشد الاستنكار، وكان كل همهم القضاء عليه وعلى أصحابه، 5. إن ثبات المؤمنين على عقيدتهم بعد أن ينزل بهم الأشرار والضالون أنواع العذاب والاضطهاد، دليل على صدق إيمانهم وإخلاصهم في معتقداتهم. والدعاة المخلصين تكون دائما وأبدا لأرواحهم لا لأجسامهم، وبهذا تتحرر الجماهير من الظلمات والجهالات. وحرصه على هداية الناس، 8. على الداعية أن يجتمع بأنصاره على فترات في كل نهار أو أسبوع، ليزيدهم إيمانا بدعوتهم، 9. على الداعية أن يهتم بأقربائه فيبلغهم دعوة الإصلاح، فإذا أعرضوا، 10. أن يهيئ لهم مكانا يأمنون فيه من العدوان والظلم. 11. إن المبطلين لا يستسلمون أمام أهل الحق بسهولة ويسر، فهم كلما أخفقت لهم وسيلة من وسائل المقاومة والقضاء على دعوة الحق، ابتكروا وسائل أخرى وهكذا حتى ينتصر الحق انتصاره النهائي ويلفظ الباطل أنفاسه الأخيرة.