وتجسد في الجبر البولي لجورج بول George Boole ومفهوم آلات التفكير Thinking machines التي وضعها آلان تورينج Alan Turing. قدم وارن ماكولوخ Warren McCullouch ووالتر بيتس Walter Pitts أول خلية عصبية اصطناعية AI neuron، وتوقعت شخصيات بارزة حينها مثل هربرت سايمون Herbert Simon ومارفن مينسكي Marvin Minsky أن الآلات الذكية ستتمكن من الوصول لمستوى الذكاء البشري في غضون جيل واحد. لاحقًا شهدت فترة الثمانينات عودة الاهتمام بأبحاث الذكاء الاصطناعي بفضل النجاح التجاري الذي حققته الأنظمة الخبيرة Expert Systems أحد أشهر تطبيقات الذكاء الاصطناعي والتي تعد عبارة عن أنظمة مبنية على قواعد تُقلد الاستدلال البشري. وهذا ما أدى إلى تطوير مجموعة من التطبيقات مثل مُرشحات البريد الإلكتروني المزعج Email spam filters وأنظمة التوصية المستخدمة في مواقع مشهورة مثل Netflix وأنظمة التنبؤ المالي وتوقع أسواق الأسهم. مع حلول عام 2012 طرأ تحول كبير على الذكاء الاصطناعي فقد تحسنت قدرات الحواسيب وتطورت المعالجات CPU ووحدات معالجة الرسومات GPUs من جهة، وقد بلغت تطبيقات الذكاء الاصطناعي المعتمدة على التعلم الآلي ذروتها في الوقت الحالي وطبقت في مختلف المهام بدءًا من المهام البسيطة كترشيح الرسائل المزعجة إلى المهام المعقدة كالمركبات ذاتية القيادة وأدوات التشخيص الطبي، يستخدم المُهندسون أدوات وتقنيات متنوعة لتدريب خوارزميات التعلّم الآلة والذكاء الاصطناعي على البيانات للحصول على نماذج Models يمكنها إجراء توقعات أو تصنيفات. يمكن لنموذج مُدرّب على مجموعة بيانات تحتوي على صور للقطط والكلاب التفريق بينهما بناءً على أنماط تعلمتها الخوارزمية خلال التدريب. تَخدم نماذج التعلم الآلي تطبيقات متنوعة بما في ذلك أنظمة الأمان التي تراقب تسجيلات الفيديو التي تسجلها الكاميرات وتكتشف وجود محاولات اقتحام محتملة من خلال تحليل بيانات الفيديو، كما يُمكن للمساعدين الصوتيين مثل سيري Siri وأليكسا Alexa معالجة الكلام والرد على استفسارات المستخدمين، مثلًا يمكنه تحديد ما إذا كانت الصورة (دخل) تحتوي على قطة أو كلب (أي قرار يُمثل الخرج) أو تحديد أفضل مسار إلى الوجهة (كما في تطبيقات الخرائط) أو تقدير احتمالية وجود ورم في صورة الأشعة السينية. أما الذكاء الاصطناعي التوليدي -والذي يُعتبر فرع من فروع تعلّم الآلة- فهو يستخدم الشبكات العصبية لإنشاء محتوى جديد كليًا. وتفيد نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي في مجالات عديدة مثل نماذج إنشاء الصور مثل DALL-E التابعة لشركة OpenAI والذي تعتمد على مجموعات ضخمة من الصور لتوليد صور جديدة، ونماذج إنشاء النصوص مثل ChatGPT التابعة لنفس الشركة الذي يولد نصوصًا جديدة بالاعتماد على مجموعات هائلة من النصوص التي دُرّب عليها. حيث يمكن لنماذج توليد الصور إنشاء صور متنوعة أو حتى إنشاء لوحات فنية تُحاكي لوحات فنانين أو حركات فنية محددة، وبالمثل يمكن لنماذج النصوص تقليد كُتّاب معينين أو أنواع معينة من الكتابة، وهذا ما ينتج عنه نصوص فنيّة وإبداعيّة أو حتى إنشاء شيفرات برمجية في لغات برمجة متنوعة كما يفعل نموذج CodeLlama. طُلب من النموذج "إنشاء صورة لمدينة مزدحمة من عصر النهضة تسكنها حيوانات مجسمة". لاحظ التفاصيل المعقدة مثل الهندسة المعمارية المزخرفة والأنواع المختلفة من الحيوانات وفي أقل من دقيقة، صورة1 مولدة باستخدام نموذج DALL-E صورة2 مولدة باستخدام نموذج DALL-E إن نماذج إنشاء النص لا تقل دهشة عن نماذج إنشاء الصور فقد أُنشئ النص التالي بواسطة بوت المحادثة ChatGPT، في عتمة الليالي المتوارية وبين أنقاض ماضٍ مليء بالصمت، تتجول قطة منزلية بفضول لا يلين في عالم ما بعد نهاية العالم. لا تزال تحمل في عينيها لمسات الفضول والحيوية. تفتش بين أشلاء الماضي بحثًا عن أي نبرة من الحياة السابقة، ومع كل خطوة تكتشف آثاراً تروي حكايات لا يمكن لأحد أن يسمعها سواها. تمثل تلك القطة الوحيدة مارست الصمود في هذا العالم المهجور، حاملةً معها رمزًا صامدًا للحياة في مواجهة النهاية. كيف تعمل نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي؟ ظن البشر لفترة طويلة أنهم هم وحدهم مصدر الإبداع الفني وأن كتابة القصص أو تأليف الموسيقى أو غيرها من الأعمال الإبداعية سمات إنسانيّة فريدة يصعب تكرارها أو محاكاتها. بينما يتعلم نموذج توليد الصور العلاقات البصرية بين البكسلات وبعدها تستخدم النماذج هذه الأنماط التي تعلمتها لإنشاء محتوى جديد. إليك تشبيهًا مبسطًا يوضح كيف ينتقل نموذج توليد النصوص من المرحلة التدريبية إلى مرحلة الإنتاج. يتعلّم المُتدرّب أثناء دراسته للوصفات العلاقات بين المكونات وتعليمات الطهي وكلما درس المزيد من الوصفات زادت الأنماط التي تعلّمها. كما يساعده معلمه أيضًا على التعلّم من خلال مطالبته بتوقّع ما سيأتي بعد ذلك في الوصفة ويتحقق المُعلّم من توقعاته ويعاقبه على الخطأ في الوصفات ويكافئه على جودتها. وأخيرًا وبعد كل هذا التدريب يطرح المُعلّم تحدّيًا أخيرًا: "اصنع وصفة جديدة لكعكة الشوكولاتة". وتُمنح إمكانية الوصول إلى مجموعات بيانات كبيرة مثل الصور أو مقاطع الفيديو أو الصوت أو النص، هذا بالطبع شرح مبسط بمفردات مفهومة ليساعدك على فهم كيفية عمل نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية، لكن العملية الفعلية أكثر تعقيدًا بالطبع وتتضمن حسابات وخوارزميات رياضيّة معقدة. يظل المبدأ الأساسي كما هو: تتعلم هذه النماذج أنماطًا من البيانات، احترف برمجة الذكاء الاصطناعي AI وتحليل البيانات وتعلم كافة المعلومات التي تحتاجها لبناء نماذج ذكاء اصطناعي متخصصة. دورة الذكاء الاصطناعي AI المفاهيم الخاطئة حول الذكاء الاصطناعي التوليدي هل أصبحت نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية مُدركة أو واعية؟ هل نماذج الذكاء الاصطناعي التوليديّة خالية من التحيّز؟ ملاحظة: يشير مصطلح التحيّز Bias في سياق الحديث عن المعلومات التي تولّدها أو تنتجها نماذج الذكاء الاصطناعي إلى فكرة ميل إجاباتها لأفكار أو منطق أو اتجاهات معينة. قد تُنتج النماذج المُدرّبة على نصوص تتضمّن تحيزات عنصرية أو عرقية (مثل التمييز بين البيض والسود)، هل نماذج الذكاء الاصطناعي التوليديّة دقيقة؟ هل سيحل الذكاء الاصطناعي مكان عملي؟ فكما فقد الأشخاص الذين كانوا يعملون في إضاءة الشوارع وإشعال الفوانيس عند الغسق وإطفائها عند الفجر في القرن السادس عشر عملهم عند اختراع الكهرباء والمصباح الكهربائي، فقد أظهر التاريخ دائمًا أن التغيير هو الثابت الوحيد والتكيّف مع هذا التغيير المستمر هو المفتاح لمواصلة النجاح. ما هي المخاوف الأخلاقية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي التوليدي؟ قد يؤدي ذلك إلى نشر المعلومات الخاطئة وقد تُستخدم قدرة هذه النماذج على إنشاء شيفرات برمجية في مجموعة واسعة من لغات البرمجة لأداء عمليات الاختراق تلقائيًا بمساعدة الذكاء الاصطناعي. ستؤدي نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى تبني التحيزات الاجتماعية الموجودة في بيانات التدريب، حيث تُستخدم النتائج المُتحيّزة كبيانات تدريب للنماذج المستقبلية مما يُعزز التحيّز أكثر. وبالتالي فإن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في اتخاذ قرارات تؤثر في حياة الناس، المعلومات الخاطئة والأخبار الزائفة وقد يؤدي استخدام البيانات الخاصة في تدريب النماذج -مثل السجلات الطبية- إلى كشف هذه النماذج عن غير قصد عن معلومات حسّاسة. من ناحية أخرى يمكن استخدام البيانات العامة -مثل منشورات وسائل التواصل الاجتماعي- لاستنتاج معلومات خاصة عن الأفراد، يتجاوز الذكاء الاصطناعي التوليدي النظام القانوني ولايتقيّد به، وهذا ما يُثير تساؤلات حول الملكية الفكرية وحقوق المحتوى الذي يُنتجه الذكاء الاصطناعي. يُشكل ذلك قلقًا خاصًا بالنسبة لمُنشئي المحتوى الإبداعي، تحل روبوتات الدردشة الآلية حاليًا محل مُمثلي خدمة العملاء، إذ يمكن أن تؤدي النتائج غير المتوقعة إلى وقوع حوادث أو إصابات أو حتى خسائر في الأرواح. لهذا يتطلب استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في التطبيقات المهمة دراسة متأنية واختبارات مكثّفة لضمان سلامة مستخدميه. وهذا يطرح تساؤلًا مهمًا من المسؤول عندما يرتكب نموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي خطأً ما؟ وكيف يمكننا ضمان استخدام هذه النماذج بطريقة مسؤولة؟ هذه أسئلة تحتاج إلى دراسة وبحث متأنيين. حالات استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لنستكشف بعض الصناعات وحالات الاستخدام المختلفة حيث يُطبّق الذكاء الاصطناعي التوليدي أو لديه الإمكانية للتطبيق. مما يجعل القطاع المالي الغني بالبيانات مكانًا طبيعيًا لتطبيق الذكاء الاصطناعي التوليدي. كذلك نستطيع استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنشاء روبوتات الدردشة والوكلاء الافتراضيين الذين يعملون كمُمثلين لخدمة العملاء يعملون على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع. بما في ذلك التصوير الطبي واكتشاف الأدوية ورعاية المرضى والتنبؤ بتطور الأمراض. يُستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي لأتمتة عمليات اكتشاف الانتحال وإنشاء مشاكل للتدرّب على حلّها وتقديم تغذية راجعة أو تعليقات لهم. تستفيد شركات مثل تويوتا ومرسيدس وبي إم دبليو من الذكاء الاصطناعي لتسريع سير العمل وتحسين الإنتاجية ودفع الابتكار. يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي أن يُحدث تحوّلًا جذريًا في صناعة الترفيه إذ يمكن استخدامه في إنشاء المحتوى النصي والموسيقى والأفلام وألعاب الفيديو. بالرغم من أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يوفّر الوقت والجهد إلا أن إمكانيته لإنتاج معلومات مزيفة تتطلب اعتبارًا ورصدًا دقيقين. بما في ذلك تحسين تدفق حركة المرور وتحسين الاستعداد للكوارث وتحسين النمو المستدام وتعزيز إمكانية الوصول والسلامة في الأماكن الحضرية. يمكن استخدامه لتحسين إنتاجية المحاصيل وتقليل استخدام المبيدات الحشرية ومنع الخسائر في المحاصيل وحتى تصميم البروتينات النباتية. قد يكون لها تأثير سلبي على البيئة) ويعتبر ذلك مصدر قلق متزايد يجب معالجته من أجل ضمان أن يكون الذكاء الاصطناعي جزءًا من مستقبل مستدام. كيف يبدو مستقبل الذكاء الاصطناعي التوليدي؟ فقد تمكنت نماذج النصوص والصور والصوت والفيديو بالفعل من إنتاج محتوى يشبه إلى حد كبير ما يُنتجه الإبداع البشري ويتوقع أن تزداد جودة ودقة المحتوى في المستقبل القريب. طبعًا يمكننا استخدام نماذج أصغر وأقل قوة يمكنها أن تعمل على أجهزة محمولة معينة إلا أن ذلك يؤثر على أداءها وقوتها وتبنيها، لذا يمكننا أن نتوقع وجود توجهات تعالج هذه القضايا كتصميم الأجهزة والنماذج بطريقة تجعل الوصول أكثر انتشارًا وأوسع نطاقًا. يتيح ذلك تجارب أكثر تخصيصًا ونماذج تلبي التفضيلات الشخصيّة كما يساهم في تغيير الطريقة التي نتفاعل بها مع البرامج والخدمات، تُنشأ حاليًا أنواع مختلفة من المحتوى (كالفيديو والنص) وكل منها تُنتج بسرعات متفاوتة، وهذا يُشير إلى احتمالية ظهور تطبيقات جديدة وفريدة لاسيما عندما تكون نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي قادرة على إنشاء محتوى في الزمن الحقيقي. أن تُقدم للاعبين تفاعلات فريدة من نوعها وهذا الخروج عن الأساليب التقليديّة يمكن أن يحوّل صناعة الألعاب ويجعلها أكثر تميّزًا. قد تظهر أساليب جديدة ومبتكرة تتضمن تفاعل الطلاب مع معلمين رقمييّن يلبون أساليب التعلّم المُخصصة والقابلة للتكيّف مع حاجات الطلاب. وذلك اعتمادًا على التفضيلات الشخصية وبهذا يمكن للطالب اختيار طريقة التعلم التي تناسبه. ستوفر التطورات في الواقع المعزز Augmented reality والواقع الافتراضي Virtual reality طرقًا جديدة للذكاء الاصطناعي التوليدي، قد يتحوّل دور مُنشئي المحتوى التقليدي نحو إنشاء بيانات التدريب وتنظيمها والحفاظ عليها فالحفاظ على بيانات التدريب حديثة وذات صلة بالمجال المُحدّد يمكن أن يضمن بقاء المحتوى المُنشأ ديناميكيًا ودقيقًا وحديثًا.