لاشك أن العلاقة وطيدة بين علم الاجتماع، فبحكم أنه فرع من فروع علم الاجتماع، وانتظام سلوكهم وتوافقهم في المجتمع، وهو في ذلك كله يستند إلى مبادئ علم الاجتماع ومناهجه. ومن ثم نجد أن الصلة قائمة بينه وبين علم الاجتماع في جوانب أساسية متعددة. يقتضي بنا الحال أن نعرض بادئ الأمر الكيفية التي برزت فيها أهمية قيام علم الاجتماع الجنائي في مجال فهم السلوك الانحرافي. أو نتاجاً لظروف اقتصادية سيئة. كما أن بعض علماء الاجرام قد تبنوا بعض الاتجاهات السيكولوجية في فهم الجريمة. وبالمثل ظهر الاتجاه الذي يهتم بالعوامل الاجتماعية والاقتصادية فى فهم السلوك الاجرامي. ورغم ظهور هذه الاتجاهات إلا أن هناك اتجاهاً حديثاً يهتم بتفسير الاجرام بالاستناد للعوامل البيولوجية، فإن ثمة اتجاهات متناقضة في تفسير الانحراف والجريمة، وعلى وجه الخصوص بين التحليل النفسي والأمراض العصبية من ناحية، والجانب الاجتماعي من ناحية أخرى. حيث أن الاتجاه الأول وهو التحليل النفسي يؤكد على العوامل الفردية، في حين أن الاجتماعيين يؤكدون على مجموعة العوامل المرتبطة بالمعايير الاجتماعية والاتجاهات (٣) . ثم نجد مارشال كلينارد يؤكد أن علم الاجتماع، إذ أن علم الاجتماع قد أثرى البحث في علم الاجرام، فقد ترتب على عدم التقبل والرضاء لدى بعض علماء الاجتماع بمدخل علم الاجرام، تأثيرات واضحة في بعض الجوانب المتعلقة بالمدخل السسيولوجي، ورغم ما طرأ من تحسين على المداخل المنهجية لدراسة السلوك الاجرامي، فما زال علماء الاجتماع العاملون في مجال علم الاجرام، وذلك لكي يتعادل مدخلهم مع التقدم الحادث في مجال الدراسة الاجتماعية النفسية للانحراف بصورة عامة، وإذا ما أخذنا دور علم الاجتماع، وعلاقته بالسلوك الانحرافي بصورة عامة، لوجدنا أن عالم الاجتماع يهتم بالعلاقة بين السلوك الاجرامي والعمليات الديناميكية للحياة الاجتماعية، في المجتمع وتفشى الانحراف والسلوك الاجرامي بين جماعات معينة. وكيف ينتج البناء الاجتماعي للطبقة، وتأثير العمليات الاجتماعية الكبرى مثل التحضر Urbanization على العمل الاجرامي (1) . Complex ومن ثم أصبح السلوك الإجرامي لدى علماء الاجتماع، وبالنسبة لعلماء الاجتماع أيضاً تعتبر الجريمة نتاجاً لمواقف مكتسبة من خبرة الحياة المتوفرة لدى الأشخاص، بمعايير السلوك والأفكار والمعتقدات فجميعها من طبيعة الجماعة، وطبقاً لعلماء الاجتماع الذين يهتمون بالدور الذي يلعبه الشخص في الجماعات المنحرفة، ويركزون على التفسيرات الاجتماعية للسلوك الاجرامي. وقد اتضح من الكتابات والبحوث السسيولوجية المرتبطة بعلم الاجرام في السنوات الأخيرة، أن مارشال كلينارد قد اهتم بتحليل تلك الموضوعات في دراسته السسيولوجية للانحراف والجريمة، وفى دراسته لاسهامات علم الاجتماع في فهم السلوك المنحرف (۱) . وقد ذهب كلينارد إلى أن ثمة عدداً من علماء الاجتماع، يحاولون الإفادة من علم الاجتماع، من حيث النظرية والمنهج في تناول العديد من المشكلات الاجتماعية، وجناح الاحداث والامراض العقلية وادمان الخمور والانتحار ويستدل مارشال كلينارد في ذلك بالاهتمام المتزايد من المؤسسات الاجتماعية، واشراك العديد من علماء الاجتماع في لجان هذه البحوث. وقد ساهمت هذه البحوث الاجتماعية في عملية بلورة مجموعة من النظريات والمفاهيم السسيولوجية حول الانحراف، علاقة السلوك المنحرف بالمعايير الاجتماعية، ومن ثم دار حوار (كلينارد) بالنسبة لاسهامات علم الاجتماع في دراسة الانحراف والسلوك الاجرامي حول هذه المفاهيم الأساسية. وقبل أن نتناول بالتحليل اسهامات علم الاجتماع، بالنسبة لعلم الاجتماع الجنائي من حيث النظرية، في مجال الانحراف والسلوك الاجرامي، يجدر بنا أن نعرض للصعوبات النظرية والمنهجية التي واجهت البحث في مجال الجريمة والانحراف، والتي تعد بمثابة معضلات علمية بالنسبة لعلم الاجتماع الجنائي.