بدأ الإصلاح الديني "البروتستانتي" في ألمانيا، عندما نشر المعلم والراهب مارتن لوثر وثيقة سماها "نزاع حول قوة الانحلال" أو "القضايا الـ95"، كانت الوثيقة عبارة عن سلسلة من 95 فكرة عن المسيحية، دعا الناس لمناقشتها والتفكير بها معه، وقد كانت هذه الأفكار مثيرة للجدل لأنها تتعارض بشكل مباشر مع تعاليم الكنيسة الكاثوليكية.٢] تحدت تصريحات مارتن لوثر دور الكنيسة الكاثوليكية كوسيط بين الناس والله، وتحديداً بما يتعلق بنظام التساهل والانحلال، والذي كان يسمح للناس بشراء شهادة عفو أو ما يدعى "صك الغفران" عن عقاب خطاياهم، وقد جادل لوثر محرضاً ضد ممارسة شراء أو كسب الغفران بالمال، مؤمنًا بدلاً من ذلك أن الخلاص هو هدية يعطيها الله للمؤمنين الحق.٢] أسباب الإصلاح الديني في أوروبا هناك عدة أسباب أدت إلى وجوب الإصلاح الديني في أوروبا، أهمها ما يأتي: أسباب دينية عانت الكنيسة عشية الإصلاح من العديد من الممارسات الخاطئة التي شوهت إلى حد كبير سمعة الكنيسة ورجال الكنيسة، فقد كانت المنظمة الكنسية بأكملها من البابا إلى الكاهن فاسدة، وقام بعض رجال الدين بجمع ثروة طائلة وكانوا يعيشون حياة مترفة.٣] غالبًا ما استخدم رجال الكنيسة كوسيلة لجني المال، حيث قاموا بابتكار عدد من الممارسات لهذا الغرض، مثل بيع مكاتب الكنيسة علانية وتعيين رجال غير مناسبين ككهنة، وقاموا بإصدار شهادات العفو أو "صكوك الغفران" مقابل مبالغ مالية، هذه الممارسة المتمثلة في إصدار صكوك الغفران لمن يملك المال استدعت انتقادات شديدة ووُصفت بأنها "بيع تراخيص لارتكاب الخطيئة".٣] أسباب اقتصادية ساهم ظهور الطبقة الوسطى إلى حد بعيد في الإصلاح الديني، حيث احتجت الطبقات الوسطى على هيمنة وممارسات الكنيسة القديمة؛ لأنها كانت تخضع لسيطرة الطبقات العليا وتدار لصالحهم إلى حد كبير، وكان ينظر أصحاب الطبقة العليا إلى الحرفيين والتجار والمحامين والأطباء وغيرهم ممن شكلوا الطبقة الوسطى بازدراء ولم يكونوا على استعداد للاختلاط بهم. استاءت تلك الطبقات الوسطى بشدة من إعفاء طبقة النبلاء من الضرائب، بينما كان عليهم أن يتحملوا العبء الأكبر منها، أرادت الطبقات الوسطى تحرير الكنيسة من سيطرة الطبقة الأرستقراطية الثرية التي نظرت إليهم بازدراء ولم تهتم كثيرًا بمصالحهم.٣] أسباب سياسية أدى ظهور الدول القومية والملكية الجديدة، التي كانت حريصة على إقامة حكمها المطلق، بشكل كبير في الإصلاح، فقد اعتبر عدد من الملوك مثل هنري الثامن وجود كنيسة قوية بمثابة تحدٍ كبير لسلطتهم لأنها كانت خارج سلطة الملك من نواح كثيرة وكان يتم إعفاء ممتلكات الكنيسة من الضرائب الملكية.٣] كما كان الأساقفة يقيمون العدل في الكنيسة وفقًا للقانون الكنسي وليس تبعاً لقوانين الدولة،