تختلف الثقافة العربية كثيراً عن الثقافة الكورية. فقد عشت في بيت تجري فيه ثقافتين مختلفتين ومتناقضتين وذلك بسبب ولادتي في مصر لأب مصري وأم كورية ولذلك أود أن أقيم مقارنة عامة بين الدول العربية وكوريا في بعض الأوجه التي يمكن أن تثير اهتمامنا. الطعام في كوريا يعتمد بشكل رئيسي على الأرز المسلوق والمخلل الكوري المكون من الكرنب الحرّاق أو ما يعرف بالكيمتشي. من أكثر الأشياء التي تلفت الانتباه هي كمية التعدد والتنوع الموجود في الأطعمة الكورية فمثلاً عندما أقابل أصدقائي الكوريين فهم يسألونني «ماذا تريدين أن تأكلي اليوم؟ ياباني أم صيني أم كوري أم إيطالي؟» وهذا لا يشير فقط إلى التنوع بل الوفرة أيضاً حيث إن الطعام الكوري والياباني والصيني موجود في معظم مناطق التسوق بسيول. مثلما يقول المصريون «أكل ملح وعيش» فهذه المقولة تنطبق أيضا على الثقافة الكورية حيث يحرص الأصدقاء والمقربون على تناول الوجبات معا فغالبا ما يحب الكوريون تناول الوجبات مع المحببين لهم فيشاركونهم الأفراح والأحزان من خلال الحديث الذي يعم عند تناول الوجبات. وقلما ما يتناول الكوريون وجباتهم بمفردهم فهم يفضلون الأكل معا في معظم الأوقات. لطعام في الدول العربية يعتمد أساسيا على الخبز العربي الطازج فالخبز لا غناء عنه في الوجبات العربية حتى ولو كان هناك أرز. وعلى الرغم من اختلاف الطعام قليلاً من دولة إلى أخرى فالطعام العربي دسم إلى حد ما لما يحتويه من مكونات عالية السعرة الحرارية حيث يتم طبخ معظم أنواع الخضروات بالصلصة في سمنة أو زيت. فالسمنة البقرية والزيت تعطي للطعام نكهة معينة لا تأتي من غيرها في مختلف الوجبات ولذلك فالطعام العربي أكثر إشباعا بكثير من الأطعمة الكورية. فالعرب يتقنون شواء مختلف أنواع اللحوم لتؤكل مع الوجبات الرئيسية أو تؤكل في ساندويتشاً أو كفطائر. كما تنفق السيدات الكوريات الكثير من الأموال على مستحضرات التجميل بجميع أنواعها ولذلك فإننا نجد أن سوق مستحضرات التجميل في كوريا متقدم جدا لما يضمه من كم هائل وأنواع مختلفة تناسب كل بشرة وتُستخدم أكثر من ثلاث مرات يوميا في بعض الأحيان. فعلى العكس من بعض الدول الغربية فالكوريون يعلقون كثيرا على مظهر الآخرين فيقول البعض «شكلك مُتعب اليوم أو لماذا ارتديت نظارتك اليوم فشكلك أحلى بدونها، ولكن هذا أثّر بالإيجاب على الاقتصاد الكوري حيث ازدهرت سياحة التجميل وتوافد عدد كبير من الأجانب من الدول الآسيوية على كوريا للقيام بهذه العمليات. مقارنة بالمجتمع الكوري فالمجتمع العربي محافظ على ثقافته وعاداته وهذا واضح في ملابس المرأة العربية التي تحافظ على خصائصها وسماتها. ولكن يمكن القول إن الحجاب يختلف قليلاً باختلاف الدول العربية ففي مصر على سبيل المثال ترتدي الشابات حجابا ملونا ومطرزا بمختلف الأنواع بينما لا يسود هذا النوع من الحجاب في دول عربية أخرى. لا يعني ذلك أنه الجميع يلبسه فترتدي بعض الشابات العربيات غير المحجبات الجينز والتيشرت بكل حرية ويحق لها أن ترتدي ما تريد مادام كان غير ملفت بدرجة تلفت بها أنظار المارة أو ما يسبب ضرراً في المجتمع الذي نعيش فيه. ولكننا نجد أنهم يحرصون على إدخال غرف الغسيل للقيام بمختلف مهامها في الغرفة المخصصة لها على سبيل المثال. أتمنى لكل من المجتمع الكوري والمجتمع العربي الدوام في الازدهار والتقدم ولكنني أود أن يكون هذا التقدم مصحوباً بالحفاظ على الكيان والثقافة التي تميز كلا المجتمعين.