‎في حملته الفرنسية على مصر حرص قائدها الجنرال بونابرت على أن يصطحب معه مطبعة، فقد كانت المطبعة هي الأداة الرئيسية والوسيلة الحديثة التي استخدمتها الحملة لنشر المطبوعات المختلفة، لاسيما وأن الحملة الفرنسية قد لجأت في إذاعة أخبارها إلى عدة وسائل منها المنادون في الشوارع والمنشورات المطبوعة، ‎ففي العام الأول (۱۷۹۸م) أنشأ بونابرت صحيفتين باللغة الفرنسية، ومن جهته عزم الجنرال مينو - القائد الثالث للحملة بعد بونابرت وكليبر ـ على إصدار صحيفة باللغة العربية تحمل اسم (التنبيه) حيث أصدر أمره بإنشائها ولكنها ل ‎الأخير منها في شهر يونيو من عام ۱۸۰١م) . ۱۷۹۸م ، وكان قد تقرر إنشاء تلك الصحيفة في الاجتماع الأول للمجمع العلمى المصرى حتى تكون لسان حاله وتنشر محاضر جلساته وتسجل بحوثه . وحسب إبراهيم عبده - (وثيقة رسمية أو سجل لنشاط الحملة العلمي، تصدر في القاهرة للفرنسيين المقيمين فيها الذين تعنيهم شئون الأدب والاقتصاد أكثر مما تعنيهم شئون الحرب أو أخبار المدن والأقاليم وصور الحياة المصرية العارضة)، وأرضت العلماء من رجال حملته، فكانت سجلاً حافلاً ببحوثهم وأوجه نشا ‎۱۷۹۸م. ‎. نشأة الصحافة الرسمية ‎بعد أن توقفت صحيفتا الحملة الفرنسية، أصبحت البلاد بلا مطابع أو صحف، وذلك منذ أواخر العام ١٨٠١م، حيث استمرت تلك الحالة إلى ما بعد تولى محمد على حكم مصر : بسنوات عدة . إلا أنه في عام ۱۸۱۹م وضع محمد على حجر أساس مطبعة بولاق، وذلك حين عاد مبعوثان مصريان من إيطاليا وقد تعلما صناعة الطباعة، بالإض أي قبل ظهور المطبعة واعتمادا على النسخ بخط اليد، أو العام ۱۸۲۲م وبعد ظهور المطبعة حسبما يذكر إبراهيم عبده (۱۹) ، أو في ۱۸۲۷م حسب أديب مروة(١٦)، كملخص أو تقرير عن حسابات الأقاليم وشئون الدولة والأخبار الحكومية وبعض قصص من ألف ليلة وليلة، وكان يطبع منه حوالي مائة نسخة في مطبعة القلعة، وقد سمح الوالي لبعض موظفى الحكومة بالإطلاع عليه ، أما الشعب فلم يكن له صلة بهذا الجرنال . ومع ذلك فإن صفتها الرسمية لم تمنعها من نشر بعض القصص المسلية، وبذلك فإن الصحافة المصرية تكون قد بدأت رسمية إخبارية (۱۷) . ‎تبين لمحمد على أن الشعب المصرى يجب أن يطلع على أعمال الحكومة، حيث قلت المقالات كما انعدمت الفنون الصحفية الأخرى فيها كالأحاديث والتحقيقات الصحفية وغيرها (۲۳) ، ‎لم تستطع (الوقائع المصرية) أن تنفرد وحدها بتسجيل التفاصيل المتعلقة بالجيش المصرى، ومن ثم فکر محمد علی في إنشاء صحيفة جديدة هي (الجريدة العسكرية)، وحسبما تذهب كلاً من عواطف عبد الرحمن ونجوى كامل فإن (الجريدة العسكرية) تُعد أولى الصحف المتخصصة التي صدرت ‎في مصر ذلك أنها نشأت فى حجور الحكام وعاشت على أموالهم ونمت وترعرعت بسلطانهم، وخضعت لتوجيهاتهم، ولم يكن لها بد من هذا الخضوع) (۳۱) .