فقد قال أحد المعاصرين وكان حكام تونس ضالعين مع الفرنسيين يزدادون منهم تقرباً كلما خافوا على عرشهم الزوال على أيدي الأتراك غير مفكرين في المصير المحتوم الذي ينتظرهم ولا ما يقتضيه واجب التضامن الإسلامي، ومنذ بداية عام 1828 م التزم الداي حسين اتخاذ موقف الحياد للحكومة الفرنسية في حربها على الجزائر بل ذهب إلى أبعد. إلى باي تونس كانت وراء هذا الموقف السلبي. فقد وعده بإنشاء إمارتين تحت الحماية في كل من وهران وقسنطينة تحت إدارة أمراء مسلمين من بيت الملك في تونس وتنفيذا لتلك الوعود، أبرم كلوزيل اتفاقية مع باي تونس في يوم 18 ديسمبر عام 1830 م، عين بها سيد مصطفى شقيق باي، تونس بايا على قسنطينة، عين بموجبها أحد أقارب باي تونس بايا على وهران وقد كلف البيان بجمع الضرائب في المناطق الخاضعة لهما مقابل دفع ضريبة سنوية لفرنسا قدرها مليون فرنك. سرعان ما علمت الحكومة الفرنسية بالاتفاقيات التي أبرمها كلوزيل مع حسين باي تونس فعملت على تعديل بعض بنودها، إلا أن تلك التعديلات الجديدة التي أدخلت على الاتفاقية لم يوافق عليها باي تونس ففضل أن ينسحب من المشروع الذي اقترحه عليه كلوزيل وعبر الباي عن أسفه في الرسالة التي وجهها إلى القائد العام بيرتزن، أما كلوزيل فإنه حاول أن يبرر ما أقدم عليه أمام حكومته، جاء فيها: (أرجو أن تحافظوا على كل ما فعلته لقسنطينة ووهران إن العملية مربحة للجزائر وفرنسا، ولا تجنون أي دخل وستواجهون انتفاضة أمام أبواب مدينة الجزائر كما أنكم ستفقدون وهران ، مما سيؤدي إلى وصول تأثير المغرب الأقصى من الغرب إلى الجزائر فستضطرون إلى تجهيز ألفين وخمسمائة رجل بوهران الذين يكلفون مليونين فرنك. ولم تكتف الحكومة التونسية بذلك بل استولت حتى على تلك المساعدات من السلطان محمود الثاني لأحمد باي الذي كان يحارب الجيش الفرنسي في قسنطينة لو تمكن أحمد باي من تلقى تلك المساعدات لكان قد غير مجرى الأحداث، إذ بقيت مستمرة إلى غاية فرض فرنسا حمايتها على تونس في عام 1881 م.