يُعدّ التخلي عن الحتميات النَظّمية المكسب الأهم، إذ تُقيّم النخب السياسية مستقبلاً بإنجازاتها الاستراتيجية، لا بموقعها الاقتصادي، ما يتطلب فهم مبادراتها في سياق اجتماعي-سياسي مزدوج. أولاً: سياق وطني يتميز بنظام اجتماعي مجزّأ، وعلاقات رأسية، ومسرح سياسي تُحاول النخب احتكاره، مع وجود فوارق ثقافية ومؤسسية تفصلها عن المجتمع. ثانياً: سياق دولي تسيطر فيه قوى خارجية على موارد هذه المجتمعات، وتُحدد قواعد اللعبة الدولية. في مواجهة هذا الضغط، تلجأ النخب المُنعزلة والمشكوك بشرعيتها إلى استثمار قدراتها دولياً، سعياً للحصول على دعم دول الشمال، وموارد تُعزز مكانتها محلياً. لكن، هذه الاستراتيجية تُشجع ممارسات أبوية، إذ تُزوّد النخب بالموارد اللازمة لفعّاليتها، بينما يُعزز توجهها نحو الخارج الفجوة مع المجتمع، ويُقلّص التواصل المؤسسي، مُدفعةً إلى سياسات نيوبطريركية. هكذا، يظهر الارتباط بين السياسة الداخلية والخارجية، مُثبتاً فرضية الأساس السياسي للتبعية.