كان توقيع معاهدة الصداقة بين مصر والسعودية في 7 مايو 1936 بداية مرحلة جديدة في تاريخ العلاقات بين البلدين حيث اعترفت مصر لأول مرة بالنظام السياسي الحاكم في المملكة وهو ما ترتب عليه زيارة توثيق الروابط السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين الجانبين ومن مظاهر هذا التقارب زيارة الملك فاروق للمملكة عام 1945 واعقبها زيارة الملك سعود للقاهرة عام 1946 كانت فترة ذات توافق كبير بين سياسات المملكة ومصر وتقاربت المواقف في مناقشات تأسيس الجامعة العربية وكل ما يرتبط بقضايا الوطن العربي. ومع قيام الثورة المصرية كانت المملكة في موقف الحذر في بداية الثورة المصرية وتوجهاتها خاصة بعد قيام الضباط الاحرار على اجبار الملك فاروق بالتنازل عن عرش مصر وإلغاء نظام الحكم الملكي وقيام حكم جمهوري، فان المملكة كانت حريصة على التواصل مع نظام الحكم الجديد إدراكا منها بأهمية المكانة القيادية التي تحتلها مصر بالنسبة للامة العربية. وبنا على هذه الرؤية قررت المملكة فتح صفحة جديدة في علاقاتها السياسية مع مصر وبادرت في الاعتراف بالنظام السياسي في مصر بعد الثورة وفي نفس الوقت أبدت اهتمامها الشديد بكل حوادث السياسة المصرية داخليا وخارجيا لما لهذه الاحداث من انعكاس واضح على علاقات مصر بالدول العربية بصفة عامة والمملكة بصفة خاصة. وشهدت فترة الخمسينات والستينات القرن الماضي اضطرابات سياسية خطيرة في الشرق الأوسط. وبالإضافة إلى حربين كبيرتين مع إسرائيل، شهدت الدول العربية سقوط العديد من الممالك التي كانت السعودية تحافظ على علاقات ودية معها. كان انقلاب عام 1952 العسكري الذي أطاح بالملك فاروق في مصر حدثا مهما إذ ألهم انقلابات عسكرية لاحقة في العراق، وعززت خطابة الرئيس جمال عبد الناصر القوية والكاريزما الخاصة به سرده التاريخي والسياسي المغري الذي أكد على الهوية العربية والوحدة وتحدي القوى الاستعمارية. وكان لهذه الخطابة صدى واسع في مختلف أنحاء المنطقة، بما في ذلك بين شريحة من السعوديين وقد استقبلته حشود متحمسة في خلال زيارته إلى المملكة في العام 1956. ولكن خط الرئيس عبد الناصر السياسي الثوري الذي تحدى به النظام السياسي في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى آرائه الاقتصادية شبه الاشتراكية، كان يتناقض بشكل حاد مع موقف السعودية المحافظ الذي كان يفضل التوفيق بين الأطراف على المواجهات. وصور الرئيس جمال عبد الناصر السياسة السعودية كشكل من أشكال الاستسلام الذي يعرض مصالح الشعب العربي و“كرامته “للخطر. الذي تولى العرش السعودي بعد وفاة والده في العام 1953، استيعاب الرئيس جمال عبد الناصر نظرا لموجة الشعبية التي كان يتمتع بها بعد ما اعتبر انتصارا ضد” العدوان الثلاثي “من قبل بريطانيا وفرنسا وإسرائيل في أزمة السويس في العام 1956. ولكن الانقسام الإيديولوجي كان عميق الى حد ان العلاقات بين البلدين أصبحت متوترة جدا في خلال الجزء الأكبر من بقية حكم الرئيس عبد الناصر حتى وفاته في العام 1970. وقد اقتنع عبد الناصر في نهاية المطاف بعدم جدوى مغامرته في اليمن واعترف بفوائد تحسين العلاقات مع السعودية، التي بدت مستعدة لمساعدة مصر وسوريا للتعافي من الهزيمة المدمرة في العام 1967. واتضح هذا الاختلاف الفكري والفلسفي العميق أكثر ما اتضح في الحرب الأهلية في اليمن الشمالي والتي بدأت في العام 1962. كانت السعودية ومصر في طرفين نقيضين من هذه الحرب الدامية التي استمرت حتى العام 1970. وأنهت وفاة عبد الناصر في العام 1970 المواجهة السياسية بين السعودية ومصر، التي كانت قد أربكت الملك سعود وتحدت الملك فيصل. وسرعان ما تبع ذلك تحسين للعلاقات، انطلق ببادرة حسن نوايا في وقت مبكر من قبل الملك فيصل، قابلها خليفة الرئيس عبد الناصر أنور السادات بمبادرة مماثلة. عقب العدوان الإسرائيلي على الدول العربية مصر وسوريا والأردن، توجه الملك فيصل بنداء إلى الزعماء العرب بضرورة الوقوف إلى جانب الدول الشقيقة المعتدى عليها، وتخصيص مبالغ كبيرة لتمكينها من الصمود، واستمرت المساندة السعودية لمصر حتى حرب أكتوبر 1973، حيث أسهمت المملكة في الكثير من النفقات التي تحملتها مصر قبل الحرب، وقادت المملكة معركة البترول لخدمة حرب أكتوبر . في حين دعم السعوديون مصر أثناء حرب العام 1973 وبعدها، تفاجأت الرياض بقرار الرئيس السادات إلقاء خطاب داخل الكنيست الإسرائيلي في العام ، 1977 وبالتالي صياغة ((سالم منفصل)) مع إسرائيل. وعلى الرغم من أن السعوديين حاولوا قصارى جهدهم للحفاظ على موقف غامض بسبب التحسن الكبير في العلاقات مع الرئيس السادات والدور الذي لعبته الولايات المتحدة للتوسط في الاتفاق، كان رد الفعل في العالم العربي ضد الاتفاق حادا. وشعرت السعودية أنها مضطرة لقطع العالقات الدبلوماسية مع مصر. وبعد اغتيال السادات في العام ، 1981 تمت إعادة مصر إلى الحضن العربي وأعيد بناء العلاقات المصرية السعودية وتعزيزها.