فأما التعليمية فهي التي يتوصل بها إلى تعلم كلام العرب، مثال ذلك أنا لما سمعنا قام زيد فهو قائم، عرفنا اسم الفاعل فقلنا ذهب فهو ذاهب، فمن هذا النوع من العلل قولنا إن زيداً قائم، إن قيل: لم رفعتم زيداً؟ قلنا: لأنه فاعل اشتغل فعله به فرفعه. وبه ضبط كلام العرب. فأما العلة القياسية فأن يقال لمن قال نصبت زيداً بإن، في قوله إن زيداً قائم: ولم وجب أن تنصب "إن" الاسم؟ فالجواب في ذلك أن يقول: لأنها وأخواتها ضارعت الفعل المتعدي إلى مفعول، فحُملت عليه فأعملت إعماله لما ضارعته، فالمنصوب بها مشبه بالمفعول لفظاً، فهي تشبه من الأفعال ما قُدم مفعوله على فاعله، وأما العلة الجدلية النظرية فكل ما يُعتل به في باب "إن" بعد هذا. مثل أن يقال: فمن أي جهة شابهت هذه الحروف الأفعال؟ وبأي الأفعال شبهتموها؟ أبالماضية، أم المنقضية بلا مهلة؟ (وحين) شبهتموها بالأفعال لأي شيء عدلتم بها إلى ما قُدم مفعوله على فاعله نحو ضرب زيداً عمرو، وهلا شبهتموها بما قُدم فاعله على مفعوله لأنه هو الأصل وذاك فرع ثان؟ فأي علة دعتكم إلى إلحاقها بالفروع دون الأصول، وأي قياس أطرد لكم في ذلك؟ وحين شبهتموها بما قدم مفعوله على فاعله، هلا أجزتم تقديم فاعليها على مفعوليها كما أجزتم ذلك في المشبه به في قولكم ضرب أخاك محمد وضرب محمد أخاك؟ وهلا حين امتنعت من ذلك لعلةٍ لزمتموه ولم ترجعوا عنه فتجيزوه في بعض المواضع في قولكم إن خلفك زيداً وإن أمامك بكراً وما أشبه ذلك؟ وهلا حين مثلتم عملها بعمل الفعل المتعدي إلى مفعول واحد نحو ضرب زيداً عمرو، امتنعتم من إجازة وقوع الجمل في موضع فاعلها في قولكم أن زيداً أبوه قائم، والفاعل لا يكون جملة؟ ولم أجزتم وقوع الفعل موقع فاعلها في قولكم إن زيداً يركب،