أيقظه حفيف الأحلام والفجر المضطرب.كانت الغرفة حاشدة بنومها إلى جانبه عارية تحت الملاءة الخفيفة أنفاسها ثقيلة. أحسن نداوة العرق على ساقها بجانبه، وتخايلت له ضخامة فخذها الناعمة السمراء،داهمته موجة الحب عالية، فانقلب على السرير ووضع ذراعه بحرص وحنو على كتفها. وإنها لم تعرف حتى في نومها في حركة أحشائها المعتمة، هذا الوهج الدافيء الداكن في قلبه من الرقة والقربى استمرت أنفاسها تصعد وتهبط منتظمة، شعرها ملتصق بجانب جبهتها الضيقة، وقميص نومها مفتوح وقد تزحزحت فتحته الواسعة على جانب من ثديها المسكوب اقترب بوجهه تحت عنقها وتعرف مرة أخرى على رائحة نومها وحرافة جسدها الدسم. واندفع في جسمه حس لاسع من المحبة والتمزق والرضى في وقت معالن تعرفي أبداً يا حبيبتي، في هذه اللحظه التي لم يشتبه عليك ولا مشاركة خالصاً لا أنانية فيه، دون أن يكون جامعاً ومكتوماً بلا حرج. مبتسماً أو لما أكد أبتسم، في هذا اليم من الحب القائم الزرقة، لا موج فيه، وأن الفجر عندئذ كان هذا البحر، ضفافه في أسوار العالم وأنا أغوص فيه سماؤه بلا قراركشف عنها الغطاء الأبيض المغصن من ليلتها، وهو يثني ركبتيه قليلا حتى لا يسقط من طرف السرير أراح عظام خده على صفحة فخذها العريضة، خشونة دقته على طراوتها التي نزلت قليلاً تحته وتماسكت. وجاءته أنفاس الجسم النائم المليء تمتزج به نفئات الفتحة المكتومة المغلقة لها طعم ثقيل .في هذه الراحة قلق أجنبي عنها، يأتي من اللحظة القادمة، من خطر لم يحل أرائه بعد ولم يتكون بعد ولكنه يحمل تهديداً ماء في البدايات الأولى من يومه انحرت اللحظة الراهنة بالفعل وهو ما زال فيها. سقط أيضاً في حفرة بين زمانين كلاهما غير موجود.هو يغرق في عجين الجسد الساكن. في نومها. لم يجد ما يتعلق به في سقوطه، حتى عندما استدارت إليه، بين السوسن والصحوة تين أنة واحدة خفيفة من الراحة وطيب الحس بأنه هناك، وجهه عليها، والتفت بذراعها حول رأسه تضغطه إليها ضغطة حنان، وقالت: صباح الخير يا حبيبي، تعال عندي، أين أنا؟ ثم أستدرك: صباح الخير ورفع وجهه من الحمأة العلية المحتشدة وذراعها تشدّه إلى حضنها شدة رقيقة. وهو يسقط فجأة وباحتدام على فمها المتفوح: عيناك تحت جفنيهما المدورين حجران لامعان لا يذوبان أبداً، منفصلة حتى في تماسها الوثيق.في مركز هذا الكون في القلب المنتفض الذي يميد، موحشة، متقدة بنار صلية، نداؤها لا تأتيه اجابة ليس الموت الذي يفصل بيننا، أنت لا تموتين أبداً. وليس الحب أنت دائماً تحسين، وأنت ما أحب أهي اللذة؟ سيف حبيث يقطر بالدم والمني واللبن المتخثر الرائحة. لسانك الممثلى، يعلق حده البائر المحرق، وتنقيض كالرق القديم وتسقط فلا أجد الكلمة الحبيبة بعد أن أموت في طعنة المتعة وجسمي كله تلفحه رياح مصوحة.كانت رعشتها الأخيرة موجة تصل من بعيد، وترقرق قلبه أيضاً ثم جمد وابتامتها غائبة وسعيدة ومكتفية بين نوم وآخر.عندما استيقظ من بيته الصغيرة كانت النافذة فتحة مثقوبة في السماء. محجوزة، ومن وراء الزجاج الفاصل كانت السقوف المنحدرة في خطوط حجرية حادة الزوايا قديمة ومسودة من الدخان، تطل على فناء عار وجهها الأسمر المدور هو وحده الذي يبدو من الملاءة التي تلقها، مرتاح وقائع في نور الصبح الضعيف المثقل برائحة شهوات قديمة منقضية.كانت عظام جسمه خفيفة وهو يطرح بنفسه يشب من على السرير. عندما نظر إلى الفناء المربع الضيق الفائر بين الحيطان المسدودة كانت أحجار الأرضية الرمادية مكسورة ونظيفة كالرخام، بين شقوقها تراب أسود متحجر، لم ينبت فيه اخضرار كان خالياً تماماً، وبجانب الجدران الحجرية الصم، من غير طلاء، صفائح مستديرة ضخمة سوداء مغلقة بأغطيتها المقبية المبلولة بندى الصباح، معوجة محلية ولكن لا تنكسر تحملت كم شتاء من الوحدة؟ وتصدت لكم عاصفة؟ وتلوث أمام صدمات الرياح.قال لها وهما يستعدان للنزول: الملتفة حول جذوع قوية ناعمة العضلات، هذه الحضرة الموسيقية بظلال لا نهاية لها، مطفأة وبائعة وخافتة هامة وساطعة وغضة وداكنة وقديمة ومرتجفة، أليست معجزة؟ مئات آلاف، ما لا حصر له من المعجزات يتكرر با همال، دون أدنى ضجيج ما أشد كرم هذا، هذا الاغراق، بلامبالاة في المعجزة التي تحدث بلا انقطاع الأعجاز هو هذا الذي لا وصف له، نسيج اليوم والليل الصامتين أبدأ بلا انقطاع . أنا أيضاً أحب الشجر،أدرك أن في تعجبه شيئاً من السيداجة، ودهشة ابن الأزقة والحواري المحرومة من الحضرة، وأيضاً، روح المأخوذ بثروة فادحة، ولكنها دائماً في متناول البدين، ولا تطال مهما غرف ملء الراحتين والعينين، مهما ضم عليها الذراعين والساقين في شبق يتجدد دون توقف وتظل الثروة كاملة لا لمس تنبض بصمت في ازدياد جسدها الذي ينمو ويتدفق ويسيل على الجانبين. ميراثها وملكها، مأخوذة مأخذ الشيء المفروض أصلا، ولا اهتمام به.قال لنفسه: متى تنتهي من تفلسفك هذا الذي لا يساوي مليمين؟كانت تنظر إليه بعينين صافيتين بحيرتين ما مدى عمقهما ؟ القاع تحت السطح مباشرة لا تكاد تمه القدمان؟ أم غور بلا قرار؟ رمال صحرائه الداخلية قاحلة تحت شمس العيون الصخرية اللامعة القوة.كله. من حولنا يطفح بالقوة : بمبرر أو من غير مبرر، نحن أيضاً تستطيع أن نكون - أقصد أننا أيضاً بالفعل - قساة. هذه القوة درع هشة وإن كانت مروعة الشكل، عيناها لا تطرفان. ألم تتعلم كيف تصمد للقوة إلا بالقوة؟ دعينا على الأقل لا تفو على أحدنا الآخر إذا استطعنا، كلما استطعنا لأن ضرباتنا موجعة تقع على مقتل وقد عرفنا أليس كذلك؟ - أين منا مواضع الجراح القاتلة مهما أخفيناها تظل مفتوحة نازفة تيضب أحياناً بالدم السخن وتظل دائماً تنضح بقطرات منه قائمة لا تجف ولا ينقطع ترها متعاقبة بلمتصلة مستمرة كل يوم كل لحظة ها نحن نموت إذن إذ تعب الحياة في كل نفس. كافياً لنفسك من غير تبرير من غير حاجة إلى هجوم ولا دفاع ؟الدفاع عن الشيء الصغير الناعم الحي الهش النابض بخوف وتهور وعناد معاً، القطعة الوحيدة من الجسد التي لو أصيبت لتحول جسم العالم كله إلى جثة يصعد نتنها إلى عنان الأفلاك الشاسعة، ويزخمها.قال لها : كان هناك الكثير جداً في الميزان بل كل شيء. قاصرت بكل شيء كان الرهان عالياً جداً. خسرت حتى قبل أن تبدأ اللعبة،بل لا يوجد هنا مكان للمكسب أو الخسارة، وتصبح المقامرة كلها خارج الحلبة، غير مرئية وغير مفهومة.جانب وجهها، منارة ملساء الجانب مدورة هادئة، وهما يتركان في هذا الدفء من الأجسام والأحجار مخازن الخشب الواسعة الضخمة الأبواب،كل شيء هنا والآن موضع السؤال ليس الحب فقط بل وجودي نفسه ومشروعيته كانسان كرجل الحقيقة والخداع الأمانة والخيانة كل شيء الحرية والقهر الإنساني والألهي معاً. ولكنك هنا - كالكون كله - فيك حقاً قبس من كيان متعد منام الهي هناك بيننا حكاية كونية، الهية.وهما يزاحمان الناس ويمران بين عربات الترمس بقراطيسها المصنوعة من ورق كراريس التلاميذ وشعلاتها الصفراء التي لا تكاد نارها ترى تحت الأنور الساطعة الساقطة من الجامع القديم إلا من دخانها الذي يتشتت في نوابات مستدقة متطايرة ووشيش الكلوبات بنوره القوي الثابت على أكوام الحمص الأصفر والأبيض الملبس بالحلوى المتشققة وعرايس المولد الحمراء قليلة وأوراقها المفضضة متكسرة قليلاً وأصفاء حب العزيز الصغيرة المسحوبة المزوقة.قال لنفسه تتوهم دون أن تشفى، إن هذه الحكاية بينك وبينها شيء صوفي ألا تخلص من هذا الهوس. أنت معها هنا، بفتنتها وقبحها اليست امرأة يا أخي ؟ شيء آخر في هذا الغمر الذي لا ينتهي من الناس. شقية وطموح، مرحة ولها أسرارها الصغيرة والكبيرة - ككل الناس أليس كذلك؟ - لها عيوب جسمها وجاذبيته التي لا تقاوم نعم أحبها الكثيرون وأحبت الكثيرين، وماذا في ذلك؟١١٤اخطات وضحت وتعبت وأدت واجباتها وأكثر وأوت أيضاً إلى أحضان مشافها، لم تعن كثيراً بمصطلحات خلفية واجتماعية ولكنها راعتها دائماً في ذكاء وانتباه، رحمتها، وشهوتها، تسع كل شيء أنت لا تعرف، على كل حال، إلا أنها معك امرأة تعرف كيف تتمتع والمتعك. وأنت تحبها.فليكن، في حدوده؟ نحيلة ورشيقة ومعزولة وحدها مع السماء تتدلى منها سلاسل الأنوار الكهربية الملونة، نقط من الحلوى الكرة الكثيفة الضوء،وهي تسير بثقة إلى جانبه ولكنها ليست معه، وجيبتها الواسعة على جسمها المستحكم الأركان وبلوزتها المفتوحة الممثلثة بصدرها وقد تندى بعرق خفيف يلمع في الليل المنير لا يكاد ينظر إليهما الناس في الزحام، أحسها قد انسحبت مرة أخرى عنه إلى عالمها الخاص. في الاشعاع القوي الذي يأتي من تحت على جلد السماء الباهت الزرقة العتبات المباركة تحت الباب الضيق العميق تضيئها القناديل الكهربية وتفضي إلى سلام داخلي يبدو بعيداً ومنفصلاً.كان حسه جامداً في هذا البذخ الحسي الغليط الحواف كانت وحيدة إلى جانبه وسعيدة مليئة بالطاقة بعد ساعات الخمول والركود التي لم تكنند تبدو لها نهاية نشطة متوفرة بالضيق والاندفاع مرتبطة بالكثير والكثيرين ومنعزلة متفردة صنعت أشياء مجيدة مجهولة لا يدري بها أحد ولم تفعل شيئاً في النهاية مما تريد حقاً أن تفعل.من الناحية الأخرى شرفات البيوت الخشبية المتعولة على طراز المشربيات ولافتة ضخمة باسم الاتحاد الاشتراكي العربي وأبواب من الحديد الرقيق الدائرية النقوش أحجارها الجديدة المقرنصة في تقليد بارع للطراز القديم تغطيها طبقة من تراب دسم باهت القنامة وكراسي البار الأفرنجي المطل على النيل ما زال فيه عن العشرينات والاعلانات على المرايا المصنوعة من الزجاج البلجيكي تأكلت أطراف زئبقها المعبي والشارع الفسيح . وقد اصطفت في وسطه عربات الفاكهة والخضار والعيش البلدي والشامي والمحمص بأرغفته الصغيرة الهشة المحمولة بالمم والفجل والحس الطري والكرات المتهدل الشوائي - بغض ويفيض بالجلاليب والقباقيب والملايات والبنطلونات والعمم الصعيدي والكلاكات وأنوار النيون وطنيش الزيت ورائحة السمك المقلي النقادة الثقيلة في هواء الليل.اقترب منها وأخذ بذراعها الغضة مرة أخرى. كم من أشواقك أحبطت با رامة وكم من سعادات تحققت لك أنت محدودة ومحدودة ولا نهائية. وكأنك خالدة لا الموتين الرقة الروع معا في قلبه المهتز لكن الحب فيه قاطع الحدود ليس فيه تجميع السوائل، بل حاد له نتوءات تجرح وتحز في اللحم الحي خطوطها الغائرة.كانت سيارتها الصغيرة المعتمة تشق الآن طريق النيل في أول ليل القاهرة تحت أنوار كوبري أمبابة. وكانت فيها رائحة مقلقة الحواسه مزيج من رائحة الجلد والصفيح والزوجة لبن قديم وحرارة احتراق البنزين. كانت قد بكت، وهي تقود السيارة بدموع متدفقة سهلة وصامتة وكان يحس احباطاً عميقاً وجارحاً ولا يعرف بالضبط مرجعه وكان جامداً ينظر إلى دموعها بعينين صاحبتين ويقول لنفسه منا الذي يوجعها؟ ماذا يمكن أن تعزيها ؟١١٦كانت قد قالت: لا تحدث في أبدأ شيء مفرح.وكان يقول لنفسه، عملا مجهول الاسم مفقود الهوية؟ كأنها، تريد أن تعرق - كما تريد كل ليلة - في أمواج هذا النهر التي لا تنتهي، سوداء خصية، طين جسدها بها متاحاً، لتصحو مغتسلة ومشرقة، اللوتس اليانعة يسمرتها المصفرة المتوهجة منبثقة عن السطين من بين فخذي حابي القديم الذي ليس له صفاف يأتي من بحر العالم السفلي ويصب فيه بلا انتهاء أما الآن فجزيرة وملية صلبة القوام.قالت له فجأة وقد توقفت العربة في ميدان ساحل روض الفرج، وعلى البعد عربية بين شوكي يتز فوقها المصباح الغازي بتعلته الوحشية، في غيامة منقطعة الذيول من بعوض الليل الصغير المتطاير،طلاؤه واتحت الحروف العربية والانجليزية من على صفيحه المرضوض، خطوط لافتاتها كبيرة ملونة متعرجة، قالت له فجأة : ميخائيل، أما هي - بعد البكاء . فهادئة ساكنة لا حراك بها 10:02صافية الوجنتين في ضوء مصابيح الشارع المتقطر من خلال ضبابة غاز دقيق لا يرى كانت يداها المكنزتان مرميتين على فخذيها بلا حياة على الجيب القصيرة الزرقاء القائمة القديمة اللون كل شيء ينقد في نقطة حميمة داخلية،قال: إذا طلبت ذلك مني حقاً.كان صوته سريعاً، لا تفكير فيه، متهدج الأطراف بكل نعم الآن وفي أية لحظة لم يقل لها حتى نعم عندما تطلبين مني، في اللحظة التي تطلبين مني كان يعرف أن السؤال معلق بأشياء كثيرة، بل كان يعرف أن السؤال لا يتعلق هو، لا يقصد به أن يترك كل شيء ويذهب معها، عرضياً ووقتياً رائلا، أو بعض ليلة حتى لغاية الصباح، وتقامر بالضروريقالت: نعم، بطريقة ما. لا أدري لن يكون ما بيننا حكاية فيها هذا؟ ما هذا الذي بيننا الزلزال الاعصار السماء الساقطة أما أنا فأحبك، من غير حدود، من غير تحديد من غير تحفظ حاً كاملاً بريدك كلك كاملة .قالت له : لقد كنت معك نفسي معك وحدك حاولت بقدر ما وسعني، بكل ما وسعني أن أكون نفسي، صادقة إلى آخر ما أعرف۱۱۸ حزينة أحياناً وبعيدة، أليس كذلك لكنك تقول انني لا أحبك لا أعرف ماذا تريد أن تقول . ناعماً عاد قناعاً،لم يقل لها: هل معنى هذا أنك لا تعرفين ما العاطفة؟ وتعصف بك العواطف، إلا عندما كنت تقولين . نادرا ما كنت تقولين - عن ذات نفسك الخبيثة وتدافعين عنها، يا ذات الأقنعة.قال لها أيضاً : أنت صارمة، ولا تعرفين الهوادة.نظرتك الاكلينيكية الصامتة المتفكرة التي تحب حساب أشياء كثيرة وتتخذ القرارات، وحدها، لذلك الخاصة في التشخيص والمعرفة والتملك. لحظة ثم تتصرفين، دون اهتمام إلا بإشباع حافز قاس محايد نحو القبض ثم الراحة خوفاً من رعب المشاركة وعقابيل المشاطرة في التجربة، أنت تتخلين عن ذات جسدك عن طواعية نعم، حتى تحتفظي بنفسك دون خدش دون مساسقالت له : ما هذا، هل نحن نجري الآن تشريحاً على الجثة بعد الموت؟ ليست أمامنا بعد، فيها أمل، جنة هذه العلاقة بيا. لم تضعها على رخام المشرحة بعد ما زال بينا شيء حي، وأعتر جداً بالصداقة.قال هادئاً بصوت مكتوم : لا أريد صداقة.وفيها بعد كان يردد تنفسه اجابته لم ينزل عنها أبداً، لم يكن يريد هذه الصداقة. ويقول لنفسه: أنت طموحجداً، أليس كذلك، وصفر اليدين. وتأخذ معها شيئاً من ضلع الجدار الداخلي للقلب. مع تقدم السنوات تصبح الدموع جمانة وصلبة ويصبح العذاب صحريا، يصبح الألم حجارة لا تذوب ولا تتفتت، فإذا تكسرت تحت وطه القسوة كانت شظايا مثلومة غير حادة، كالمة وضاغطة لا تتزاح كان يعرف أنها سوف تستخدم كل شيء في سبيل الحصول على ما تريد كل شيء: الأفكار السلامعة المصقولة التي تعرف كيف تلعب بها وتقلبها على وجوهها، القيم الجديدة أو التقاليد العريقة على السواء، تسيرها وتحرك كوامنها وتزيح الغطاء عن شحناتها. سوف تعرف كيف تترجى وتتوسل وتبكي وتداعب أرصدة الغرور وتهدهد المخاوف وتستنفر النعرات وتربت على تورمات الكبرياء السهلة والزهو بالذات. سوف تستكين ونتظامن أو تتنمر وتتحرش كل شيء تفعل تطوع، من جسدها وعقلها وتركبتها الغنية المليئة مادة حية متدفقة تهجم عليك، وتحاصرك من كل جانب. ولكن بأمانة مطلقة ليس عندها من سلاح إلا هي : أنت وهي فقط العلاقة بينكما فقط علاقة تلخص العالم كله حقاً ولكن لا تتجاوز نفسها إليه ولا تستمد منه زاداً خارجياً، رحمها وذكاؤها، هي كلها وحدها، وأنت مهما كانت الطرائق والأساليب فهي كل الأمانة وكل الصدق الأمر كله بينك١٢٠وبينها، أنتها فقط هنا تفردها وصدقها الفذ. أنتها وحدكما تقرران ماذا تريدان بهذه المادة المطواع القوية القوام التي تلتصق بكل منكما، تلتف به وتغرقه وتطبق عليه الخناق في حصارها الناعم الذي لا يطاق . أنا أنتظر التليفون، الا تريد أن ترى المتحف أو عمر على الدكاكين لا تشتر شيئاً يا أخي إذا كنت لا تريد، صحيح، لا أريدك أن تحس نفسك معي. سأبقى معك.وقالت بضيق وهي ترمقه بنظرة سريعة حاسبة : أبداً،قال يا ستي لكن أنا أريد أريد أن أضير بك وبنفسي ما دمت معك لا تقطعه إلا النافذة، كجرح لا يندمل،قال: من؟ نفى نفسه خارج السودان للعلاج والسياسة معاً. في العائلة كانت أول هدايا يحملها إلى مصر في زياراته في هداياهم كانت سهراته في بيتنا هي الوقت الوحيد الذي يعرف كيف يستمتع به . وعين باردة عاقلة النظرة فيها حدة مكتومة قديمة، عن ضربات التنس وضربات القدر، وميخائيل لا ينتهي عجبه من صنعتها في الحديث عن موضوع لا تعرف فيه شيئاً كثيراً ولكنها تلتقط أطرافه من محدثها نفسه، ودائماً يسيل الجنس من كل مسام جسدها وعقلها ويفيض من عينيها. وهي دائما هناك،فيه كانت قد قالت له : يا روحي على دون كيشوت أحبه، أحب كل شيءالشيخ الذي لا يريد أن يسقط ربحاً تركه في يده عصر غابر. تجمع صوره وتماثيله الخشبية والحديدية والشارات المعدنية البيضاء المنقوشة عليها ملامحه الحادة وتجمع أيضاً تجداته، وأحلامه المهدورة.١٢٢سال نفسه قلقاً: هل أحارب أنا أيضاً طواحين الهواء؟ نعم، العدل مستحيل الحب مستحيل. فهل يمكن أن أقبل؟ هل يمكن أن أسلم؟ جاءت مبكرة، كان يتحدث في نصف النوم إلى ناس الحلم، لا يعرف من هم ولكنه يعرفهم، وقام بسرعة على طرق الباب يفتح، قالت له، بنظرة صلبة سريعة: ماذا ؟ هل تقوم باستعراض مستريب تيز أم ماذا؟كانت قد قالت : ماذا تظن؟ هل نظن أنه سوف تكون لي معك علاقة غرامية؟ وانني سأكون عشيقتك؟ هذا مثير للسخرية. لست عشيقتك. هناك بلا شك صيغة أخرى، نعم نحن صديقان، صداقة غرامية، وبما .قالت: إلى أين سوف يقضي بنا كل ذلك؟ إلى لا شيء، وبما .كان صمته، عندئذ، خيانة أخرى.هل أنا مجرد رقم في اقتصاديات حسينك، يا رامة المحبوبة البعيدة. معادلة موضوعة بين قوسين في حسابات شهواتك وتطلبات جسمك الملحة؟ لا، لست أنا حاصل العملية الحسابية. لن يكون لها أبداً حل ضروري ومحتوم. لجسمك المبذول، حتى في داخل رياضيات الحس المعقدة، نعم، هو مبذول أيضاً، للآخرين، على ساحل هذا العالم الذي تشرق الشمس فيه وتغيب لا لواحد ولا للكل، لا لشيء ولا لأحد الشمس ليست قرصاً محرفاً منحوتاً بلا حول في حجر السماء والليل الأسود برين وينجاب عن هذا الغمر المجهل أبداً من وحدات لا عداد لها بلا نهاية ولا تميز.كانت السيارة قد عرفت لا تكاد تتحرك في سبل ميكانيكي بشري ينحدر ببطء في شارع فؤاد دخان العادم وصرخات الأبواق المتقطعة والمنجاح أوكسيد الكربون والشتائم المكتومة من وراء الزجاج، صفارة سيارة النجدة البيك أب المحملة بالجود متصلة لا تكاد تتوقف، ولا تعرف مع ذلك كيف تشق طريقها في كتلة المرور المتراصة الزاحفة بطء ولا تصمت قال لها: ماذا يحدث؟ فلم تجب كانت تقود السيارة الصغيرة تدفعها خطوة خطوة تنقل السرعة وتفتح وتعلق وترفع قدمها وتضغط، وساقاها تحت الجيب المرفوعة قليلا عن ركبتيها، على الدواسة السوداء المتربة المنزوعة قليلا عن أرضية السيارة وعليها بقايا علبة كبريت وورقة سلوفان مطبقة وتمرقة ورماد سجاير وشريط قماش تاصل بلا لون ساقها التي إلى جانبه قصيرة سمانتها ملفوفة محكمة والساق الأخرى تبدو له باطن ركبتها، تحت الكولان الشفاف القيراني اللون: أكثر بياضاً بانعكاس نور خلفي متقطر من نافذة السيارة ساقاها عمودان قصيران مكسران في مني سري منخفض السقف لهما مع ذلك نعومة قالت له : ميخائيل، تفتح الزجاج قليلا؟١٢٤ضجيج المدينة يتدفق دفعة واحدة تختلط النبرات والطبقات والإيقاعات كالمعتاد؟ أم لعله أكثر قليلا؟ وعندما وصلا إلى ما قبيل الاسعاف ازداد حجم الضجة فجأة، وأقبلت تجري نحوهما، كأنما تهاجم مقدمة السيارة ثم تحرف مجموعة متفرقة من الصبية بجلاليب وبيجامات وبنطلونات مفكوكة تتوائب بين السيارات المتلاصقة الزاحفة وتفادي عجلات التروللي باس الذي رفع كتلة جسمه الضخم ثم توقف مائلاً يسد نصف الشارع.ثم اندفعت إليها سيارات تأتي من منطقة فراح غريبة غير معتادة في المرور. وفرقعات حادة من غير بعيد، وصرخات رجال تبدو ضعيفة في الصحيح الميكانيكي المختلط الأصوات، مظاهرة بعد الاسعاف ارجع ارجعي يا مدام مظاهرة وأيد تشور وتفوح وتختفي، اثنان من أمناء الشرطة يجريان بصمت والعزال كأنها في تمرين رياضي ناحية الأصوات ارتطام زجاج يفجر ويتطايروهتافات غير واضحة المعالم، وتدور وتحرق من بين سيارات تندفع في كل المجاء متعاكسة ومتوازية ومتقاطعة. على السواء، بين أنين الفرامل وعويل الأبواق إلى شارع جانبي مترب طبق الفتحة يتسع أمامها ويدور بين الذكاكين والمقاهي المفتوحة، والناستشرب الجوزة على الرصيف، والتراب فيه بقع من مياه راكدة قديمة. والأبواب الخشبية الضيفة عليها طبقات جلدية الشكل من التراب القديم. تتخايل فوق برك النور من مصابيح الشوارع، عربات النقل الهائلة القديمة تزحف ببطء طالعة من شارع جانبي تكاد تطبق عليها حيطانه، وأمام دكان ميكانيكي أرضيته من التراب عليها عدد ومفاتيح وعجلات تقف سيارة مفتوحة الأحشاء تمتد من تحتها،لعبی الميكانيكي وجهه مدفون أسفل السيارة، وهي تحيد عنها بسرعة وتتفادى سيارة النقل الوحشية التي تعلق عليها الشارع، وإذا هما بعيدان عن دفء الزحام والصحيح الودود وأنوار البقالين والميكانيكية وعملات المابفاتورة وعربات الخضار، من زاوية غير مالوفة غير بعيد، سماء ليل الشتاء مشتعلة بوهج غريب فيه غيوم حمراء مصفرة من انعكاس مصابيح الصوديوم وايجاء احتراق وقد اختلطت عليها الاتجاهات ووقع في سحر هذا الخراب المناجي، الذي يجري فيه بناء غير مفهوم ومتروك لا يدري أين موقعه و توقفت قليلا. مأخودة هي أيضاً، وغامضة، ووجهها في العتمة يضيء بنور مكتوم. قال: ترجع للزمالك من هناء كوبري أبو العلا قريب. قالت: لا. قال: مصر الجديدة إذن، على طول، من على كورنيش النيل، ثم شيرا، لا أظن أن هناك شيئاً في هذا الطريق. لا يندمل ومن وراء الجراحتضرب دماء المدينة وتتقلب، بينما هو منفي في الداخل أوثار مقطوعة بين الجراح في نفسه وهذه النافذة. لا شيء يصل بينها حائط أبيض مصمت عليه نور الصباح، ملاءة ساطعة حارة مشدودة كأنها على سرير موت أو رخامة تشريح الجسم الخصيب الحي الجسم الواحد المتعدد بالآلافمتضخم مكفوظ عملى بالأكل السحت غليط جاف هنا، وهنا خايف منحوف عظامه صفراء مكشوفة مرمية على تراب الجوع والصمت، يمور ويندفع في شرايين القاهرة القديمة الشهيدة الملوثة الصابرة الفاجرة البذيئة الصباحية المتبرجة القائمة الوجه المكتومة الأنفاس بعينيها المحترفين أبداً، يتمدد وينشج ويتشنج ويتهدل ويتورم وينفجر وتتفكك عراه يشتعل فجأة ويصرح السيارات ندور سرعة وصمت. ممنوع ارجع ارجع. خد طريق صلاح سالم من ها ممنوع أحجار متناثرة وقطع طوب مكسورة في وسط الاسفلت وبلورات الزجاج الدقيقة تجمع شظاياها الدقيقة جادة الأطراف مبشورة على السواد واعلانات معووجة مقلوبة صبورة وأعمدة النور ماثلة أظلمت رؤوسها المفتوحة المشعلة الأسلاك.في الصباح كانت الأجسام الفنية تتلاصق بعضها البعض ملهمة بحماسة طفلية وبراءة، والفلاحة التي ما زالت ترتدي ملابس القرية الطويلة طرحتها الرفيقة النسيج تلف رأسها المعتز الرفيع العنق، وجلابيتها السوداء ذات السفرة والبيوت قد صمتت وأقفلت على أهلها الخائفين قليلاً وراء البيان الموصدة تتخايل من خلف خصاص نوافذها أنوار واهنة. مدير الجماهير أمواج متلاحقة بعيدة في هدأة الليل، يأتي من الشط الأخير، لا يميز على البعد ما يهدو به ليل الجماهير ما ينفحه البركان المكتوم في نفثات مليئة حاشدة مترددة باصرار الصوت العميق الأجش من مئات الخناجر يهدد القيل والسماء وحيطان البيوت المسدودة وله صدى مرهوب محبوب تغرورق له على رغمه عيناه ويعود به الصدى إلى أمجاد شباب منقض واحباطاته الرافدة في آخر طبقات قلبه الموحلة بالألم والندم. وذوقهم تدور حوله بلا انقطاع تيارات المرور بأسلاكها وعجلاتها وصريرها كأنها لعبة سخيفة وغائرة في مستوى الحضيض وتنطلق صفارات مقطوعة الأنفاس وتنطفى، أنوار حمراء وخضراء مبتذلة الألوان في النور الغامر الجسم الصخري دائم الشباب مرجانه لا ينقضي أما العالم فينقضي وتبقى ندوب الجروح نديا فوق ندب يتصلب بها لحم القلب وتنبض الدماء في قشرته بعذاب لا ينتهي .۱۲۸أجسام رهبانية ممزقة مخذولة جافة لا تعرف توهج الحيوية إلا في سورات خدر الحشيش ولوثات الأجساد النسائية السريعة الانطفاء، خشنة مشققة، وعلى صدورهم صلبان وسفن ذات أهلة وأشرعة من الذهب والفضة مشغولة منضمة كأنها المسارح التي تسبحبحمد الله وتضيء بنور الزيتون في محاريب مطرزة بأسماء العازة من الرخام تنمو وتترعرع كأنها أزهار وأعشاب.جسم المدينة تنفصل عنه تجمعات حائرة مزعزعة القلب تنظر وتتطلع في فضول قلق مكتوم الفوران عيون كتابية منتفخة من نوم سيء تلمع تحت غشاوتها أحلام والتمردات غير مفسرة في الوجوه المكدودة القوية التي تقابل الشمس الشتوية بيقومها الداخلية والشمس عين مفتوحة، غير محرقة، لا تستجيب نظرتها ثابتة والخوذات المعدنية المطفأة اللون : مع في الشمس والصفوف الصحراء المضطربة البيئة الهدام تسقط من عرسات الشحن بعدمات مكتومة على أقدام نحيلة مدعومة بجلد الأحدية الغليظ الجديد الذي تفوح والحته صرخة امر واحدة ضئيلة مقطوعة : دار جمع ارجع عجلات المطاط الضخمة تدور ثم تقف عالية في دسامتها السوداء تصميم بيمي سحابات بيضاء من انفجارات صغيرة الصوت تنطلق من أمامها التجمعات مشتتة بذعر غير محكوم حوافر الجيل تغوص في الأسفلت الطري الصدور المريضة الشامخة،وصمتهم المشحون وصباحهم المتناوب عليها قامات متوترة ووحيدة وموحشة فوق الرؤوس المتقاربة والتجمعات التي تجري بألف قدم وتدوس الأحجار وتتعثر بالأجسام وتذوب في الحواري الأمينة المساندة المحكمة الأرضيات بين أبواب البيوت المفتوحة أبداً لأنها بلا أفعال وسلالها الضيقة المعتمة مجاني أمينة لا تطوفا القرقعات القاتلة أغتلية القماش الخليط من المشمع الأصفر الباهت القدر اللون متهدلة على هياكل القضبان الحديدية الرفيعة خانقة فيها رائحة الخشب وجلد الأحذية والحديد وزيت البنادق الرحم رشات رصاص لها صدى في السكون المناجي، وخفيف الأقدام الكثيرة التي تجري مسموح في شوارع فرغت تماما من صحيح المرور اليومي الليل الذي لا ينقطع عيون مفتوحة لا تفهم ماذا جرى ولن تعرف أبدا، وأنين وأجراس من بعيد النيران في نور الظهر الشتوي حرارتها ضاربة ومبرئة ونورها في ليون عباد الشمس غير مرتي لها فحيح ممثلى الخلق بشار لا تسوية له بندر لا وفاء له تلعق المباني الحكومية الصفراء المصنوعة على الطراز البريطاني القديم بحريطانيا الجرداء والقضبان الحديدية المشاركة المربعات في نوافذها المحظومة الزجاج. الحريق يسري في حطب القطن ويمسك بجذور الخلفاء على القنوات والمصارف ويندلع في الأجران ويصعد له دخان أسود تقبل خوار الموت من فحل الجاموس المذبوح دماء عنقه العريضة نسبيل لا يوقفها شيء بصمت وكثافة داكنة الاحمرار على التراب المفنت بحبوبه الناعمة نصف السوداء نصة ، الصفراء أعمدة الدخان السوداء سابقة ثابتة حريفة العام في الأفواه الحافة الريق تتصاعد وتتلوى من بينها السنة متطايرة حارة لها وشيش ووهج شرير القصد لا لون لها في الشمس سقوط الأسواب وشروخ وانشقاق الجدران والجري بالغنائم الرئة الهزيلة ونداءات لا أحد يسمعها. حوافر الخيل تصطفق على البازلت الأسود بايقاع له أصداء متكررة في الشارع الذي خلا من زحمة السيارات وضجيبها المألوف تتكون في الجسم الذي يمور عقد جديدة صلبة عنيدة ما تلبث أن تسيل ونذوب في