قريقش المشاكش في منتهى الفرحة , لقد حضي بشقة في عمارة جديدة , و بالرغم من كون شقته تقع في الطابق التاسع و بالرغم كذلك من كونه الساكن الوحيد في العمارة, لأن باقي المستفدين من السكنات لم يرغبوا بالدحول إليها حتى يتم توصيلها بالكهرباء و الغاز و الماء, إلا أنه لم يكترث لذلك فلا طالما حلم بشقة جديدة. قرر قريقش الإحتفال بذلك و ذهب إلى السوق فإشترى اللحم المشوي و النقانق المقلية و الدجاج المحمر و لم ينسى حتى السمك المشوي الذي يتفنن في طهيه عمي أحمد الشواي. عند عودة قريقش من السوق وجد عند باب عمارته قطة صغيرة نائمة عند إحدى الزوايا. نظر إليها قريقش و هو محمل بكل تلك المأكولات الشهية ثم أفاقها من النوم بواسطته رجله و قال لها: - هيا أفيقي أيتها القطة و أنظري ماذا أحمل بين يدي من أكل شهي, لكنني لن أعطيك منه شيئا, فأنا من حظي بالشقة, , انا من سوف يحتفل, و كل هذا الخير من نصيبي. نظرت إليه القطة بتعجب, - هيا إذهبي من هذه العمارة, و إبحثي لكي عن مأوى آخر. ضحك قريقش هاه. هاه. هاه. ثم صعد مسرعا إلى شقته في الطابق التاسع تاركا القطة الصغيرة تنظر إليه في دهشة. دخل قريقش شقته و بدأ يأكل و يحتفل حتى أحس بالتخمة و نعاس شديد, فسقط عل فراشه كالجثة الهامدة ثم صوت شخيره يدوي في أرجاءه العمارة الخالية. بعد بضع ساعات من النوم إستفاق قريقش على صوت خشخشة خفيفة , فتح عينيه ثم أشعل شمعة و بدأ يبحث عن مصدر هذا الصوت, فإذا به يرى خيال فأر كبير على الجدار, صرخ على إثر ذلك المنظر و قال: " إنه فأر كبير جدا''. و أسنانه تصطك و جسمه يرتعد من شدة الخوف فلم يغمض له جفن و لم يحرك ساكنا حتى شرقت الشمس بنورها فقرر الخروج من الشقة و هبط مهرولا إلى أسفل العمارة, باحثا عن القطة التي قد تخلصه من هذا الفأر الكبير. عند وصول قريقش إلى أسفل العمارة وجد القطة نائمة, - هيا تعالي معي أرجوك, بش. بش. بش. هيا تعالي. نظرت إليه القطة بتعجب كأنما لسان حالها يقول : " ما هذا الإنسان الغريب؟ ". - أرجوك تعالي معي أخرجي ذاك الفأر من بيتي, و أعاهدك أنني لن أكون فضا معكي بعد اليوم و سوف أعتني بكي و أحضر لكي كل ما ترغبين فيه من أكل و شرب, بش. بش. بش. هيا يا قطتي الجميلة. نهضت القطة على قوائمها ثم تمددت قليلا و هزت جسدها حتى تنفض بعض الغبار ثم نظرت إلى قريقش كأنها تقول له: " نني سوف أتبعك". فرح قريقش كثيرا, و عند وصوله إلى شقته فتح الباب و أدخل القطة تواجه الفأر الضخم. بقي قريقش خارج شقته وراء الباب, و هو يسمع مواء القطة و بعض الكؤوس و الصحون تنكسر, و القطة تركض و تصرخ و تحدث أصوات توحي بمعركة ضارية, حتى خرجت في أخر المطاف تحمل في فمها فأرا صغيرا جدا, ألقت به عند أرجل قريقش. استغرب قريقش لما رأى ذلك الفأر الصغير ثم بدأ يحك رأسه و يفكر حتى فهم الأمر, لقد كان نور الشمعة هو من جعل خيال الفأر بتلك الضخامة و كذلك كثرة الأكل أفقدت قريقش فطنته و زادت من بلادته. دخل قريقش شقته و حمل ما تبقى من المأكولات و أخرجها ثم أعطاها للقطة الصغيرة, التي لم تنظر إليه باستغراب هذه المرة, بل نظرات امتنان, ثم شرعت في الأكل و بدت كأنها تقول لقريقش: " من الجيد أنك وفيت بوعدك" . و منذ هذا اليوم أصبح قريقش صديق القطط, كل القطط دون استثناء.