لم تصل العلاقة بين الدولة السعودية الأولى وبريطانيا، إلى مستوى العلاقات الخارجية بين الدول، تلك العلاقات ذات المفهوم الدبلوماسي المعروف؛ جرت بين الدولتَين، أدت إلى الاتصال بين بريطانيا والدولة السعودية الأولى، كالتحالف القائم بين السعوديين والقواسم، الذين أصبحوا في عداء تقليدي، وكان العداء بين القواسم ومسقط وبريطانيا، قد جر الدولة السعودية الأولى، إلى خلافات مع بريطانيا، التي تتصرف من خلال مصالحها الاستعمارية في المنطقة، لا في المناطق الداخلية من شبه الجزيرة العربية. وقد رأت بريطانيا ضرورة اتخاذ موقف لين، حينما شعرت أن مصالحها الإستراتيجية، أصبحت معرضة للتأثير السعودي وضغطه، وبخاصة بعد وصول الحملات السعودية إلى تلك المناطق، وبعد نقل المراكز التجارية البريطانية، التابعة لشركة الهند الشرقية، من البصرة إلى الكويت. لقد جامل رجال شركة الهند الشرقية البريطانية، حفاظاً على سلامة سير بريد الشركة الصحراوي، من حدود الدولة السعودية الأولى. وأرسلت بريطانيا رينود Reinaud، المستر مانيستي Manisty عام 1214هـ/1799م، إلى الدرعية رئيساً للبعثة البريطانية الرسمية إلى العاصمة السعودية، لإجراء محادثات مع المسؤولين السعوديين، حول إيجاد نوع من العلاقات الودية وحسن المعاملة بين الدولتَين، بعد ما اعترى هذه العلاقات من الخلافات، كان مردها اشتراك عدد من حراس الوكالة الإنجليزية في الكويت، في رد هجوم سعودي ضد الكويت. ولم يكن موقف بريطانيا هذا، هو الموقف الوحيد المعادي للدولة السعودية؛ وإنما كان هناك مواقف بريطانية مماثلة. فكانت بريطانيا تساند موقف مسقط، أضف إلى هذا كله موقفها العدائي ضد القواسم، غادر رينود Reinaud الكويت إلي الدرعية، ماراً بالقطيف والهفوف. الحصول من الإمام عبدالعزيز بن محمد، على وعد بتأمين سلامة بريد الشركة، الذي يمر من البصرة إلى حلب، عبر الطريق الصحرواي الذي تقطن فيه قبائل سعودية. ويبدو أن بعثة رينود Reinaud لم تحقق نجاحاً ملموساً، وكانت الحساسية التي تتميز بها الدولة السعودية الأولى، كفيلة بأن تفشل مهمة البعثة البريطانية. كما أن موضوع الدبلوماسية بين الدولة السعودية الأولى، وهذا أمر يفرضه عليها الموقف الداخلي، هو البادئ بقيام عمليات الاتصالات بالجانب السعودي. وقد عبرت بعثة رينود Reinaud عن هذا الأمر. بقيام نوع من المراسلات بين الدولتَين. التي كان يرسلها المعتمد البريطاني في بوشهر، إلى الحاكم السعودي في الدرعية، في مناسبة حدوث أمور طارئة، في العلاقات بين الدولتَين. التي أرسلها المعتمد البريطاني في الخليج، إلى جنب حاكم مسقط، فأشارت الرسالة إلى سبب الموقف البريطاني، نقضوا شروط معاهدة عام 1220 هـ/1806م، المعقودة بينهم وبين شركة الهند الشرقية. ومن هنا فإن بريطانيا تحمل القواسم مسؤولية تدهور الموقف. كان على حلفائهم السعوديين، أن لا يظهروا استياءهم تجاه ما قامت به بريطانيا ومسقط، من عمل حربي ضدهم. كما أن على السعوديين أن لا يؤازروهم؛ لأنهم هم الذين نقضوا شروط الاتفاق، المبرم بينهم وبين بريطانيا. بعد أن تكون قد نفذت هدفها، كانت مقتنعة بأن الدولة السعودية الأولى، تشكل قوة محلية مؤثرة في الخليج. لا بدّ من التعامل معها بشكل لا يغضبها . أن تبعد الدولة السعودية عن مراكز نفوذها في المنطقة. كانت تحاول أن تجعل نفسها قوة محايدة في المنطقة، وفي إمكانها أن تقوم بدور الوسيط في النزاع بين القوى المحلية في المنطقة. بالنسبة إلى مصالحها في الخليج العربي. وكانت بريطانيا تفضل أن تكون علاقتها بالدولة السعودية، علاقة ود وسلام، كان يهمها أن ترى بريدها الصحراوي، عبر الحدود الشمالية للدولة السعودية، وأن يتوقف القواسم عن مهاجمة السفن البريطانية في الخليج العربي، إن موقف بريطانيا من الدولة السعودية، على يد إبراهيم باشا، وقد أفصحت بريطانيا عن كراهيتها للحكم السعودي، أن ترى دولة قوية محلية، تجاورها في الخليج العربي؛ لأن ذلك يشكل مصدر إزعاج لها ـ حين أرسلت الحاكم البريطاني العام في الهند، ليهنئ إبراهيم باشا بنجاحه في القضاء على الدولة السعودية الأولى. كما اتضح هذا الموقف من السرور، بسبب سقوط الدولة السعودية الأولى، وما ألصقوه بها من تهم وصفات جارحة.