ذكرنا آنفاً أن الدولة هي الظاهرة السياسية المعنية بالدراسة الحالية في المقام الأول مع عدم إغفال الظاهرات السياسية الأخرى، معني ذلك أن المجال الأساسي لدراستنا الحالية سوف ينصب على الدولة. وقد يكون من المناسب في هذا المقام أن نعرض سريعًا للمراحل المختلفة التي مرت بها عملية ولادة الدولة على مسرح الحياة منذ نشأتها حتى الوقت الحاضر. مراحل نشأة الدولة: وقد مرت العلاقة بينهما بأربع مراحل مختلفة سواء من حيث الفترة التي استغرقتها كل مرحلة أو المظاهر التي خلقتها أو بمعنى أدق أوجدها الإنسان في البيئة وهي في المرحلة البدائية ومرحلة الثورة الزراعية الأولى، ويعنينا في موضوعنا المراحل الثلاثة الأولى - المرحلة البدائية: عمر الإنسان في هذه الفترة المبكرة من حياته قارات العالم. وقد بدأ ذلك بقارات العالم القديم نتيجة لزيادة أعداد السكان وصراعتهم على الموارد المحدودة في البيئة التي ضاقت عليهم ومن ثم بدأت حركت الإنسان - الهجرة في جميع الاتجاهات، كانت الأدوات المستخدمة بسيطة حيث صنعها الإنسان البدائي من جذوع الأشجار أو من الحجارة أو من عظام الحيوان، كان الاقتصاد في هذه المرحلة اقتصاد بدائي قاصر فقط على مد لقمة العيش حين الحاجة إلى الطعام، ولعل أدق وصف لهذه المرحلة من جهة نظر الجغرافيا السياسية أنها فترة تكون أجناس لا أوطان. - مرحلة الثورة الزراعية الأولى: توصل الإنسان إلى الزراعة في مناطق متعددة من العالم القديم حيث مارس تقليد الطبيعة في زراعة بعض النباتات التي كانت تنمو طبيعيًا في البيئة أولاً قبل أن يعرف في مرحلة تالية نقل النباتات عبر الأماكن المختلفة - هجرة النبات وكذا الحيوان - وظهرت الزراعة على الأرجح في منطقة ما من الشرق الأوسط ومنها انتقلت إلى شرق آسيا وذلك منذ نحو عشرة ألاف سنة. وقد ترتب على الزراعة تغير جوهري في علاقة الإنسان بالبيئة وبدأت آثار الإنسان الفعلية تظهر على البيئة في صورتين هما زراعة نباتات فى مساحات معينة بعد أن أزال الإنسان ما عليها من نبات طبيعى واحل محله نبات مزروع نشاط بشرى وبذلك بدأت ملامح سطح الأرض الطبيعية تتغير بامتداد الزراعة وتوسعها في مناطق مختلفة من العالم. وذلك أن الزراعة كنشاط بشرى يختلف كلية عن حرف جمع الغذاء حيث تتطلب من الإنسان الاستقرار الكامل بجوار الأرض التي يقوم بزراعتها من ناحية، ومن ثم بدأت النزاعات على الأرض من الأفراد. وترتب على تفرغ الإنسان للزراعة بعد استقراره بجوار أرضه إلى حاجته أي المزارع إلى من يقدم له خدمات أخرى لا يستطيع هو أن يوفرها لنفسه على خلاف الإنسان في المرحلة البدائية الذي كان كل فرد يكفي نفسه بنفسه من كل احتياجاته البسيطة. ببساطة شديدة فإن مرحلة الزراعة أدت إلى مزارع مستقر بجوار زراعته ومتفرغ وكليهما الأرض الزراعية ومراكز الاستقرار الدائمة في حاجة إلى حماية خاصة وأن الإنسان كان في حاجة إلى الحماية والأمن. والمياه من الأنهار بطبيعتها لها مسار محدد من أعالي النهر حتى المصب وبالتالي فإن الحصول على المياه للزراعة كان يستدعي عملية تنظيم لاستخراج المياه فضلاً عن إقامة مشروعات للري. تفرغ المزارعين للزراعة الية لمة ما لقاء ربيل والا ظهور مهن أخرى تقدم خدماتها للمزارعين. سال وجود مراكز استقرار دائمة القرى للمزارعين والمدن لغير المزارعين.