1- عدم رغبة الدولة في ممارسة الاختصاص الوطني يفقد النظام القضائي الوطني أولويته في ممارسة اختصاصه على جريمة ما في حالة ثبوت عدم رغبة السلطات الوطنية في المتابعة من خلال عدم مباشرة أي إجراء من إجراءات وهو ما يمنح المحكمة الجنائية الدولية هذه السلطة في المتابعة . ويمكن استنتاج عدم رغبة أو عدم استعداد دولة للقيام بتحقيقات جدية ومباشرة الإجراءات القضائية من عدم توفر الاستقلال والحياد لنظمها أو ممارستها القضائية، ويعتمد إدعاء المحكمة الجنائية الدولية في تقييم ذلك على بعض المؤشرات كتورط أجهزة الدولة بما فيها الأجهزة القضائية في ارتكاب الجرائم، ووجود صلة بين مرتكبي الجرائم والسلطات المسؤولة عن مباشرة إجراءات التحقيق والمحاكمة. وتجدر الإشارة إلى أن مسألة تحديد المقصود بعدم الرغبة قد أثارت جدلا واسعا بين ممثلي وفود الدول في مؤتمر روما الدبلوماسي، فرأى البعض أن استخدام مصطلح غير راغبة يحد ويضيق من اختصاص المحكمة، لأنه يحمل مفهوما يغلب عليه المعيار الشخصي، لأنها تنصب على الإجراءات القضائية أمام المحاكم الوطنية وهو يقدم معياراً موضوعيا لتحديد ما إذا كان القضاء الوطني مؤهلا للاضطلاع بممارسة اختصاصه إزاء هذه الجرائم أو لا. وبما أن عدم الرغبة تعود على الإجراءات القضائية أمام القضاء الوطني، ما يحتم البحث في تحديد نية السلطات الوطنية، ويطرح هذا الأمر مسائل شائكة على الصعيد العملي، إذ يصعب على المحكمة الجنائية الدولية أن تحصل على المعلومات الكافية لإثبات رفض النظام القضائي الوطني القيام بالتزاماته القانونية بالتحقيق والمحاكمة. إلا أن المادة 17 من النظام الأساسي قد بينت كيفية تحديد عدم الرغبة عن طريق نظر المحكمة في توافر واحد أو أكثر من الأمور التالية: أ- جرى الاضطلاع بالإجراءات أو يجري الاضطلاع بها أو جرى اتخاذ القرار الوطني بغرض حماية الشخص المعني من المسؤولية الجنائية عن جرائم داخلة في اختصاص المحكمة على النحو المشار إليه في المادة الخامسة. ب- حدث تأخير لا مبرر له في الإجراءات بما يتعارض في هذه الظروف مع نية تقديم الشخص المعني للعدالة. ج- لم تباشر الإجراءات أو لا تجري مباشرتها بشكل مستقل أو نزيه أو بوشرت أو تجري مباشرتها على نحو لا يتفق في هذه الظروف مع نية تقديم الشخص المعني للعدالة. ويمكن تفسير بعض هذه العناصر على أنها تشير إلى مفهوم سوء النية، فحماية المتهمين أو تأخير الإجراءات القانونية لأجل غير مسمى قد يكونان من بين الوسائل التي تسمح للمتهمين بالإفلات من العقاب، وبالتالي فإن توجيه اتهام للدولة يتعلق بسوء النية يعد مسألة خطيرة، وقد أبدت بعض الوفود المشاركة خشيتها من عدم موضوعية المحكمة في إثبات سوء نية الدولة،