ربما تلاحظ هذه الرموز التي يضعها المصنف أمام كل شيخ من شيوخ يحيى بن أبي زكريا ، وابن ماجه ق ، فحين يذكر لنا المؤلف ما يلي « روي عن أبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم الثقفي ( د ت ق ) » فمعنى ذلك : أن رواية يحيى بن أبي زكريا عن هذا الشيخ الذي هو أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم ليست موجودة كل الكتب الستة ، إضافة إلى أنه يصنع نفس الشيء في نسبة رواية تلاميذ الراوي عنه ، وأسد بن موسى ( د ) ، وإسماعيل بن توبة القزويني ( ق ) ، قال المزي :قال إبراهيم بن موسى الفراء عن أبي خالد الأحمر : كان جيد الأخذ . يعني : يحيى بن زائدة . وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل ، وأحمد بن سعد بن أبي مريم ، عن يحيى بن معين : وقال عثمان بن سعيد الدارمي : قلت : ليحيى بن معين : إسماعيل بن زكريا أحب إليك ، أو يحيى بن زكريا ؟ » قال : يحيى أحب إليه . وقال علي بن المديني : هو من الثقات . وقال في موضع آخر : لم يكن أحد بالكوفة بعد الثوري أثبت من ابن أبي زائدة . وقال في موضع آخر : انتهى العلم إلى ابن عباس في زمانه ، ثم إلى يحيى بن أبي زائدة في زمانه . وقال أبو حاتم : مستقيم الحدیث ، ومع هذا كله أرجو أن تقف معي على هذه العبارة فهي مهمة جدا وبين الدقة العجيبة عند المحدثين : قال المزي : وقال الغلابي ، عن يحيى بن معين : كان يحیی بن زکریا کیسا ولا أعلمه أخطأ إلا في حديث واحد ، فمما نقله في هذا ما يلي : قال الهيثم بن عدي : توفي في خلافة هارون . وقال علي بن المديني : مات سنة اثنتين وثمانين ومائة . وقال هارون بن حاتم ، ومحمد بن عبد الله الحضرمي : مات بالمدائن سنة ثلاث وثمانين ومائة ، زاد محمد بن سعد : هو قاض بها » . كون المحدث يحكم على راو عاصره أو لم يعاصره بأنه متقن في الحفظ ، ألا يحتاج هذا إلى مقياس دقيق يميز به مستوى حفظه وضبطه ؟ تعال معي إلى هذا الموقف لنستكشف الإجابة : قال يحيى بن معين : « قال لي إسماعيل ابن غلية يوما : کیف حدیثي ؟ قلت : أنت مستقيم الحديث . قال : فقال لي : وكيف علمتم ذاك ؟ قلت له : عارضنا بها أحاديث الناس . قال : فقال : الحمد لله>>. ما الذي لاحظته في القصة ؟ إسماعيل ابن علية أحد الرواة المشهورين جدا يسأل ابن معين الذي يعتبر أستاذ الحكم على الرواة ؛ كيف ضبطي فيما أنقله من الأحاديث ؟ فرد عليه ابن معين بأنه مستقيم الحديث ، فرد عليه إسماعيل يسأله نفس السؤال الذي طرحناه بالأعلى : کیف عرفت أني ضابط مستقيم الحديث؟ كيف يعرف المحدثون ذلك ؟ فقال ابن معین عبارته المهمة : عارضنا بها أحادیث الناس . وعلى قدر التوافق المتكرر من هذا الراوي مع الثقات يكون مستوى ضبطه واتقانه . وبقدر مخالفته لهم في النقل بزيادة أو نقصان ، وقد استقصی ابن حجر في « هدي الساري في مقدمة شرحه لصحيح البخاري » جميع الرواة في الصحيح البخاري » الذين أخذ عليهم مخالفات عقدية وبين نوع المخالفة وشيئا من التفصيل في ذلك . وهذا الكلام ينقض كلام بعض المتسرعين الذين يوهمون بكلامهم أن قبول الأحاديث وردها لم يكن يعتمد على قضية الضبط والصدق ؛ بل على المذهب فقط !! ومع أنه يوجد من أهل الحديث من لا يروي عن أهل البدع ،