الفصل الثاني الأطماع الاستعمارية الأوربية في ليبيا على الرغم من أن أيطاليا هي الدولة التي تحد لها أن تستحوذ على ليبيا، فان الأطماع الاستعمارية في القطر الليبي لم تكن مقصورة على ايطاليا، وبفضل هذه القنصليات صار النفوذ البريطاني واضحا بين القبائل كما قدم يوسف باش للمكتشفين والرحالة رسائل التوصية الى زعيم البورنو مدينة 1823 طالبا منه الاستمرار في إسداء العون اليهم كما كان يفعل في السابق | تفکر وتخطط لمستقبل ليبيا ويظهر هذا في التقرير الذي وضعه الرحالة البريطاني ( كوبر ) الذي قام برحلة الى مناطق ليبيا الداخلية ني: بسنتی و 1895-1896 متسترا وراء دراسة الآثار ولكنه في الحقيقة كان يدرس الأوضاع في القطر الليبي ، فقد أهاب كوبر ببريطانيا أن تتحرك على اساس انها لا يمكن أن تسكت اذا ظهر أن فرنسا تفكر في ابتلاع اقليم جديد على الساحل الجنوبي للبحر المتوسط و ونصع سياسة بلاده بالعمل على جعل طرابلس - عند زوال الصفة التركية عنها – تحت سيطرة دولة لا تصطدم مصالحها ماديا مع مصالح بريطانيا ، وطبعا هذا الشرط لا يتوفر في فرنسا وعلى هذا الأساس سار النشاط البريطاني في ليبيا في اتجاهين : : ذلك أنه لما انتشرت المستعمرات البريطانية في وسط افريقية فكرت بريطانيا في ربط هذه المستعمرات بميناء طرابلس على البحر المتوسط كاقصر طريق لربط هذه المستعمرات ببريطانيا عبر جبل طارق الذي تسيطر عليه وقد ظلمت خطوط القوافل هذه، الأطماع الفرنسية : ولكنها الحدث الأمر بمزيد من الجدية منذ احتلت الجزائر سنة ۱۸۳۰ م حيث تقدمت في السنة ذاتها ببعض المطالب الى يوسف باشا القرمانلي منها الامتناع من مطالبة الأوربيين باية مطالب : والامتناع عن تقوية اسطوله كما طالبت بان تكون لها حقوق الدولة الأفضل رعاية، كما سيطرت على بعض الشركات التي تؤدي خدمات حديثة ، كما توسعت في منطقة الحدود التونسية الطرابلسية الى ضم واحة غدامس لما لها من أهمية استراتيجية وتجارية الى تونس يدل على ذلك أن عددا من الرحالة الالمان اخذوا يترددون على تلك البلاد مثل بارت وتوجيل وملتزان ونخيتجال ورولفس ، ولكن يبدو أن التقارب بين المانيا وايطاليا ادي في النهاية الى ان تصرف المانيا نظرها من طرابلس الغرب التي كانت تتطلع اليها حليفتها ايطاليا ، الا أن الأمر لم يتجاوز التفكير خصوصا وان فيدال نقل في السنة التالية الأطماع الايطالية : بعد أن حققت ايطاليا وحدتها تحت زعامة بيت سانوي سنة 1870 م سعت لكي تتخذ لنفسها ( مكانا تحت الشمس ) بالنزول الى ميدان الاستعمار ومشاركة الدول الأخرى في تكوين أمبراطورية استعمارية في افريقية، خصوصا وأن كانت هناك ظروف تحيط بالمملكة الايطالية ميدان الاستعمار لتحصل على نصيبها من المستعمرات ، ورغبة الايطاليين في استخدم رؤوس أموالهم في استثمار موارد البلدان التي ينزحون اليها يضاف الى ذلك أن جهاد ايطاليا من اجل التحرير والوحدة السياسية تكلف نفقات باهظة وقع كاملها على اهل الجنوب على وجه الخصوص مما أدى الى انخفاض مستوى المعيشة في شتى الجهات . واعتقد الاستعماريون الأيطالبون أن التوسع الاستعماري سيكون عاملا أساسيا في حل المشاكل المستعصية في ايطاليا وفي مقدمتها الاقتصاد والبطالة ، وثمة امر على جانب كبير من الأهمية في دفع الايطاليين نحو الاستعمار الا وهو الشعور بالنقص الذي نشا بين الايطاليين من مدة طويلة نتيجة عجزهم عن تحقيق شيء من التوسع في الوقت الذي تسابقت فيه الدول الغربية العظيمة الى امتلاك المستعمرات في انحاء المعمورة وتكوين امبراطوريات استعمارية شاسعة بينما افلتت من أيدي الايطاليين فرص عديدة جعلتهم يشعرون بانهم لا يزالون في مصاف الدول الصغيرة ، فكان لابد من القضاء على هذا الشعور ' ولما كان من المتعذر على الأمم ان تعزو افعالها الى الشعور بمركب النقص كان لابد وان يبحث الايطاليون عن أسباب أخرى وذرائع تفسر وتبرر عملهم العدواني أمام العالم وبعد تحالف ايطاليا مع النمسا تطلعت انظارها بفكرة التوسع الاستعماري في شرق أفريقية خصوصا وان الظروف كانت معاونة لإيطاليا لكي ترث الممتلكات المصرية في تلك الأصقاع - وهيمنة سلطات الاحتلال على شؤون مصر الداخلية والخارجية، وتحسين العلاقات البريطانية الايطالية ، كل هذا جعل من الطبيعي أن تجد بريطانيا في ايطاليا القوة او الدولة التي يمكن أن توازن فرنسا في منطقة البحر الأحمر ، الا أن تطلع ايطاليا الى شرق أفريقية وانشغالها في تأسيس مستعمرات لها هناك في الفترة التالية لم يجعل طرابلس الغرب تغيب عن تفكيرها فكانت الحكومة الإيطالية تتصرف في كل ما يتعلق بهذه الولاية العثمانية في العلاقات الدولية وكان تبعيتها لها في المستقبل امر مفروغ منه ولذلك كانت تاخذها الغيرة اذا اقتربت أطماع الدول الأوربية الأخرى منها لان ذلك من شانه أن يجعل طرابلس تضيع من الدولة الأوربية التي سوف تتملكها عاجلا أو آجلا ألا وهي ايطاليا - بل أن مانشيني وزير الخارجية الايطالية صار يسعى لتحقيق ضالته المنشودة ( بالتقاط مفاتیح البحر المتوسط في البحر الأحمر ) وذلك : أ -بسط نفوذ ايطاليا على سواحل البحر الأحمر الأفريقية بالاتفاق ب- ثم بالتوغل الإيطالي في السودان المصري غربا الى دارفور حتى يصل النفوذ الإيطالى تدريجيا باتجاهه شمالا إلى سواحل طرابلس الغرب ' ج- وبذا تستطيع ايطاليا ن تبسط سيطرتها على سواحل البحر