يقول الشاعر في قصيدة هلاوس ليلة الظمأ : قال المخنث للمخنث: «إن نوبة نومي اقتربت فأخرس فانفجرت برأسي الصاعقة كان الصدى متشظيا بدم الهلاوس آه یا عبدالعلیم لم يترك الأهلون من نبل العصا في لعبة التحطيب ميرانا الأوغاد الزمان النذل هل رجل وضربته تجيء من الوراء !! /٢٦) تبدو علامة «العصا في المقطع السابق بوصفها دالاً مركزيًا في إطار علاقتها الإسنادية مع عدد من العلامات الثقافية الأخرى، في إشارة وصفية لأفراد السلطة بوصفهم منزوعي الرجولة، وتقوم علامة المخنث بإقامة حالة التناقض الدلالي بين الذات والسلطة، باعتبار المخنث الجلاد علامة ثقافية تحيل إلى خطاب «العنة» الذي يسقطه الشاعر على السلطة في مقابل الذات التي تحيل العلامات النصية الدالة عليها إلى خطاب الخصوبة، حيث تتطابق الذات في مقوماتها الماهوية مع الأرض بوصفها حاملة لخطاب (الخصوبة)، ومن ثم تتبدى المقارنة الشعرية القائمة على أنساق الثقافي في المقابلة بين الذات والسلطة. ثم يأتي دال «العصا أولاً بوصفه أداة السلطة في التعذيب، ليتضافر مع الحوار السردي قصيدة هلاوس ليلة الظلماً، في تعزيز القيم الواقعية للموضوع؛ بينما تتحرر علامة العصا من حصرها في إطار المؤول المباشر لتصبح علامة جديدة أكثر تطوراً، ويتم تأكيد دلالات العنة والخنوثة باستخدام جملة الاستفهام هل رجل وضربته تجيء من الوراء ؟». ولا تتوقف الفاعلية التأويلية للنسق الثقافي، الذي يستدعيه مؤول «العصا» في هذه القصيدة عند هذا الحد، كانوا ثلاثة أصدقاء ليل الموالد بعد رقص الذكر والتخمير . كان أبوك يهدر في وجهه الطيني يلمع، والعصا في إصبعيه يا جمل المحامل» - إنه جمل يُطَمطم من ثم تنكسر العصي على عصاه (۲۷) إن علامة «العصا» ترتقي إلى مرتبة أخرى لتؤشر على الموضوع في كليته بفضل سيرورتها التأويلية، وذلك باستحضارها للمخزون الثقافي للذات؛ فالعصا يتشكل مفهومها الثقافي لدى الذات في إطار - قصيدة هلاوس ليلة الظمأ، دلالتها على النسق الشعبي، بكل ما يستبطنه من قيم أخلاقية قارة في الثقافة الشعبية، وهي القيم التي تختزنها الذات، وتحت مظلة الوعي؛ حيث كانت العصا أداة مركزية في تجميع أيدي الأصدقاء الثلاثة في لعبة التحطيب،