هذا الكتاب هو ثمرة جهود دامت حوالي ربع قرن. بالبحث عن الآثار الأدبية والعلمية لعلماء الجزائر في جميع العصور) (١) وقد كنت حقا مفتتنا بهذا الموضوع منذ بدأت أعي معنى التاريخ والوطنية. وكان هدفي من البحث هو إنتاج عمل يكشف عن مساهمة الجزائر في الثقافة العربية الإسلامية والإنسانية عبر العصور. ذلك أن المستعمرين الفرنسيين قد بثوا طيلة احتلالهم للجزائر بأنه لم يكن لأهلها ماض سياسي ولا ثقافي، وزاد إهمال الدارسين العرب والمسلمين لتاريخ الجزائر من حرصي على البحث والتنقيب. وحين بدأت النهضة الوطنية في الجزائر كان مثقفوها غالبا من خريجي المدارس الفرنسية الذين لم يكن يربطهم بماضي الجزائر سوى الدين وبعض التقاليد والذكريات الشعبية. بل إن حركة ابن باديس التي ركزت على الجانب الثقافي من النهضة الوطنية، لم تعتن في مدارسها بتاريخ الجزائر الثقافي بقدر ما اعتنت بتاريخ العرب والإسلام عموما. ١) من تصديره لكتابي (شاعر الجزائر: محمد العيد ال خليفة) الطبعة الثالثة ١٩٨٤.