فاننا نكون أمام مفهوم ذي مدخلين كما هو الشأن بالنسبة لكل مفهوم علمي مدخل طبيعي واخر ثقافي، فمن البديهي أن مفهوم الإنسان مفهوم ثقافي. يحتاج إلى اللغة لكي يتم التعبير عنه، كما أنه مفهوم خاضع لتحولات كبرى تبعا للثقافات، وهو ما تثبته النظريات البيولوجية نفسها، غير أنه من البديهي كذلك أن الثقافات التي يتشكل داخلها مفهوم الإنسان، ثقافات خاصة بالتنظيم الاجتماعي لكائن بيولوجي (طبيعي )يظل دائما هو هو في سماته الأساسية ككائن ذي قدمين ودماغ كبير والذي يمكن أن نسميه إنسانا. الشيء الذي يقودنا إلى اشكال منهجي فمفهوم الانسان، حتى في المجال الذي يكون فيه محددا تحديدا علميا، يظل محتفظا بسمة اجتماعية - ثقافية غير قابلة للاختزال. غير أنه حتى في الحالة التي يكون فيها مفهوما اجتماعيا - ثقافيا فانه يحيل على سمة بيولوجية غير قابلة للاختزال. فمن الواجب اذا الربط بين هذين المدخلين لمفهوم الانسان وفق مدار يحيل فيه دوما الواحد منهما على الآخر. أي وفق مدار يمكن الملاحظ العلمي من أن يعتبر نفيه في حد ذاته بمثابة ذات متجذرة داخل ثقافة عينية وحاضرة .