التجارة كما أسهمت الدولة العباسية في دفع النشاط التجاري قدما إلى الأمام فعملت على توطيد النظام الداخلي وكبح الثورات والتصدي للمشكلات الدولية مما كان له الأثر في نهضة التجارة الداخلية والخارجية. وعلى الصعيد الداخلي استطاعت الخلافة أن تؤكد سلطانها في كل مكان ترابط الجند في الأمصار والثغور وانتشرت القواعد البحرية في البحرين الأحمر والمتوسط والمحيط الهندي، وكان للسياسة الخارجية أثر هام على توجيه النشاط التجاري في العصر العباسي الأول فعلي الجهة البيزنطية، كل ذلك وغيره جعل الموقف العباسي تجاه البيزنطيين موقفا دفاعيا، كذلك انتشار المناطق الأثرية على طول الحدود العباسية البيزنطية وكان هذا الشريط الثغرى عباره عطني أربطة أو قلاع حصينة يقيم فيها المرابطون من المقاتلة والنساك بشكل دائم، ومع بداية الخلافة العباسية، الجبهة البيزنطية ففي عام 137هـ/754م أغار البيزنطيون على أعالي بلاد الشام، واستولوا علي ملطية وخربوا حصونها، ويبدو أن الضغط قد ازداد على الجبهة البيزنطية بعد ذلك، حتى اضطر الإمبراطور البيزنطي في عام 771/155م إلى طلب الصلح على أن يؤدي الجزية للخلافة سنويا كما عمل المهدي على تحصين الثغور مستعينا بأبنه هارون الذي استطاع أن يتوغل داخل بلادهم 165هـ/ 781م، فوجدنا حرص شديد أثناء توليه الخلافة عام 181هـ/797م على المسير إلى آسيا الصغرى حتى يحقق الهدوء والأمن على الحدود البيزنطية، حتى قاد المأمون حملة بنفسه عام 218هـ/833م توجه بها إلى عمورية لكن وفاته المفاجأة أخرت هذه الحملة إلى عهد المعتصم، الذي ازداد الصراع في عصره أثناء انشغال المعتصم بثورة بابك الخرعى فأغار البيزنطيون علي مدينة زبطرة وأحرقها فثار المعتصم وسار حتى وصل إلى عمورية وضرب حولها الحصار وتغنى الشعراء بهذا الانتصار، ومع الواثق تم تبادل الأسري إيذانا بعهد جديد من السلام فضلا عن دور الأغالبة في صقلية وجنوب ايطاليا وسيادتهم البحرية في وسط البحر المتوسط، حتى انتهى الأمر بطرد البيزنطيين نهائيا من صقليه بعد ما يقرب من سبعين عاما وبذلك فقدوا أعظم معاقلهم في البحر المتوسط، كما استولى الأغالبة على مالطة وسردينا وانسابوا نحو جنوب إيطاليا ودانت للأغالبة مدنا كثيرة في الجنوب الإيطالي منها نابلي وسالرن ومونت كاسينو، والعلاقات الدبلوماسية بين الخلافة العباسية وإمبراطورية شارلمان، مما ساعد على تحول البحر المتوسط إلى بحيرة إسلامية بعد إبعاد السيطرة البيزنطية . أما من ناحية الصين، فمن المعلوم أن الخطر الصيني لم يكن يتطلع إلى مكاسب سياسية بقدر ما كان يطمع في السيطرة على الطرق التجارية في آسيا الوسطى التي كانت تسلكها القوافل إلى الشرق الأدنى وأوروبا، ومعلوما أن فتح بلاد ما وراء النهر قد تم فتحها خلال خلافة الوليد بن عبد الملك عام 93هـ/ 711م عندما تمكن القائد قتيبة بن مسلم اللاعبين من فتح بخارى و سائر مدن خورازم وسمرقند، وبعدها توجه قتيبة في عام 714/096م إلى حدود الصين، لكنه انسحب بعد ذلك ولم يتمكن من التوغل داخل الحدود الصينية، فان وقوفه على أبواب الصين جعل أباطرة الصين يعملون على تأمين حدودهم الغربية واستولوا على مواطن الأتراك الشرقيين ضد المسلمين في بلاد ما وراء النهر وكثيرا ما تحالف هؤلاء مع أمراء الأتراك الغربيين للثورة على الحكم الإسلامي في محاولات لطرد المسلمين من البلاد، وبذل المسلمون في سبيل تأكيد وجودهم الكثير وأنقذوا جيوشا متوالية حتى استردوا مدينة بخاري . ومع سقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية، وفرغانة ويرجع السبب في ذلك إلى الهزيمة التي منى بها إمبراطور الصين على يد القائد العربي زياد بن صالح الخزاعي عام 133هـ/ 750م وأدى هذا النصر إلى التقليل من حدة المطامع الصينية مما دفع الأسرة الحاكمة في الصين إلى مسالمة العباسيين . واستجابت الخلافة العباسية لمسالمة الصينين، وبدأت الخلافة العباسية بعد ذلك تقيم الثغور في حدود إقليم التركستان كما أخمدت الجيوش العباسية الثورات التي قامت بها وأرغمتها على الخضوع . فكان علي العباسيين أن يثبتوا هذه الفتوحات وان يعيدوا فتح الأقاليم الخارجة عن سلطة الخلافة ولم ينته عصر المعتصم إلا وكان الإسلام منتشرا في الأجزاء الشمالية من الهند وتبع ذلك إنشاء المدن واستقرار القبائل العربية. وعرف ملاحو العرب أمور الملاحة. ولم تنته سياسة التفاهم بموت الرشيد إنما تابعها المأمون، فظلت في عهد المامون . نمو التجارة الدولية في ظل الاسلام : وطريق آخر شمالي بغداد ويتجه الموصل سنجار نصيبين الرقة طبرية الرملة القاهرة الاسكندرية وطريق ثالث يبدأ من غرب أوربا الاندلس طنجة المغرب مصر الشام ويصل في النهاية إلى العراق. أما الطرق البحرية يبدأ من غرب أوربا إلى المشرق مارا بمصر وقام بهذا الدور التجار اليهود الذين يطلق عليهم الرهدانية، فيحملون من الغرب الخدم والجواري والجلود، ثم يأتون من الهند بالمسك والعود كما اهتموا بتجارة شرق أفريقية والبحر الأحمر وموانيه لطلب الذهب . والسفتجة عبارة عن خطاب تذكر فيه قيمة معنية من المال قابل للصرف في أي مكان من عملاء وجهابذة الشخص الذي يقوم بتحرير السفتجة ظهر أيضا الصك وهو بمثابة ورقة مالية يثبت فيها قيمة دين أو قرض له أجل معين، أما عن مكوس التجارة، وكان ما يؤكد في جدة بالدنانير والفلزم الدراهم، وتجلى دور الدولة في الاهتمام بالتجارة من خلال رفع الظلم عن التجار فأخذ الرشيد بنصائحالقاضي أبي يوسف في الحيلولة دون جور العمال في تحصيل الأموال واقترح أبو يوسف تولية قوما من أهل الصلاح والدين على المكوس كما أشار على الرشيد أن يتفقد أعمالهم ويعزل الفاسد منهم.