4/29 20:24] : تدور مادَّةُ «فَسَرَ» في لُغةِ العربِ على معنى البيانِ والكشفِ والوضوحِ (١)،  وفسَّرتُ الحديثَ: إذا بيَّنتُه وهذا القولُ ليسَ بسديدٍ؛ ودعوى القلبِ خلافُ الأصلِ. كما أنه يكونُ لها المعنى الخاصُّ بها الذي تستقلُّ به. واشتراكُها مع غيرِها في معنى أصل المادَّةِ لا يعني أنَّها مشتقَّةٌ منها، ولو ادُّعي العكسُ لما كان هناك ما يبيِّنُ صحَّةَ إحدى الدَّعويينِ. مما لا يسفر له وجه» (١). والصَّحيحُ أنَّه كما بين المادَّتين تقاربٌ في اللَّفظِ، فكذلك بينهما تقاربٌ في المعنى، هذا، وجاءوا بعباراتٍ شَتَّى، وقد اجتهدتُ في معرفةِ الصحيحِ منها في بيانِ مصطلحِ التَّفسيرِ، ورأيتُ أنَّ المرادَ بالتَّفسيرِ بيان المعنى الَّذي أرادَه اللهُ بكلامِه، فانطلقتُ من المعنى اللُّغويِّ للَّفظةِ، وجعلتُه أصلاً أعتمدُه في تحديدِ المرادِ بالتَّفسيرِ. فإنها من التَّفسيرِ، 4/29 20:25] : كتبِه، إمَّا لقربها من علمِ التَّفسيرِ بكونها من علومِ القرآنِ، وإمَّا لتفنُّنِ المفسِّر بذكرِ العلمِ الذي برز فيه، فجعل تفسيره للقرآنِ ميداناً لتطبيقاتِ علمِه، وإمَّا لوجودِ علاقةٍ أخرى بينها وبين ما يذكره المفسِّرُ، وإمَّا أن لا يكون لها علاقةٌ البتَّةَ، وهذا البيان قد يكون بآية، وقد يكون بذكر قصة الآية، وهذا يعني أن المعلومات التي يذكرها المفسرون، وهي خارجة عن حدِّ البيان للآيات = ليس من صلب التفسير، وذِكْرُهم لها في تفاسيرهم ليس حجةً في إدخالها، لهذا قد يذكر بعضهم اعتراضات على بعض المفسرين، أو يذكر تنبيهاً في عدم دخول بعض المعلومات في التفسير، ١ - قال ابن عطية الأندلسي (ت:٥٤٢) في تفسير قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [الطلاق: ١]: «وطلاق النساء حَلُّ عصمتهنَّ. وليس ذلك من علم التفسير، وهكذا أطالوا بذكر فضائل المسجد الحرام والمسجد الأقصى، وهو مبحث آخر، ٤ - قال الطاهر بن عاشور (ت:١٣٩٣) في تفسير قوله 4/29 20:43] : تعالى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ}[المجادلة: ٢]: «ولم يشر القرآن إلى اسم الظَّهْرِ، وذلك من مجال الفتوى، وليس من مهيع التفسير» (١). ولا شكَّ أنَّ أقوال هؤلاء تشير إلى ما ذكرته من وجود حدٍّ للتفسيرِ، ووجود معلومات زائدةٍ عن هذا الحدِّ يذكرها المفسرون. لقد تأمَّلتُ المعلومات الواردة في كتبِ التَّفسيرِ، فوجدت منها ما ينطبق عليه حدُّ البيان، ومنها ما لا ينطبقُ عليه حدُّ البيانِ؛ أي أنَّ عدمَ وجودِها لا يؤثِّرُ في فهم المعنى وبيانِه. وقد قمتُ بترتيبِ هذه المعلوماتِ الواردة في كتب التفسير على الشَّكلِ الآتي: 4/29 20:44] : ١ - تفسيرُ القرآنِ،  أي: بيانه بياناً مباشراً. ومن الأمثلةِ تفسيرُ لفظِ: «البروجِ» في قوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ} [البروج: ١]، فإنْ قلتَ: ما الموقفُ من الوجوهِ التَّفسيريَّةِ، لأنَّ في كلٍّ منها بياناً، وإن اختلفتْ في تحديده.  فقد ورد فيها معنيان: الثاني: تغيَّرت، وهي التَّغيُّرُ بعد 4/29 20:45] : الصَّفاء، وفي كلا المعنيينِ بيانٌ، فلو قلتَ بالقولِ الأولِ،  لكان المعنى: «وإذا النُّجومُ تناثرت وسقطت». وإذا قلتَ بالقول الثاني،  كان المعنى: «وإذا النُّجومُ تغيَّرت وذهب ضوؤها». وهذا يعني أنَّك في هذه الخلافاتِ التَّفسيريَّةِ لا ترى: هل وقع الخلافُ في المعنى المرادِ أم لا؟. وإنَّما الذي يَعْنِيكَ فيها: هل هذه الأوجهُ التَّفسيريَّةُ المختلفةُ ينطبقُ عليها حدُّ البيانِ أم لا؟. ٢ - معلوماتٌ تفيدُ في تقويةِ بيانِ المعنى، وبهذا تكونُ أقربَ إلى علمِ التَّفسيرِ من غيرها، وهذه المعلوماتُ تزيدُه وضوحاً وتقويِّه،  كقولهم: تبرَّجت المرأةُ: إذ أظهرتْ زينتها ومحاسنَها، ومنه كانتِ 4/29 20:46] : النُّجومُ بروجاً؛ لظهورِها وبروزِها للعيانِ، فيكونُ إطلاقُ البروجِ على النُّجومِ من هذا البابِ. والفقه، ومن أمثلةِ هذه الاستنباطاتِ ما ذكرَه السُّيوطيُّ (ت:٩١١)،  قال: «قوله تعالى:{وَامْرَأَتُهُ} [المسد: ٤]، والمرادُ بهذه الاستنباطات هنا ما كانَ وراءَ الأحكامِ الصَّريحةِ في الآيةِ؛ هذا، وسيأتي لاحقاً مزيدُ بسطٍ لموضوع الاستنباطات. 4/29 20:46] : ٤ - لطائفُ ومُلَحٌ تفسيريَّة (١). أَنَّه يفيدُ أنَّ هؤلاءِ كانوا موتى باعتقاداتِهم، وهذه اللَّطائفُ يختلفُ في استملاحِها النَّاسُ، وليس لها ضابطٌ يُتَّفق عليه في استحسانها؛ فيعدُّ بعضَ مسائلِ علومِ القرآنِ من التَّفسيرِ، فإنها تُعَدُّ من التَّفسيرِ، أَمَّا إِذا لم يكنْ لها أثرٌ في الفَهمِ، 4/29 20:47] : ومن الأمثلةِ على ذلك، ما ذكره ابن عطيَّةَ(ت:٥٤٢) في أوَّل تفسيرِ سورة البقرةِ،  قال:«هذه السُّورةُ مدنيَّةٌ، وفيها آخرُ آيةٍ نزلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} [البقرة: ٢٨١]. وقيل: وستٌ وثمانون، وإذا فرزتَ هذه المعلوماتِ، وأنَّ جلَّها مما لا يفيدُ في بيانِ المعنى، 4/29 20:48] : المواطنِ، كادِّعاءِ نسخِ آيةٍ من آياتِها بآيةٍ مكيَّةٍ، وإنما يكونُ المفسِّرُ ممن برزَ في علمٍ من هذه العلومِ، والنَّحويُّ يوردُ مسائلَ علمِ النَّحوِ، والفلسفيَّةِ، وغيرِها. والأمثلةُ في هذا النَّوعِ تطولُ، وفي هذا من الوضوحِ ما ليس في سابقِه، 4/29 20:48] : وليس في ذلك كثيرُ فائدةٍ، وهكذا أطالوا بذكرِ فضائلِ المسجدِ الحرامِ والمسجدِ الأقصى، والمقصودُ في كتبِ التَّفسيرِ ما يتعلَّقُ بتفسيرِ ألفاظِ الكتابِ العزيزِ، وذكرِ أسبابِ النُّزولِ، وبيان ما يؤخذُ منه من المسائلِ الشَّرعيَّةِ، وهذه الاستطراداتُ العلميَّةُ إنما يكونُ محلُّها كتبَ العلمِ الذي تنتمي إليه، فالاستطراد في المسائل الفقهية محله كتب الفقه، فهو تفسيرٌ، وما كان خارجاً عن حدِّ البيانِ، وبهذا الضَّابطِ يمكنُ تحديدُ المعلوماتِ التي هي من التَّفسيرِ، وليس ذكرَ منثوراتِ هذا البيانِ. 4/29 20:48] : وبهذا فتخصيصُ العامِّ بيانٌ، وتقييدُ المطلقِ بيانٌ، وتفسيرُ اللفظِ الغريبِ بيانٌ، وكلُّ ما له أثرٌ في فهم المعنى بيانٌ، وهو التَّفسيرُ. تعريفاتُ العلماءِ للتَّفسيرِ يطولُ المقامُ بسردها (١)، ولقد اطَّلعتُ على جملةٍ من التَّعريفاتِ، 4/29 20:49] : وعرَّفَهُ أبو حيان (ت:٧٤٥)،  فقال:«التفسيرُ: علمٌ يُبحثُ فيه عن كيفيةِ النطقِ بألفاظِ القرآنِ، ومدلولاتِها، ومعانيها التي تُحمَلُ عليها حالَ التركيبِ، وقولنا: «يُبحثُ فيه عن كيفيَّةِ النُّطقِ بألفاظِ القرآنِ»: هذا علمُ القراءاتِ. وهذا علمُ اللُّغةِ الذي يُحْتاجُ إليه في هذا العلمِ. «ومعانيها التي تحمل عليها حال التَّركيب»: شملَ بقوله: «التي تحمل عليها»: ما دلالته عليه بالحقيقةِ، ويصدُّ عن الحملِ على الظَّاهرِ صادٌّ، وقولنا: «وتتمات ذلك»: هو معرفةُ النَّسخِ، ومحكمِها ومتشابِهها، ومجملِها ومفسرِها. وأمرِها ونهيِها، وأسبابِ النُّزولِ، ومن نحا نحوه» (١). * وقال الكَافِيجِيُّ (ت:٨٧٩): «وأمَّا التَّفسيرُ في العُرْفِ، والمرادُ من معاني القرآنِ أعمُّ، سواءً كانت معاني لغويَّةً أو شرعيَّةً، وغير ذلك.  ونحو: الأحكام الخمسة. تحليل هذه التَّعريفاتِ: أوَّلاً: أنَّ بعضَ هذه التَّعريفاتِ قد نصَّ على مهمَّةِ المفسِّرِ، وضابطِ التَّفسيرِ، كتعريف أبي حيَّان(ت:٧٤٥) والزركشيِّ (ت:٧٩٤). 4/29 20:52] : ويظهرُ أنَّ أصحابَ هذه التَّعريفاتِ لم يُميِّزوا بين التَّفسيرِ وعلوم القرآن، ولا من مُهِمَّةِ المفسرِ، كابن عرفة (ت:٨٠٣) الذي جعل علم الإعجازِ من علمِ التَّفسيرِ، والكافيجيِّ (ت:٨٧٩) الذي أدخل في تعريفه علم أصول الفقه. وهذا ليسَ بصحيحٍ، ويظهرُ أنَّ سببَ ذلك؛ أنهم لم يُحدِّدُوا مهمةَ المفسِّرِ، حتَّى أنَّ بعضَ من تحدَّث عن العلوم التي تلزمُ المفسِّرَ ذكرَ جملةَ العلومِ الإسلاميَّةِ التي لو كانت في مفسِّرٍ لكان مجتهداً مطلقاً في الشَّريعةِ. وهذه العلوم، وإن كان المفسِّرُ بحاجةِ شيءٍ منها، إلاَّ أنَّ من ذكرَها لم يذكر المقدارَ الذي يحتاجُه المفسِّرُ من كلِّ علمٍ منها. كما يظهر أنَّ التخصص الذي يغلب على المفسر يجعله لا يرى أحداً أحقَّ بالتفسير حتى يكتمل في العلم الذي برز هو فيه، لذا ترى الزمخشري (ت:٥٣٨) لا يرى المفسر مفسراً حتى يكون له نصيب من علم المعاني وعلم البيان (أي: علم البلاغة). وأنهضَها بما يبهرُ الألبابَ القوارحَ من غرائبِ نكتٍ يلطفُ مسلكُها، ومستودعاتِ أسرارٍ يدقُّ سِلْكها = علمُ التفسير الذي لا يتمُّ لتعاطيه وإجالةِ النظرِ فيه كلُّ ذي علم، واللغويُّ وإن علك اللغاتِ بقوة لحييه = لا يتصدى منهم أحد لسلوك تلك الطرائق، ولا يغوص على شيء من تلك الحقائق إلا رجلٌ قد برعَ في علمين مختصين بالقرآنِ، وتمهَّلَ في ارتيادِهما آونةً، وتعبَ في التنقيرِ عنهما أزمنةً، وبعثته على تتبُّعِ مظانِّهما هِمَّةٌ في معرفةِ لطائفِ حجةِ اللهِ،  جامعاً بين أمرين: تحقيقٍ وحفظٍ . »(١). 4/29 20:53] : وإذا تأمَّلت هذا العلم الذي نصَّ عليه الزمخشري (ت:٥٣٨) ـ أي: علم البلاغة ـ وجدت أنه إنَّما يحتاجُه من كانَ عملُه زائداً عن مهمَّةِ التَّفسيرِ، ولكن هذا ليس من مهمةِ المفسِّر، واللهُ أعلمُ. ولو جُرِّدَ التَّفسيرُ من كثيرٍ من هذه المعلوماتِ، وترجيحِ أقوالِ المتقدِّمينَ. لما كان هناكَ معلوماتٌ كثيرةٌ ومفيدةٌ مما يُرَى الآن في التَّفاسيرِ، ثمَّ يمكن أن يؤتَى بعد ذلك بالمعلوماتِ التي ليست من صلبِ التَّفسير. 4/29 20:54] : علم اللُّغةِ، أو علم الصَّرفِ، أو علم الحديثِ، أو علومٍ أخرى. كما ستجدُ تميُّزاً في ذكرِ بعضِ فوائدِ الآي والاستنباطِ منها، كقول ابن كثيرٍ(ت:٧٧٤) في تفسير قوله تعالى: {كِرَامٍ بَرَرَةٍ}[عبس: ١٦]،  أي: خُلُقُهم كريمٌ حَسَنٌ شريفٌ، وأخلاقهم وأفعالُهم بارَّةٌ طاهرةٌ كاملةٌ [يعني: الملائكة]. ومن ها هنا ينبغي لحامل القرآنِ أن يكونَ في أفعالِه وأقوالِه على السَّدادِ والرَّشادِ» (١). ولمَّا كان المقصدُ من التَّعريفِ تحريرُ المرادِ بالعلمِ، كانَ ما ذكرتُ لكَ من نقدِ بعضِ التَّعريفاتِ، أمَّا ما سلكه بعضُ العلماءِ من منهجٍ في كتابةِ تفاسيرِهم، فهذا لا يوجَّهُ إليه النَّقدُ من هذه الجِهةِ؛ لكن إن جُعلتْ هذه المعلوماتُ التي هي خارجةٌ عن حدِّ البيانِ من صلبِ التَّفسيرِ، فها هنا يكونُ النِّقاشُ وتحريرُ المرادِ بمصطلحِ التَّفسيرِ. إذ لا تجدُ عندهم في تفاسيرِهم تلك الاستطراداتُ التي عند المتأخِّرينَ. وقد كان الطبري (ت:٣١٠) يحرص على بيان المعنى ـ الذي هو التفسير ـ، وقد يذكره بعد جملة الآيات التي يفسرها، قد تأمَّلتُ ما يكونُ من الزِّياداتِ التي زادها المتأخِّرونَ على تفاسيرِ السَّلفِ،  فظهرَ لي الآتي: ١ - تقويةُ ما وردَ عن السَّلفِ من اختياراتٍ تفسيريَّةٍ، ٢ - ذكر معلوماتٍ قرآنيَّةٍ لا علاقةَ لها بتفسيرِ الآيةِ مباشرةً، وإن كانت تتعلَّقُ بالآيةِ من وجهٍ آخرَ، ٣ - التوسُّع في العلمِ الذي برزَ فيه المؤلِّفُ، والاستطرادُ في ذكر تفاصيلِ مسائلِه، 4/29 20:55] : ويظهر على بعض هذه العلوم أنها مما زاده المتأخرون في التفسير على ما ورد عن السلف؛ والتوسع في المسائل اللغوية والتصريفية والاشتقاقية، والتفصيل في وجوه الأداء في القراءة، وغيرها من العلوم التي حدثت وضُبِطت مسائلها بعد جيل السلف. ٤ - ذكرُ أوجهٍ تفسيريَّةٍ جديدةٍ عمَّا هو واردٌ عن السَّلفِ. ٥ - ذكر جملةٍ من الاستنباطات الفقهيَّةِ والأدبيَّةِ، والاستدلال للمسائل العقدية، ويمكنُ أن تظهرَ لك هذه النِّقاطُ بتأمُّلِ سورةٍ من السُّورِ، وتفسير أبي حيَّان (ت:٧٤٥)، وتفسير الطاهر بن عاشور (ت:١٣٩٣)، وسيظهرُ لك هذا جليًّا بإذن اللهِ. تطبيق على سورة الكوثر] قوله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ *فَصَلِّ لِرَّبِكَ وَانْحَرْ *إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} [الكوثر: ١ - ٣]. 4/29 20:56] : أولاً ـ التفسيرُ: ليُعلم أن المراد هنا ذكرُ وجوه التفسير التي وردت في هذه الكتب، وليس المراد تصحيح هذه الوجوه أو تضعيفها؛  وإليك ألفاظ الآية وما ورد فيها من وجوه: الكوثر] ويكون المعنى: إن وهبناك شيئاً كثيراً، من النبوة، 4/29 20:56] : والقرآن، وكثرةِ الأتبَاعِ، وغيرِها. الوجه الثاني: الكوثرُ: النهر الذي أُعطيَه في الجَنَّةِ،  ويكونُ المعنى: إنَّا وهبناك نهر الكوثرِ الذي في الجنَّةِ. فيشملُ كلَّ صلاةٍ وكلَّ نحرٍ،  ويكونُ المعنى:اجعل صلاتك كلَّها، الوجه الثاني: صلِّ يوم النَّحرِ صلاةَ العيدِ لأجلِ ربِّكَ، واذبح أضحيتك بعدها. الوجه الثالث: اجعل صلاتك لله ربِّك، واجعل يديك على صدركَ، قريباً من نحركَ. 4/29 20:57] : الشانئ الأبتر: لم يقع خلافٌ في معنى الشانئ الأبتر، بل هي أمثلةٌ لمن يتَّصفُ بأنه مبغضٌ للرسولِ صلّى الله عليه وسلّم، ثانياً ـ المعلومات التي تأتي بعد التَّفسيرِ: فإنَّ الغالبَ عليها أنَّها تكونُ خارجةً عن حدِّ البيانِ، قَابَلَ في هذه السورةِ البخل بـ {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}[الكوثر: ١]، وغالبُ علمِ المناسباتِ من باب المُلحِ واللَّطائِفِ؛ * ذكر الطَّاهرُ بن عاشور (ت:١٣٩٣) ما يتعلَّق بتسميةِ السورةِ، وتسمية السورة والاختلافُ فيها لا أثر له في تفسيرِ الآيات، بل هو من علومِ القرآنِ. وأنَّها أقصر سور القرآن. وكلُّ هذا لا أثر له في التَّفسيرِ، وهو من علوم القرآنِ. * ذكر الطاهرُ بن عاشور (ت:١٣٩٣)أغراض السُّورةِ، وهي جملةُ الموضوعات التي طرحتها السُّورةُ (٣). وهذا من علوم القرآنِ؛ لأنَّه لا أثر له في بيانِ الآيات. 4/29 20:58] : حكايةُ قراءة من قرأ «أعطيناك»، وهذا لا أثر له في التفسيرِ، * وذكروا معنى الكوثر في اللغةِ وشواهده، وأنَّه بناءُ مبالغةٍ من الكثرةِ. وفي هذا تقويةٌ لتفسيرِ معنى الكوثرِ بالشَّيء الكثيرِ، وبيانٌ لوجه كونِ غيرِه من الأشياء يطلق عليها مسمَّى الكوثرِ؛ * ذكر الطاهرُ بن عاشور (ت:١٣٩٣) بعض النِّكات البلاغية،  فقال: «افتتاح الكلامِ بحرفِ التَّأكيدِ للاهتمام بالخبرِ. والإشعار بأنه شيء عظيمٌ، يستتبعُ الإشعار بتنويه شأن النَّبي صلّى الله عليه وسلّم كما تقدَّم في {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: ١]. والكلام مسوق مساق البشارةِ وإنشاءِ العطاءِ لا مساق الإخبار بعطاءٍ سابقٍ. 4/29 20:58] : وضميرُ العظمةِ مشعرٌ بالامتنانِ بعطاءٍ عظيمٍ» (١). وهذا كلُّه خارجٌ عن حدِّ التَّفسيرِ؛ لأنَّه لا أثر له في بيانِ المعاني، وإن كان من العلوم المتعلِّقةِ بالآيةِ مباشرةً.  والعدولَ عن الضمير إلى الاسم الظَّاهرِ في قوله: {فَصَلِّ لِرَّبِكَ}، وكلُّ هذا من علومِ الآيةِ التي تتعلَّقُ ببلاغتها، وقس على ذلك غيرها من الفوائد التي ذكرها الطَّاهر بن عاشور (ت:١٣٩٣) مما هو خارجٌ عن حدِّ بيانِ المعنى المرادِ بالآيةِ. وفصَّل في بعضِها، ـ ووضع اليمين على الشمال في الصلاةِ، والموضع الذي توضع عليه اليَدُ في الصلاةِ، 4/29 20:59] : وذكرنا أيضاً في سورة الحج جملة من أحكامها. قال ابن العربي: ومن عجيب الأمر أن الشافعي قال: إن من ضحَّى قبل الصلاة أجزأه،  والله تعالى يقول في كتابه: {فَصَلِّ لِرَّبِكَ وَانْحَرْ}، فبدأ بالصلاة قبل النحر،  وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم في البخاري وغيره عن البراء بن عازب قال: «أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر من فعل فقد أصاب نسكنا ومن ذبح قبل فإنما هو لحم قدمه لأهله ليس من النسك في شيء»، وأصحابه ينكرونه وحبذا الموافقة. الثالثة: وأما ما روي عن علي عليه السلام {فَصَلِّ لِرَّبِكَ وَانْحَرْ}،  فقد اختلف علماؤنا في ذلك على ثلاثة أقوال: الأول: لا توضع فريضة ولا نافلة لأن ذلك من باب الاعتماد، ولا يجوز في الفرض ولا يستحب في النفل. وهو الصحيح؛ 4/29 20:59] : لأنه ثبت أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وضع يده اليمنى على اليسرى من حديث وائل بن حجر وغيره. قال ابن المنذر: وبه قال مالك وأحمد وإسحاق، واستحبَّ ذلك أصحاب الرَّأي، ورأت جماعة إرسال اليد،  قلت:وهو مروي أيضاً عن مالك. قال ابن عبد البَرِّ: إرسال اليدين ووضع اليمنى على الشمال كل ذلك من سنَّة الصلاة.  وقالت طائفة: توضع تحت السُّرَّةِ، الخامسة: وأما رفع اليدين في التكبير عند الافتتاح والركوع والرفع من الركوع والسجود فاختلف في ذلك. 4/29 21:00] : رفع رأسه من الركوع وإذا سجد، لم يروه عن حميد مرفوعاً إلا عبد الوهاب الثقفي. والصواب: من فعل أنس. ويفعل ذلك حين يرفع رأسه من الركوع،  ويقول: سمع الله لمن حمده، ولا يفعل ذلك حين يرفع رأسه من السجود. قال ابن المنذر: وهذا قول الليث بن سعد، وأحمد، وأبي ثور، وبه أقول؛ لأنه الثَّابت عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وقالت طائفة: يرفع المصلي يديه حين يفتتح الصلاة، ولا يرفع فيما سوى ذلك، هذا قول سفيان الثوري وأصحاب الرأي. عن حماد، 4/29 21:01] : قال إسحاق: به نأخذ في الصلاة كلها. قال الدارقطني: تفرد به محمد بن جابر، عن عبد الله من فعله، غير مرفوع إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهو الصواب. وقد روى يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال الدارقطني: وإنما لُقِّنَ يزيد في آخر عمره:«ثم لم يعد» فَتَلَقَّنَهُ. وكان قد اختلط. وفي (مختصر ما ليس في المختصر) عن مالك: لا يرفع اليدين في شيء من الصلاة. لا كتب التَّفسيرِ، وهو 4/29 21:01] : من التَّوسُّعِ بسببِ بروع القرطبيِّ (ت:٦٧١)في علمِ الفقه، ولأجلِ أَنَّه قصد إبرازَ ما يتعلَّقُ بالآيةِ من أحكامٍ فقهيَّةٍ من أيِّ وجه كان هذا التَّعَلقُ، ولا يلزم من هذا أن يكونَ كلُّ ما ذكره من مسائل الفقه هو من التَّفسيرِ، واللهُ أعلمُ. أرجو أن أكون قد وُفِّقتُ لتحديد مفهومِ التَّفسيرِ، وإن اختلفتَ معي في مثالٍ من الأمثلةِ التي أخرجْتها من صلبِ التَّفسرِ، تنبيهان: الأول: لا يعني حديثي هنا عن تحرير مصطلحِ التَّفسيرِ أنَّ المفسِّرَ يجبُ أن يقفَ على التَّفسيرِ، فائدة معرفة مفهوم التفسير] لأنَّه إذا صحَّ له المعنى صار أصلاً صحيحاً يعتمد عليه في الاستنباط وغيره. الفائدة الثانية: معرفة علاقة المعلومات التي يذكرها المفسرون في كتبهم بمفهوم التفسير، وقد كتب في موضوع العلوم التي يحتاجها المفسر بعض العلماءِ، لكنهم توسعوا في طلب هذه العلوم، وقد جعلها عشرة علوم،