قبل عام من بدء العمل الميداني، قمت بجولة في الوطن العربي بهدف اختيار جماعة أقوم فيهـا بدراسة العلاقة بين النظام الصحي وعالم الرجال والنساء. فقد تصورت أنه من الأنسب أن أعمل بين عرب غير مصريين. أن التجـوال في بلدي حرك في نفسي الدافع الأصلي الذي جعلني أختار الأنثروبولوجيا . إلا أنني كنت لا أزال واقعة تحت ضغوط القول بأن اتجاه باحثة مصرية للعمل في مصر أمر غير مناسب. وأن خلفيتي الاجتماعية شديدة الاختلاف عن الخلفية الاجتماعية للفلاحين. وتمسكاً بالـولاء للتقاليد الأنثروبولوجية، قررت العمل في مجتمع ريفي . وعلى الرغم من توجهي الإشكالي، واستعدادي لاستخدام طريقة العينات الإحصائية، بالاضافة إلى أشكال أخرى من المنهجية الصارمة، شرعت في البحث عن قرية يمكن دراستها في جملتها. غير أن حجم القرية لم يكن عامل الجذب الوحيد. ذلك أنه إلى جانب توفر خصائص الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية العامة التي تميز القرى المصرية،