التسامح أسمى معاني المروءة التسامح هو خلق من أفضل الأخلاق وأطيبها، وترتفع قدرًا عند الخالق، والحُلم عن المسيء والصفح عنه، والتسامح من أعظم الصفات التي حث عليها الله في كتابه، حيث قال: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.١] التسامح سُموٌ وثواب إنّ للتسامح آثارًا عظيمةً على الفرد والمجتمع، فهو شجرة طيبة تُثمر طيب الثمر، فمتى كان الأفراد متسامحين ظهر المجتمع قويًا ومزدهرًا خاليًا من الأحقاد والضغائن التي تُولّد المشكلات، كما أنّ التسامح يُكسب المسامح رضا الله، ويُشعره بالراحة والسكينة والطمأنينة، ويدفع المسيء لتجنّب الإساءة في حياته لما رآه من صفحٍ وعفو عند خطئه، قال الشاعر أحمد شوقي: تسامحُ النفس معنىً من مروءتها بل المروءةُ في أسمى معانيها تخلقِ الصفحَ تسعدْ في الحياةِ به فالنفسُ يسِعدُها خلقٌ ويشقيها قد يتساءل البعض كيف أكون متسامحًا؟ يكون التسامح برغبة الإنسان بأن يكون سعيدًا لا يُعكر صفوه شيء، فينسى الأفعال السيئة ويستحضر الجيّدة منها، ويُوسّع صدره في تجاوز عن أخطاء الغير ابتغاءً لمرضاة الله الذي يُحبُّ العافين عن الناس، كما يكون التسامح بترويض النفس وتعويدها على ذلك بالدعاء، والاستغفار عند الغضب والرغبة بالانتقام. كما تزيد قدرة الفرد على التسامح بقراءة الآيات التي تحث عليه وبالتفكّر فيها، وبما أعدّه الله للمسامح من فضل كبير، وكذلك بالنّظر في الأحاديث النبوية، وصور التسامح التي وردت عن السلف الصالح، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما نقصَتْ صَدَقَة مِنْ مالٍ ومَا زادَ اللهُ عبدًا بعفوٍ إلا عِزًا وما توَاضَعَ أحدٌ للهِ إلا رفعهُ اللهُ".٢] التسامح زينة الفضائل تتعدد أنواع التسامح، إذ يُوجد التسامح الديني والسياسي والفكري والثقافي، ولكن تشترك هذه الأنواع بقيم ومبادئ متنوعة، مثل: تجنب التعصب وخطاب الكراهية، ثقافة الحوار والصدق مع الآخر، فالتسامح قيمة أخلاقية وحضاية، تعود على الفرد والمجتمع بالنفع والفائدة، فتجعل الفرد أكثر احترامًا للآخرين، مما يُولد التآخي والمحبة والإخلاص بين أبناء المجتمع الواحد، يقول الإمام الشافعي: لما عفوت ولم أحقدْ على أحد أرحتُ نفسي من هَمِّ العداواتِ إِني أُحَيِّ عدوي عند رؤيتِه لأدفعَ الشر عني بالتحياتِ كما أنّ التسامح ما بين أبناء الوطن يدفع لنبذ التفرقة، ومن صور التسامح: البعد عن رد الإساءة بالإساءة، فهذا الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالرغم من أذى المشركين له، وعندما عاد إلى مكة المكرمة عفا عن قريش، فأعطانا درسًا في التواضع والعفو والأخلاق. التسامح شجرةٌ مثمرةٌ في الختام، التسامح شجرة مثمرة وطريق للجنة، ففي طياته معاني الرحمة والعفو والعطف، فما أعمقه من فعل نبيل! وما أشجع من يقوم به! فالنفوس الطيبة والعظيمة هي وحدها من تعرف كيف تُسامح، وهذا يدل على العقلانية والحد من الحقد.