" أي بنية إن الوصية لو تركت لفضل أدب تركت لذلك منك ولكنها تذكرة للغافل ومعونة للعاقل، ولو أن امرأة استغنت عن الزوج لغنى أبويها وشدة حاجتهما إليها كنت أغنى الناس عنه ولكن النساء للرجال خلقن ولهن خلق الرجال. " أي بنية إنك فارقت الجو الذي منه خرجت وخلفت العش الذي فيه درجت إلى وكر لن تعرفيه وقرين لم تألفيه؛ فكوني له أمَة يكن لك عبداً واحفظي له خصالا عشرا يكن لك ذخرا. أما الأولى والثانية: فحسن الصحبة له بالقناعة، والثالثة والرابعة: التفقد لمواقع عينه، فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم أنفه منك إلا أطيب ريح. واعلمي أن الكحل أحسن الحُسن المفقود، والماء أطيب الطيب الموجود. واعلمي أن أصل الاحتفاظ بالمال حسن التقدير، وأصل الارعاء في العيال حسن التدبير. والسابعة والثامنة: التعهد لوقت طعامه، والهدوء والسكون عند منامه؛ فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره، وإن عصيت أمره أوغرت صدره. ثم بعد ذلك إياك والفرح بين يديه إن كان مهتما والكآبة بين يديه إن كان فرحا "، فإن الأولى من التقصير والثانية من التكدير. وأشد ما تكونين له إعظاما أشد ما يكون لك إكراما. ولن تصلي إلى ذلك حتى تؤثري رضاه على رضاك، وهواه على هواك فيما أحببت أو كرهت،