الوحدة الأولى مفهوم الأخلاق، ومكانتها أخي الطالب / أختي الطالبة : يتوقع بعد دراستك لهذه الوحدة أن تكون قادرا على : - ۲ - إدراك أهمية الأخلاق ومكانتها في الدين الإسلامي. ٣ - بيان جوانب الصلة بين الأخلاق وغيرها من الجوانب ذات الصلة. ۱ أخلاقيات المهنة أولاً : مفهوم الأخلاق. مفهوم الأخلاق، جمع خُلُق، 1) ويختلف الخَلْق عن الخُلْق، فهما وإن كانا في الأصل واحد كالشرب والشرب، لكن خُصَّ الخَلْق بالهيئات والأشكال والصور المدركة بالبصر، وخُصَّ الخُلْق بالقوى والسجايا المدركة بالبصيرة (٢). وو كما يختلف الخلق وعن مصطلح الخيم ، يقول القرطبي في تفسيره : وحقيقة الخلق في اللغة هو ما يأخذ الإنسانُ به نفسه من الأدب يُسمَّى خُلُقًا ؛ فيكون الخلق الطَّبع المتكلف، يسير الأخلاق اصطلاحاً يطلق كثيرا على المعنى اللغوي، وهي الآداب الصادرة عن : 1)) : الطبع والسجية ومن تعريف الخلق تعريف الإمام الغزالي لها، حيث قال : الخلق عبارة عن هيئة في النفس راسخة ، عنها تصدر الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فِكْر ورويَّة ) . ثم شرع في تقسيم هذه السجايا إلى حسنة وقبيحة، بحسب طبيعتها. ٤) 1) ينظر لسان العرب لابن منظور، مادة (خلق)، للفيروز آبادي (٢٣٦/٣). ۲) مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني (۲۹۷). ۳) ۲۲۷/۱۸) ٤) إحياء علوم الدين (٥٣/٣). أخلاقيات المهنة الإسلام رسالة أخلاقية بكل ما تحمله هذه الكلمة من عمق وشمول، وروحاً تسري في جميع جوانبه ، ولذا قَصَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدف من بعثته على ذلك، فعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إِنَّمَا بُعثتُ لأَتَمَّمَ صَالِحَ الأَخْلاقِ )) . وو وو فقد زاد عليك في الدين ۲) ومما يدل على أهمية الخُلُقِ الحَسَن : - ۱ - أن الخُلُقِ الحَسَن أعظم صفات الإيمان وأعلى درجاته ؛ يدل على ذلـك مـا رواه أبو هريرة أن النبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَاناً أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً) (۳). ۲ - مَنْ تخلّق بالخُلُقِ الحَسَن كان من أحب الناس إلى النبي وأقربهم منه - ٤) 1) أخرجه أحمد في المسند، مسند أبي هريرة، رقم الحديث : (۸۹۳۹) ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : صحيح ، وقال : صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. ۲) مدارج السالكين ، ابن القيم (٣٠٧/٢). (۳) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب السنة، ٤٦٨٤) ، باب : حق المرأة على زوجها رقم الحديث: (۱۱٦٢) وقال : هذا حديث حسن صحيح. ٤) أخرجه الترمذي في سننه ، كتاب البر والصلة، وقال : هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. -٨- - أخلاقيات المهنة ٣ - الخُلُقِ الحَسَن يجعل المسلم من خيار الناس مطلقاً، فعن عبد الله بن عمرو قال : (إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ أَخْلَاقا ) . - أن النبي صل عليه وقد أحسن الشاعر قولا : وو إنما الأُمَمُ الأَخْلاقُ ما بَقِيَتْ * فَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلاقُهُم ذَهَبُوا ٤ - الخُلُقِ الحَسَن من أعظم القربات وأجل العطايا والهبات ؛ فعن أبي الدرداء قال : قال النبي : مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ القِيَامَةِ مَا - مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الفَاحِشَ البَذِي ) (۳). ٥ - الخُلُقِ الحَسَن يدرك به المسلم درجة الصائم القائم، فعن عائشة قالت : قال رسول الله : (إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ ) (۳). دس لعبد الله بن عمرو ٦ - أن الخلق الحسن خيرٌ من الدنيا وما فيها ؛ وَصِدْقُ حَدِيثٍ، وَحُسْنُ خَلِيقَةٍ، ۱) متفق عليه : أخرجه البخاري في صحيحه ، باب : صفة النبي : رقم الحديث : ٣٥٥٩) ، ومسلم في صحيحه كتاب الفضائل، باب : كثرة حيائه : رقم الحديث : (۲۳۲۱). (٢) أخرجه أبو داود في سننه ، كتاب الأدب، باب في حسن الخلق، رقم الحديث : (٤٧٩٩)، والترمذي في کتاب : البر والصلة ، رقم الحديث : (۲۰۰۲) ، كتاب الأدب، باب في حسن الخلق ، ٤٧٩٨) ، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (٥٢٢، ٧٩٥). ٤) أخرجه أحمد في المسند، والحاكم في المستدرك ، أخلاقيات المهنة روى النواس بن سمعان عن النبي قوله : (الْبِرُّحُسْنُ الْخُلُقِ )). ۸ - الخلقُ الحَسَن هو وصية رسول الله إلى جميع المسلمين، عن أبي ذر - صلے علید ثالثاً : آثار الأخلاق الحسنة على الفرد والمجتمع. — ۱ - كَسْبُ المرء رضا الله ، قال تعالى : ( وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَوةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أَوْلَتَبِكَ هُمْ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ ۳ - إنجاز الأعمال وزيادة الإنتاج. ٤- المساعدة في مكافحة الجرائم والانحرافات بأنواعها المختلفة. *** جوانب الصلة بين الأخلاق والعقيدة والعبادة والنظم الإسلامية أولاً : ارتباط الأخلاق بالعقيدة. - جاءت العقيدة بالدعوة إلى إفراد الله بالعبودية، قال سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ) (النحل : ٣٦). والتوحيد هو ۱) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب البر باب تفسير البر والإثم، ٢) أخرجه الترمذي في سننه ، كتاب البر والصلة باب ما جاء في معاشرة الناس : رقم الحديث : (۱۹۸۷)، أخلاقيات المهنة غاية العدل ؛ لأنه وضع للعبادة في موضعها الحق، وتوجه بها إلى مَنْ هو أهل للعبادة والخضوع والعدل فضيلة خلقية لا ينكرها أحد. والإيمان بالله ومحبته سبحانه تثمر في القلب - ضرورةً - حب كل ما يحبه الله - من الفضائل والمكارم، والأخلاق. وحين يتكامل الإيمان تظهر بآثاره وتجلياته فضائل أخلاقية عديدة نجدها مبثوثة في آيات القرآن الكريم وسُنَّة النبي ففي القرآن الكريم : - دشت صلے علی ءَامَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَتَبِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَءَاتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَنِكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّابِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَوٰةَ وَءَاتَى الزَّكَوةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَهَدُوا وَالصَّبِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ — ۲ - وقوله : ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ 11. أخلاقيات المهنة نجد الأحاديث النبوية تربط الفضائل الأخلاقية بالإيمان، وثمراته، ومن ذلك : ۱ - ما رواه أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْم الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَصْمُت) () . w ۲ - روى أنس بن مالك عن النبي أنه قال : (لَا إِيْمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ ، ٣ - وعن أبي هريرة ه أن النبي قال : (الإيمانُ يضع وستون شعبة : أَفضلُها لا إله إلا الله ، وأَدْنَاهَا إماطة الأذى عن الطريقِ والحَياءُ شُعبةٌ مِن ٤ — الإيمان) (۳). - وعنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : (لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ) (٤). ۱) متفق عليه : أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الأدب، باب : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ ، : جاره، رقم الحديث : (٥٦٧٢) ، ومسلم في صحيحه ، كتاب الإيمان، باب الحث على إكرام الجار والضيف ، رقم الحديث : (٤٧). ٢) أخرجه أحمد في المسند، مسند أنس بن مالك ، رقم الحديث: (۱۲۳۸۳) ، وحسنه البغوي في شرح ۳) متفق عليه : أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب : الإيمان، باب : أمور الإيمان : رقم الحديث : (۹) ومسلم في صحيحه كتاب الإيمان باب بيان عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها، وفضيلة الحياء، وكونه من الإيمان،