كان البحارة في معظم الدول القريبة من البحار يعملون قديما في صيد الأسماك والغوص بحثا عن النؤلو، ويعاني البخار كثيرا من المشاق أثناء الغوص أملا في الحصول على صدفة قد تحوي حبة ثمينة. وكانت تجارة اللؤلو تدر أرباحا طائلة على الذين يعملون فيها، وتعد مصدرا للرزق في اقتصاد كثير من الدول الساحلية. وذات يوم حدث تغيير في شؤون هذه المجتمعات سبب خسائر كبيرة، وهو ظهور اللؤلؤ المزروع على يد المكتشف الياباني ( ميكو موتو ) من مدينة ( شيحا ) اليابانية، والذي ينتمي إلى عائلة فقيرة تعمل في بيع الأرز. فحين بلغ الثالثة والعشرين من عمره فكر أن يترك عمله المتواضع إلى عمل قد يتناسب مع طموحه، فذهب إلى ميناء (شيحا ) كي يعمل بحارا في صيد الأسماك واللؤلؤ. ومن خلال عمله لاحظ أن صيادي اللؤلؤ يعانون كثيرا قبل أن يحصلوا على صدقة تحوي حبة لؤلؤ لكنهم لم ييأسوا ، فعمل جاهدا كي يحصل على واحدة منها ولكنه أخفق، فانطلقت شرارة فكره بالسؤال الآتي، ماذا سيحدث عندما تزرع اللؤلؤ داخل الصدقة، ثم تجعل المحارة العاقر قادرة على الإنتاج ؟ من هذا التساؤل تحقق الحلم، حيث قام ( ميكو موتو ) بدراسة المحارة، وفي عام ألف وثماني مئة وثمانية وثمانين للميلاد (١٨٨٨م / ١٣٠٥هـ) أجرى تجاربه، ولكنه أخفق ثانية لفقده الخبرة في علم الأحياء فقال : سوف أدرس شيئا عن حياة المحارة داخل البحر، وأخذ يطرح على نفسه الأسئلة ولم يجد جوابا. وفي عام ألف وثماني مئة وتسعين للميلاد ( ١٨٩٠م / ٧-١٣هـ) التقى أحد أساتذة الجامعات اليابانية المختص في الحيوانات البحرية، إذ عرف منه أن المحارة تقوم بإفراز مادة كلسية بوساطة الحيوان الرخوي داخلها عندما يتسلل جسم غريب إلى صدقتها لتحمي نفسها من خشونته المؤذية، بحيث يصبح الجسم الغريب ناعما أمس لا يؤذي : وليتعايش معه الحيوان. لم يهتم ( ميكو موتو ) بما تنبأ به الناس عن إخفاقه، لم يهتم بكل هذه الأقوال وقال لنفسه أصبر، التجربة والسؤال والعمل الدؤوب حتى تثبت ما تعتقد أنه صحيح . حمل (ميكو موتو) السلال، وراح يملؤها بالمحار المنقح، ثم يعيد غلقها بدقة ويدفع بها إلى داخل تلك السلال المربوطة بحبال طويلة، ومن ثم إلى عمق البحر ومياهه المالحة، كان ( ميكو موتو ) خلال سنوات انتظاره الطويلة أضحوكة أهل بلدته، وأصبح اختراعه موضوعا للتندر . وقد اتهم بالجنون والهلوسة، وتجنبه أصحابه وابتعد عنه أقاربه حين رفض أن يعدل عن فكرته، وهذا كله دفعه إلى قضاء معظم أيامه ولياليه جالسا على صخرة بالقرب من الشاطئ مصمما على إعادة الكرة بعد أن أيقن أن محاراته ميتة لا محالة، تاركا البحر يلطم بأمواجه السلال المملوءة بالمحار الملقح. ظل على هذه الحال إلى أن بدأ الربيع. وذات يوم سحب السلال ثم حملها إلى بيته على الرغم من عددها البالغ ثماني مئة وخمسين ألف محارة. لقد ماتت كل المحارات التي كان يحلم بها بالفعل، ولكن خبأت له كل محارة حبة لؤلؤ في أحشائها الميتة لتتوجه ملكا على عرش زراعة اللؤلؤ في العالم عام ألف وتسع مئة وثمانية للميلاد (١٩٠٨م / ١٣٣٦ هـ )، على الرغم من كل الجهد والتعب اللذين لابسا حياته، فتحقق حلمه بعد أن ناهز السابعة والأربعين من عمره. وقد كان لاكتشافه أثر سلبي في المجتمعات التي تعمل في تجارة اللؤلؤ نظرا للخاصيتين اللتين تكمنان فيه سهولة زراعته وانخفاض المنه.