أما الأبيات الحكمية الثلاثة فهي من أجمل ما قيل في الإغضاء عن هفوات الأصدقاء ، كما توحى هذه الأبيات ، وما أجمل قول الشاعر عن صديقه : « إنه مقارفُ ذَنبٍ مرة ومجانبه » ! فهو لا يقول : « إنه مقارف ذنب مرة وفاعل خير مرة أخرى » ، بل « ومجانبه » ، بما توحى به من أن النقص هو الأصل في طبيعة البشر ، لدرجة أنه يكفى أن يتجنب الناس فعل الشر ! وما أجمل كذلك إيجاز الحـذف حين لم يكـرر كلمة « مرة » بعد ومجانبه » ! ومع ذلك فإنه لا الأذن ولا العقل يحس بنقص في الجملة ، وبخاصة أن هذا الحذف قد وقع في آخر البيت ، حيث تأتي موسيقى القافية فتشغل عنه . ثم إن العلاقات الاجتماعية لا تتحمل التشدد في المحاسبة بين الأصدقاء ،وهل نستطيع أن نعيش منعزلين عمن حولنا ؟ إن الانسان مدنى بطبعه ، ومن نشد الكمال فيمن يعاشرهم فهو كالعطشان الذي يريد