يشهد تاريخ الصراع بين الطوائف العنصرية من البشر منذ أمد بعيد، وكذا تاريخ الحروب دورا خطيرا للشائعة، فقد عرفها الإنسان واستخدمها كأحد أسلحة الحرب النفسية في صراعاته مع العدو. كما كشفت بحوث عديدة عن التأثير بعيد المدى الذي تحدثه الشائعات على الروح المعنوية القومية، فقد بينت هذه الدراسات أن الروح المعنوية العالية ترتبط بزيادة الانتاج، وأن الروح المعنوية المنخفضة ترتبط بانخفاض انتاج الفرد. فإذا كان العدو يلجأ إلى تدمير الروح المعنوية لأبناء الوطن بشكل مباشر من خلال نشر شائعاته، فإنه يستهدف في حقيقة الأمر التأثير غير المباشر على الكفاية العقلية والانتاجية للإنسان.ولا تقف أهمية دراسة الشائعة عن حد تأثيرها على الروح المعنوية، بل لما تحدثه من تفكك بين أفراد الجماعة الواحدة، فقد بينت بحوث علم النفس الاجتماعي أن الجماعة المفككة تقل في انتاجيتها عن الجماعة المتماسكة، كما بينت أيضا أن نشر الشائعة لا يؤثر على الروح المعنوية للجماعة وتماسكها فحسب بل يؤثر أيضا في بلبلة الرأي العام وتخلخله بسبب سرعة انتشارها، كذلك تستخدم الشائعة في بعض الأحوال الحجب الحقيقة عن الرأي العام، فيصعب على المواطنين أن يتبينوا في هذا الكم من الأنباء السرية المتضاربة حقيقةالأمر.وكما أن للشائعة اثار سلبية هدامة، فانه يمكن استخدامها على نحو ايجابي يخدم اغراضاً قومية، فقد تستخدم الشائعة لتقوية موقف الدولة أو مركزها في الظروف العصيبة أو للقضاء على البلبلة واهتزاز الرأي العام أو الإشاعة الطمانينة والقفز على الانتاج في الظروف الأمنية الحرجة، فتلجا إلى إطلاق شائعة ضد شائعة.وهنا يمكن أن نتساءل هل ترتبط الشائعات دائماً بما يثير الفزع والخرف أو القلق؟ أم أنه من الممكن أن توجد شائعات تعبر عن أمال ما أو طموحات معينة وهل هناك ظروف معينة يمكن أن تكون مهيئة لنشأة وانتشار الشائعة ، وما هي الدوافع التي تحفز الأفراد لأن يتناقلوا الشائعة؟ وهل يمكن مواجهة الشائعةالسلبيةكل هذه تساؤلات يمكن أن تشكل اطارا عاما لمعالجة موضوعنا الراهن،