كان الشاعر الجاهلي والإسلامي يصور في ممدوحه المثالية الخلقية الرفيعة التي تقدرها الجماعة. فإذا كان ممدوحه مؤثرا في حياة عصره السياسية، كان يصف أعماله والأحداث التي شارك فيها. وإذا كان بطلاً، كان يصور بطولته ومعاركه الحربية. وقد زادت هذه الغايات من المدح في العصر العباسي، حيث استنبط الشعراء المعاني الطريفة في السماحة والكرم والحلم والحزم والمروءة والعفة وشرف النفس وعلو الهمة والشجاعة والبأس. وقد جسّدوا هذه الصفات في ممدوحين، فصارت كتماثيل قائمة نصب أعين الناس يحتذونها. أهم ما سجلته قصائد المديح في ذلك العصر صور الأبطال الذين قاتلوا ضد البيزنطيين. أشادت القصائد بكل معركة خاضوها وكل حصن اقتحموه، وخاصة حروب الرشيد والمأمون والمعتصم الذين قاتلوا ضد البيزنطيين شخصياً. غنى الشعراء بانتصاراتهم غناءً يكسب الفرحة في كل نفس، من أروعه غناء أبي تمام بفتح المعتصم لِعَمُورِيَّة.