عظم مكانة النبي صلى الله عليه وسلم وكبير مقامه بين الخلق نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. نحن مع سيرة رجل هو أعظم رجل خلقه الله عز وجل منذ خلق آدم وإلى يوم القيامة. الناس عادة يتفوقون في مجال ويتأخرون في آخر، بل قد أقسم الله جل وعلا بحياة هذا الرجل فقال: ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [الحجر:٧٢]. مع سيرة الرجل الذي لن يحاسب الله عز وجل الخلائق يوم القيامة إلا عندما يشفع لهم، وكل نبي في الموقف لن يشفع حتى لأتباعه المؤمنين به إلا بعد أن يشفع هذا الرجل. مع سيرة الرجل الذي لن ندخل الجنة إلا خلفه، وهذا متوقف على معرفتنا بسيرته ونهجه، وإن جهلنا طريقته أو خالفناها قيل لنا: سحقاً سحقاً. نحن أمام سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الماحي الذي محا الله عز وجل به الكفر، وحامل لواء الحمد يوم القيامة، أمام سيرة الرجل الذي فتحت له أبواب السماء ليخترقها بجسده إلى ما بعدها، ولم يتجاوزه حتى جبريل الملك العظيم، ويصل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. إنه الرجل الذي شاهد الجنة والنار بعينه لا بعقله. والعجيب أنك تجد الناس فرحين بذلك الكتاب. إن مقام هذا الرجل لا يسمح إلا بأن نضعه في مصافِّ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؛ في رتبة أعلى من نوح وإبراهيم وموسى وعيسى وكل أنبياء الله عز وجل عليهم الصلاة والسلام أجمعين، وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو تقدمت خطوة لاحترقت)، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم مكنه الله عز وجل أن يتقدم، فتقدم للقاء الله عز وجل. إن عظم مقام هذا الرجل جعل له ذكراً خالداً، وعلى قدر هذه العظمة يجب أن يكون اهتمامنا بسيرته وحياته،