فظننت أنّه حصل على عمل راق يدر عليه مالا وفيرا و يجعله ذا رتبة عالية في المجتمع. فسألته هل حصل على عمل؟ فنفى ذلك بإشارة من رأسه ثمّ نطق قائلا :"أنا أنتظر ضربة حظّ تجعلني في علّيّين. فعزمت على إقناعه بأنّ أهدافنا لا تتحقق إلاّ بالاجتهاد و المثابرة و السّعي. أتريد أن أكون عاملا مسكينا يشقى و يتعب من طلوع الشمس إلى غروبها من أجل أجر زهيد لا يلبسه ثوبا جديدا و لا يسد رمقه؟ انظر إلى النجار كيف يجهد نفسه حتى لتخاله عبدا لعمله يُفني صحّته و يُضحّي بجمال صورته من أجل دنانير قليلة. بل انظر إلى الفلاّح كيف يعمل فتعمل فيه السّنون و الهموم عملها فلا يرى من العالم و الحياة سوى مكان عمله حتى لتبدو له الحياة و عدمها سيّان. أنا مثلها تماما أنتظر رزقي الذي سيقودني إليه حظّي عندما أراهن على الخيول الأصيلة و الأجنبية لأصعد إلى أعلى في مثل لمحة البصر شأني في ذلك شأن علي بابا. أمّا النجّار الذي حقّرت من شأنه فهو ينجز لنا أثاثا نزين به بيوتنا و مكاتبنا حتّى الطاولة التي تكتب عليها ورقة الرهان قد صنعها ذلك النجار الذي اعتبرته مسكينا يتعب و يشقى بلا فائدة. سأجاريك في ذلك فأقول لك الأولى أن تتذكّر قصة النملة و الصرار لتقتنع أنّ النملة التي تشتغل و تكد و تتعب طيلة فصل الصّيف . إنّها أكثر واقعية منك لأنها لم تندم على الوقت الذي بذلته في العمل و جمع القوت في حين ندم الصرار على ما فوت من وقت نظيفا متأنّقا منتظرا حظه فندم . نظر إلي صديقي أحمد و قد احمرّ وجهه ثمّ صرخ غاضبا::"كيف أضعت كلّ هذا الوقت و أنا أنتظر ضربة الحظ التي أصابت منّي مقتلا.