يُعرّف الرحمة اصطلاحًا بتعاريف متعددة، منها تعريف الجاحظ بأنها خلقٌ من الود والجزع، ومحبة للمرحوم مع جزع من حاله، وتعريف الراغب بأنها رقّة تقتضي الإحسان للمرحوم، وتعريف الكفوي بأنها حالة وجدانية تبعث على بهرقة القلب، مبدأ للإنعام. وبناءً على ذلك، تُعرّف الرحمة بأنها خلق إنساني من المحبة والشفقة، يتجلى بإرادة الخير، وينتج عنه بذل الإحسان. أهمية الرحمة محورية، فقد اتصف بها الخالق، وأرسلها الأنبياء، وانطوت عليها تعاليم الكتب السماوية، فهي مرتكزٌ يغذي الروابط الإنسانية ويعزز السلام الاجتماعي. يتجلى ذلك في اشتقاق اسم الله (الرحمن الرحيم) من الرحمة، وصفاته جلّ جلاله بها، وسعة رحمته كما في قوله تعالى "ورحمتي وسعت كل شيء". كما أنها من صفات الأنبياء، فقد أرسل الله رسله رحمةً للخلق، كقول نوح عليه السلام "يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي فأعطاني رحمة من عنده"، وقوله تعالى "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين". الكتب السماوية دساتير رحمة للإنسانية، فقد جاءت مفعمةً بمضامين الرحمة، وقد وردت كلمة الرحمة ومشتقاتها في القرآن الكريم بكثرة. تتنوع مجالات الرحمة، بدءًا من الفرد وصولًا إلى جميع المخلوقات. من أهمها الرحمة الذاتية، وهي الاهتمام بصحة الإنسان وتطوير مهاراته، والحرص على معالجة نفسه، والعمل الصالح. والرحمة العائلية، التي تتجلى في العطف على الأبناء والوالدين، والإحسان إليهم، ومراعاة أحوالهم، كما في قوله تعالى "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً". والرحمة الزوجية، بالمودة والرحمة بين الزوجين.