وتعالى نبيه يونس عليه السلام إلى قومه ي مدينة نينوى في العراق لهدايتهم، واستمروا في كفرهم فلم يؤمن به إلا اثنين من أصل مئة ألف، وصبر يونس على إيذاء قومه حتى ثلاثة، وتركهم فرحل من مدينته دون أن يأذن الله له بالخروج فأنزل الله غضبه على هؤلاء القوم، وركب معهم في سفينة فاستقرت السفينة في عرض البحر، واضطربت الأمواج فأخذت السفينة تتمايل بهم في جميع الاتجاهات حتى أوشكت على الغرق فتشاور من بالسفينة ، وأقروا على أن يلقوا أحد الركاب ليخففوا الحمل على السفينة حتى يعود لها اتزانها فقاموا بقرعة كي يقع الاختيار على شخص واحد فيلقوه، وقد وقع الاختيار على يونس، والصلاح فكرروا القرعة فوقع الاختيار على يونس لثلاث مرات على التوالي فلم يجد يونس منفذًا فألقى نفسه في البحر، وكان على يقين بأن الله سينقذه، وعندما ألقى يونس نفسه في البحر سقط في بطن حوت، وأصبح مقيمًا في بطن الحوت كالجنين المقيم في بطن أمه، ولكن بقى في بطن الحوت ثلاثة أيام متتالية ينتظر فرج ربه فكان يسمع أصوات عجيبة لا يفهم منها شيء ثم أوحى الله إليه بأن هذه الأصوات هي أصوات تسبيح المخلوقات البحرية فأخذ يسبح هو أيضًا، ويقول : ” لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين”. وقد ذكر الله تعالى ذلك الموقف في سورة الأنبياء حيث قال : “وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) “. فأمر الله تعالى الحوت أن يقذف سيدنا يونس عليه السلام على البر فقذفه، وأنبت له شجرة اليقطين ليستظل بها، وقوته ثم عاد يونس عليه السلام إلى نينوى فوجد قومه مؤمنين بالله، ثم عادوا لكفرهم مرة ثانية فأرسل الله عليهم عذابه،