الاجتماع الإنساني ضروري كما يقول العلامة ابن خلدون في مقدمته، الفاضلة هي نواة اتمع الخير وعلى هذا الأساس ارتبط صلاح النشء وصلاح اتمع بصلاح الأسرة لما لها من أثر بالغ على بناء اتمع ككل ( الأسرة السليمة أساس اتمع السليم ) , وحتى لا تسود الفوضى في هذا اتمع و تنقطع الروابط بين الناس و تسوء أحوالهم بتغلب القوي على الضعيف كانوا في حاجة طبيعية الى تشريع يحدد لهم علاقام و معاملام و يبين لهم حقوقهم ويضع لهم الحدود الفاصلة عند النزاع و ينصف المظلوم من ظالمه و يوقف كل إنسان عند فالتشريع ضروري كما أن اتمع ضروري للإنسان و لا اجتماع إلا بقانون منظم يحكم العلاقات لذلك اضطرت مختلف الدول إلى تقنين دساتيرها و قوانينها و امتد ذلك الى قانون الأسرة هذا الأخير الذي يتطلب ضوابط تحفظ الأسرة و تنظم شؤون الأسرة فالقانون هنا يطبق على الجميع. ويضع أسس وقواعد ثابتة لحياة الأسرة يجب أن نبني الأسرة على اسس وقواعد سليمة . و نظرا لأهمية هذه الدراسة ارتأينا أن نتطرق الى الخلفية التاريخية لتطور التشريع الجزائري لقانون الأسرة في النظام الاسلامي و في العهد الاستعماري و في مرحلة الاستقلال ثم في ظل المطلب الأول : الخلفية التاريخية لقانون الأحوال الشخصية الجزائري: كانت الجزائر واحدة من الدول التي اتبعت نظام التقنين إلا أن أحكام قانون الأسرة الخاص ا خضعت إلى عدة تعديلات منذ الاحتلال الفرنسي الى غاية صدور آخر تعديل المقترح في 2005 بغرض معرفة _02_ 02 المؤرخ في 27 _ نظام الأسرة و الذي صودق عليه بموجب الأمر 05 قدرا على استيعاب مستجدات الحياة الأسرية و قضاياها بما يضمن حقوق الإنسان المشروعة و يكفل و يتوجب علينا قبل الخوض في المراحل التاريخية التي مرت بالأحوال الشخصية في اتمع الجزائري على مر السنين أن نتطرق إلى الخلفية التاريخية لقانون الأحوال الشخصية في البلاد العربية و دور الفقه الإسلامي في معالجة حميع النزاعات المتعلقة بالأحوال الشخصية لما للشريعة الإسلامية من كنوز مبادئ و نظريات و أحكام متعلقة بالأسرة يتوجب الرجوع اليها وخاصة في الحياة القانونية . الفرع الاول / قانون الأحوال الشخصية في عهد الدولة العثمانية : بعد أن امتد سلطان المسلمين الى خارج الجزيرة العربية و جد المسلمون في تلك اتمعات الجديدة التي فتحوها ثقافة جديدة ووقائع وعادات جديدة في مختلف مجالات المعاملات ، فكان لازما على الفقهاء الرجوع الى الأحكام العامة أي المصادر الأخرى للشريعة الإسلامية لايجاد أجوبة شافية لتلك المستجدات كالاجماع و القياس و المصالح المرسلة و سد الذرائع و بذلك تطور الفقه الاسلامي بما في ذلك نطاق الأحوال الشخصية ( الأنكحة و المواريث). ولم يكن هذا التطور في مجال الحالات التي لم يجد الفقهاء حكماً لها في المصدرين الرئيسيين ففي ذروة تطور الفقه الإسلامي وعلى ضوء المستجدات الحياتية الجديدة وجد التنوع الفقهي في وذلك انطلاقاً من التعامل مع النص المقدس كمعطى إضافة الى ظهور الدراسات في مجال الحديث وتقسيمه الى المصنفات والآثار. لقد أوجدت هذه المستجدات تنوعاً في الفتاوى المتعلقة بالحالة أو القضية الواحدة. وخاصةً بعد ظه ور المدارس الفقهية (مدرسة آهل الرأي في العراق والتي تزعمها أبو حنيفة النعمان 80 150 ه ، أعقبها تبلور المذاهب الفقهية ( الحنفية، و إن من المذاهب ما اندثر بموت أصحاا أو بعد موم بقليل أو كثير. مصر عام 175 ه ودا ود الظاهري صاحب المذهب الظاهري 200 270 ه. وفي ظل هذا التنوع الفقهي من جهة و اتساع رقعة الدولة الإسلامية و جدت الحاجة الى تقنين الأحكام الشرعية حتى يتقيد القضاء الاسلامي بأحكام مقننة معينة كي يعلم الناس سلفا ما تخضع له ا را ان :ا ز ا ر - ا 61 الى أن جاء عهد الدولة العثمانية وفي مرحلة ضعفها على الخصوص، ما أدى الى ظهور الامتيازات الأجنبية و تعقد مسألة الأقليات الدينية، النقل أو الاقتباس عن القوانبن الأجنبية، و ذلك بانشاء محاكم نظامية تطبق قوانين مقتبسة من قوانين الدول الأجنبية التي نجحت في فرض سيطرا على العالم الاسلامي ، وبذلك ضاق مجال تطبيق الشريعة الإسلامية ولم يبق لها سلطان إلا في مجال الأحوال الشخصية – زاوج و طلاق. الأمر نفسه بالنسبة للبلاد التي خضعت للاحتلال الأجنبي . أ/ التقنين في مجال الأحوال الشخصية وصدور مجلة الأحكام العدلية: و تطورت الحياة الاجتماعية تطورا كبيرا بعد اتصال العالم الاسلامي بالحضارة الغربية ، بالمذهب الحنفي ، ج * ا + ي، ا/0 د ا ; ا => ? @ :* ا د- ا/0 الأحكام الفقهية . فقد صدرت الارادة السلطانية بتأليف لجنة لوضع مجموعة من الأحكام الشرعية بصفة قانون مأخوذة من أحكام المذهب الحنفي و مرتبطة أكثر من غيرها بالحوادث و الوقائع و المستجدات، فكانت أول تنظيم تشريعي يستمد أحكامه من الفقه الاسلامي خالصا. و أخذت محاكم الدولة تطبق أحكامها باعتبارها قانونا مدنيا عاما ينظم المعاملات المالية، غير أن مسائل الأحوال الشخصية بقيت من اختصاص الشريعة الإسلامية بشكل مباشر ، ويمكن أن تمس بشكل أو بآخر مجالها ، ب /سبب عدم تدوين مجلة الاحكام للمواضيع الأخرى الخاصة بالأحوال الشخصية: . متصلتين بموضوع الطلاق :الأولى منهما: تبيح للزوجة التي غادرها زوجها، يترك لها نفقة المطالبة بفسخ الزواج. الزوج ببعض الأمراض الخطيرة. محاولات للتقنين عام 1915 م، ثم بدأت بقانون رقم 25 لسنة وسفر المرأة، وغير ذلك في قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية رقم ( 1) لسنة 2000 م. وقد ورد في مقدمته أنه "يشتمل على الأحكام المختصة بذات الإنسان من حين نشأته إلى حين منيته وتقسيم ميراثه بين ورثته". وللكاتب المذكور كتب أخرى في هذا اال، وسميّ هذا "مرشد الحيران لمعرفة أحوال الإنسان" جعله على أحكام عامة، وأخرى خاصة، 1045 " مادة. ويبدو أن الاختيار على هذا المصطلح كان نتيجة تمكين الطوائف غير الإسلامية في ظل الدولة 64 العائلة سنة 1917 مقتبسين هذا المصطلح المستحدث أيض اً من الغرب. الحنفي، بل أخذ بعض الأحكام من المذاهب الثلاثة الأخرى كاعتبار عقد الزواج صحيحاً والشرط معتبراً إذا اشترطت المرأة في العقد إلاّ يتزوج عليها. زوج السوء بطلبها التفريق، بينما يقضي المذهب الحنفي بانتظار وفاة جميع أقرانه في العمر، فتبقى زوجة المفقود ا ! ،ا ر H ، د %8 دار ا 1 ء ا /0 ا 8: ا ء : ا 3 ر/ ا B أ D:!E -3 J و م ا B1 ا ? 3 48 K B ، E( ال ا B1 ا . L M 42 G ا %. - ت . و ا K ار م ا B أ 6 و ? و 7 دون ? 2 G ا و ا الفقه للمذهب المعين، :1962_ الفرنسي الفترة 1830 يستمد أحكامه من الشريعة الإسلامية و الأعراف المحلية في جميع ميادين الحياة العامة و منها نظام الأسرة، مثله مثل التنظيم وكانت أحكام المذهب المالكي تحديدا هي المطبقة على الأهالي في كل أنحاء الوطن و ذلك راجع لعوامل تاريخية كما أوضحها ابن خلدون في مقدمته بقوله: و أما وان كان يوجد في غيرهم، إلا أم لم يقلدوا غيره إلا في القليل . ثم قال : و أهل المغرب جميعا مقلدون لمالك- رحمه الله -و قد استمر و تبعا لظروف الاحتلال التي مرت ا الجزائر، فقد عمدت الايديولوجية الاستعمارية الى محاولات يائسة هدفها دمج نظريات الفقه الاسلامي في النظام الفرنسي خدمة للأغراض الاستعمارية في مجال تضييق العمل بأحكام الشريعة الإسلامية و تفكيك وحدة التشريع الجزائري. المستعمر الفرنسي صعب عليه الأمر أن يقوم بتوحيد النصوص المنظمة لمادة الأحوال الشخصية وذلك راجعا إلى أنه كانت الطائفة التركية خاصة في الجزائر العاصمة على مذهب الإمام أبو حنيفة 66 وإلى جانبها كانت أغلبية الأشخاص يخضع للمذهب المالكي، كانت تطبق في منطقة القبائل، وكذلك مذهب الإباضي في الميزاب (غرداية ونواحيها) : لسنة 1870 GREMIEUSE أولا: صدور مرسوم للوطنية للقانون الفرنسي المواد القانونية فيما يتعلق بالمسائل الجزائية والتجارية والإدارية والإجرائية إلا تستأنس هذه الأخيرة العصبة والوقف. مارسيل مورد، وقد تناول هذا المشروع جميع المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية حيث كان يحت وي 1957 والذي نظم الأحكام /07/ 778 الصادر في 11 / يهتم بالأحوال الشخصية وهو رقم 57 67 الزواج و الطلاق و كذا الوصية و الميراث ، وذلك من خلال المحاكم الشرعية التي كانت موجودة أنذاك وفي هذه الأثناء كان قضاة المحاكم الشرعية يطبقون أحكام الشريعة الإسلامية في مجال الزواج و مكتوب يستندون اليه في أحكامهم و باعتبار أنه لا توجد هناك نصوص شرعية تنظم إجراءات 1922 م بشأن تطبيق التقاليد القبائلية و انشاء ما -12- التقاضي باستثناء ما نص عليه مرسوم 29 يسمى بالنظام القضائي في منطقة القبائل. 1959 بعد اندلاع الثورة التحريرية: -02- 274 المؤرخ في 04 / ثالثا:صدور الأمر رقم 59 فبعد اندلاع الثورة التحريرية صدر الأمر تحت رقم 1959 ، تضمنت في المادة -02- 274/59 المؤرخ في 04 "ينعقد الزواج برضا الزوجين ويجب أن يصدر الرضا شفويا وعلنيا ومن صاحب الشأن شخصيا بحضور شاهدين بالغين ، وجب أن يكمله رضا الولي أو القيم". عقد الزواج و ما يمكن اتخاذه من اجراءات عاجلة مؤقتة، ص 8 . ا/0 ، ا ، ا 6 R 45 ي . ا/0 ة ا 1 ن ا 2 3 : / / الزاوج الذي خصه بثلاث مواد نصت المادة السادسة على أن الزواج لا ينحل إلا بقرار من القضاء فيما عدا حالة الموت، ويجب اصدار قرار انحلال الزواج بناءا على طلب يقدم من أي من الزوجين الى القاضي المختص ، كما أن الحكم الذي يصدر بمناسبة انحلال الزواج يجب أن يفصل في حضانة وكذا في طلب التعويض أو النفقة التي يبديها الزوجان عن نفسيهما وعن وفي حين ألزمت المادة الثامنة منه الزوجين الحضور شخصيا الى القاضي في دعوى الطلاق ما لم يأمر القاضي بخلاف ذلك أو يعفي بعضهما من الحضور. 1959 قد حمل نقاطا جديرة /02/ 274 الصادر في 04 / و مما سبق يتبين بأن الأمر 59 بالاشارة اليها وهي : إلا أنه يشترط تقديم طلب خطي من 7082 المؤرخ في - 1959 ، المرسوم رقم 59 /02/ 274 الصادر في 04 / و يلي الأمر 59 69 1959 الذي -11- السابق المتعلق بتنظيم الزواج و انحلاله في الجزائر، ثم القرار الصادر بتاريخ 21 او القاضي ( الموثق) لطالبي أما فيما يتعلق بقواعد الأساس الخاصة بالوصاية و الولاية و الحجر و الغياب و الفقدان فقد تضمنها 1957 وظلت سارية المفعول الى ما بعد -07- 778 الصادر بتاريخ 11 - القانون رقم : 57 الاستقلال. ومن الجدير بالذكر بأن المشرع الفرنسي قد عمد الى التدخل في قانون الأسرة الجزائري عن طريق مرسوم 19 ماي 1931 و المتعلق بالحالة القانونية للمرأة الجزائرية ، و الأمر الصادر في 23 نوفمبر ومن أهم ما تضمنه هذا الأمر هو و الحجز الاحتياطي و حجز ما وعلى الرغم من كل هذا ما بقي من نظام الأسرة الجزائري بعيدا عن التدخل الأجنبي يستمد وحضارته الإسلامية. 70 . ; ،دار ا . ا/0 ا 45 ء '8 ا ! ا ا L5 ر : 4 ذ T د - 70 الفرع الثالث : التطور التاريخية لقانون الأحوال الشخصية الجزائري في مرحلة الاستقلال الفترة :1984_1962 جاء المنعطف التاريخي سنة 1962 م، الذي طالما انتظرته الأسرة الجزائرية لتتحرر من أدران ولم يخب جيل الثورة أملها في استرجاعه لأرضه، وعاش جيل الثورة عهد الاستقلال محاولا تحقيق آماله وطموحاته في حياة أفضل للمجتمع الجزائري العربي المسلم، وحق المواطن الجزائري في حياة أفضل على كافة المستويات. 7 من مظاهر السيادة الوطنية ، وقد صدرت عدة قوانين تخص تنظيم شؤون الأسرة في الفترة ما بين و التي تعتبر مرحلة حاسمة لصدور أول قانون جزائري خاص بتنظيم شؤون الأسرة . و جدت الجزائر نفسها بعد الاستقلال في فراغ تشريعي ، و هذا بعد دخولها مرحلة القطيعة مع فمن غير المنطقي أن تبقى خاضعة للنظام القانوني للاحتلال ، المنظومة التشريعية الجزائرية تدرجا في مراحل تقنينها في الفترة الممتدة ما بين 1962 والى 1984 أولا / مبدأ سريان التشريع الفرنسي وتأثيره على مجال الأحوال الشخصية: 7 -د. فريدة صادق زوزو، ( ب، ط). 71 بعد الاستقلال استمر القضاء المتعلق بالأسرة وفق قواعد النظام الفرنسي، وذلك سدا للفراغ القاضي / التشريعي و القانوني ، بمواصلة العمل بالتشريعات الفرنسية، و يعتبر هذا القانون تكريسا و اختيارا للقانون الاسلامي في مجال الأحوال الشخصية خاصة و الشريعة الإسلامية في هذا اال بالنسبة للجزائريين المسلمين، اصلاح وضع المرأة في منطقة القبائل ، : 157/ ثانيا:التشريعات التي صدرت بعد قانون 62 في السنوات الأولى من الاستقلال بادر المشرع الجزائري بالسعي للتخلص من الازدواجية و