لم يكن الاقتصاد اللبناني وليد فترة تاريخية ممددة بل نتيجة فترات متلاحقة تطور الاقتصاد خلالها بعد ان تركت كل منها بصماتها الخاصة فيه. وقد أوجد كل من هذه الحقبات ظروفاً مهيمنة ساهمت بتوجيه الاقتصاد على انتهاج مسار خاص يتناسب ويتفاعل مع كل جديد. لذلك فقد عرف الاقتصاد اللبناني عدة مراحل في تطوره تميزت كل منها بطابع وظروف خاصة يمكن إنجازها بالشكل التالي : - مرحلة ما قبل الانتداب، واستمرت هذه المرحلة حتى عام ۱۹۲۰ حيث كانت الحياة الاقتصادية خلالها تتركز على القطاع الزراعي بسبب ما كان يؤمنه من دخل وطني هام واستعابه نسبة كبيرة من اليد العاملة. - مرحلة الانتداب، حيث كان الطابع الغالب علي الاقتصاد اللبناني خلالها متأثراً بشكل كبير بسياسة الانتداب التي عملت على تجميد قطاعي الزراعة والصناعة واطلاق حرية التجارة ليتسنى لها تصريف انتاجها الزراعي والصناعي. وقد أدى هذا الأمر الى تدهور كبير في القطاعات الانتاجية وخصوصاً الزراعية مما دفع بعدد كبير من سكان الأرياف الى الهجرة بشكل خاص نحو المدن التي نمت وبشكل كبير لاسيما بيروت وطرابلس. - مرحلة ما بعد الاستقلال، ففي الواقع، ومنذ عهد الاستقلال وبسبب انخفاض المداخيل الزراعية تحول الكثير من الأيدي العاملة، ورؤوس الأموال نحو قطاع الخدمات خصوصاً التجارة. غير ان النمو المطرد لهذا القطاع أدى إلى هيمنة على بقية القطاعات خصوصاً في ظل ضعف تدخل الدولة، واقتصار دورها على التفرج، مرحلة الحرب اللبنانية، وهي أصعب مرحلة في تاريخ لبنان المعاصر، فقد كان وقع الحرب علي الاقتصاد اللبناني بمثابة كارثة شملت كل القطاعات، وانحسار التوظيف الانتاجي . ۵)، وتتمثل في فترة عودة الأمن والاستقرار وإعادة البناء والإعمار. وقد بدأت هذه المرحلة فعلياً عقب توقيع إتفاق الطائف الذي قضى بإنهاء حالة الحرب والعودة بالبلاد إلى التماسك واللحمة بين جميع افراد المجتمع اللبناني وبضرورة العيش المشترك والعمل على تحقيق الإنماء المتوازن بين القطاعات والمناطق وغيرها. هكذا فقد انطلقت الحكومات المتعاقبة بورشة إعمار ضخمة محاولة منها في باديء الأمر إزالة كل مخلفات الحرب ثم بإعادة بناء البنى التحتية لمجمل القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والتربوية،