انتبهت إلى أن أهلي يسمون المكان الذي نسكنه بالخان . من يأتي عندنا يصفنا بساكني الخان . وهو لا ريب قد كان خانا في يوم مضى : في الطابق الأرضي من مبنى عتيق على الشارع العام ، وعلى مقربة منه دكاكين كثيرة من كل نوع ، وليس للغرفة نافذة ليس لها إلا باب حديد كبير ، أكاد أعجز عن زحزحته لثقله ، وقرب الباب مرحاض صغير ، أضيف حتماً بعد الفراغ من بناء الدار في يوم من أيام العهد العثماني الطويل . وبين بابنا الكبير والشارع بوابة خشبية أصغر منه ، وهي أيضاً إضافة لاحقة ، لعزل المبنى قليلاً عن الشارع ، فحالما نتخطى عتبتها يواجهنا باب الخان على مسافة ست خطوات أو سبع . درج حجري مكشوف يصعد إلى الطابق الأعلى الذي كانت فيه غرفة طلي بابها بالأخضر ، كلما صعدت إلى فوق ، حيث يقيم رجل ذو لحية قصيرة ولا أراه إلا وهو جالس إلى طاولته ، يفكك ويركب آلات صغيرة بين يديه - ويقولون إنه الراهب يوسف . ومن جانب غرفته يصعد الدرج المكشوف إلى طابق ثالث كانت كانت «العلية غرفة مستطيلة كبيرة ، يؤمها صباح الأحد الكثير من الرجال وبعض الصبية الذين يرتدون قمصاناً بيضاء طويلة ، في جلباب أزرق مزركش ، نشازاً بين حين وآخر بالترتيل ، أفهمني أبي أن تلك الغرفة هي كنيسة ، الذي يجب أن نقبل يده كلما التقيناه . وكانت رائحة البخور تعبق في هذا الطابق الأعلى طوال أيام الأسبوع ، وتتكرّم كلما هبت ريح ملائمة ، إلا إذا اقتحمه شعاع من الشمس في الذي كان يطلق صوتاً يتفاوت حدة بتفاوت حجم لهيبه ، كانت تغني معه أحياناً بارعة في معالجته بإبرة خاصة ، أبدى تمنعاً في الاشتعال كما هي تريد . يخرج أبي إلى الشغل وأنا نائم . وعندما نستيقظ أنا وأخي يوسف ، مع شيء من الخبز والزيتون ، نخرج إلى الشارع ، وأرضها مبلطة بالحجارة التي يلسع بردها أقدامنا الحافية . ثم يتوافد صبية مثلنا ، فتنحدر معاً من وراء الجامع باتجاه ساحة باب الدير ، حيث عربات الخيول ، أو يجلسون في المطاعم والمقاهي المحيطة بالساحة ، ما يماثله - وغمرت كذلك حبلات والجبال البعيدة التي تشرف عليها الساحة ، الذي كان أول ما ما نحس به عند الخروج . بعد أن ذهب أخي الى المدرسة ، وجدتي أرقب طبخة وعدتني أمي بها : «هيطلية» - أرز بالحليب . فاشترت أمي منها بالكيلة عدة أوقيات صبتها البائعة في لأن أمي تقول أن لا قدرة لها على شراء الحليب وبين صعودي إلى الطابق العلوي لأقول للراهب يوسف «صباح الخير ، ثم إلى طابق الكنيسة الأعلى لأنظر من السطح المكشوف الذي أمامها إلى الصبية الذي هم في الأسفل يلعبون في الحارة ، وبين نزولي لأرى كيف يجري طبخ الهيطلية ، وضعته على الأرض في الركن ، وقالت : «لنتركه ساعتين ليبرد . عندما يعود أبوك من الشغل ، فهو مثلك يحب الهيطلية . أوصتني أمي بألا أكثر من الخروج والدخول ، وبأن أكون «عاقلاً» ، مع جدتي إلى السوق لشراء الخضرة . وقالت : إذا خرجت ، ولا تسمح لأحد بالدخول » ما كدت أبقى وحدي ، حتى تطلعت إلى الأكلة البيضاء الشهية بحرقة ، فلأخرج الى الحارة. وأخذت لطعة أخرى قبل الخروج . عند باب الدكان المقابل ، لقيت أحد أصدقائي ، وعندما تمشينا وراء الجامع ، التقانا صبيان آخران ، وقال لهما صديقي : «أمه كان المزيد من أطفال الحي قد تجمعوا عند فقلت لهم : أمي طبخت هيطلية!» قال أحدهم : «كذاب!» قلت : «أنت كذاب . ثم التفت إلى الآخرين ، وقلت : «يلا تعالوا إلى بيتنا في الخــان . قالوا : ولكن نخاف من أمك» . قلت : «أمي ذهبت مع جدتي إلى السوق» ، جعلنا نتقافز ونتراكض باتجاه الخان . ودفعنا معاً الباب الحديدي الكبير لمسكننا . كانت قصعة الأرز بالحليب المستقرة على الأرض تتوهج سحبتها إلى بقعة قرب الباب ، وفي وصحت بهم : وكان قرب «البابور» وراحوا هم يأكلون . تلك اللحظات الرائعة ، ووراءها جدتي ، ملاعقهم ، وأنقذوا بسرعة العفاريت من الباب المفتوح ، وقبل أن تطبق يدا أمي علي ، أصدقائي في كل اتجاه . النفس ، وحيداً لا رفيق لي . وأنا السبب . وخفت أن أرجع إلى البيت . من الساحة ، ويصبه في جرن حجري مستطيل قربها ، وثلاثة جمال قد أحنت رؤوسها فيه حتى كادت مشافرها الضخمة تصيب قعره ، وقفت أتفرج عليها ، وضخامة أبدانها ، وأخشى الدنو منها كثيراً . متلكثاً في السير ، إلى الطريق المجاور ، أتفرج على . واجهاتها من مسابح وصور وصلبان من الصدف ، وجمال صغيرة من خشب الزيتون ، أو نسيته ، عند الباب ، إطلالة ، وكان قد عاد من المدرسة ، وهو يضحك ويقول : «تعـال ، ادخل! تطعم غيرك بالملعقة ، لأقابل أمي ، وعيناها تقدحان بالغضب . وفجأة رأيت الغضب في عينيها يذوب إلى ما يشبه الضحك ، حين قالت : «يا ثم التفتت إلي أخي ، القرشين ، وأركض الى بيت بائعة الحليب . وعد على عجل ، تنازلت أمي عن تهديدها ، وقالت في نفرة مفتعلة : «يلا ، اقعد مع أبيك وأخيك . أم أن الملعقة تكفيك؟» وأوقفني في أحد صفي الصبية المرتلين ، فقد جعلت أتمتع بما أسمع ، كلما رفعوا أصواتهم . فيأخذ أبونا بملعقة المبخرة ، ويرسم عليها إشارة الصليب . والمصلين ، ويهزّ المبخرة عليهم بإيقاع منتظم ، وكل ما في الحارة من بشر ومساكن . الملائكة ، وكم تمنيت لو رأيت أولئك الملائكة . جعلتني أتوهم أحياناً أنني أراها وأدعوها ترى الملائكة ، ولعلها لن تراني أنا أيضاً وأنا بصحبتها . وتنفث من أفواهها النيران، ولا التراتيل الجميلة . بالحليب، الحديدي في وجهه . وليدق عليه بذيله إلى أن يشبع! كان أخي يذهب إلى مدرسة الألمان في المديسة . معك ، غير أن مدير المدرسة ، عندما أخذني أخي إليها معه ، وهز رأسه ، كم عمره؟ . » أجاب : خمس سنوات» . وليأتِ إلينا بعد سنة» . غضبت أمي عندما أعادني أخي الى البيت ، وفي الحال أسرعت بي إلى صباحاً ، قبل الساعة الثامنة» . نصعد إليه بدرج كثير . وانتبهت إلى أن بيتنا الجديد هذا نسميه بكلمة جديدة علي : «الخشاشي» في المدرسة رأيتهم يكتبون . ويفتح الدفتر ، كانوا يرفعون رؤوسهم وينظرون مربع ، وركزت على مسند ثلاثي الأرجل ، ولكنها الآن بعضها عن بعض . ومن عادة كل منهم أن يمد لسانه ، ويكتب . فيبريه بالبراية . ويغمس الأسود المبري بلعاب لسانه . كان ذلك أول يوم لي ، هل أكتب أنا أيضاً؟» قال : «هل أحضرت معك دفترك وقلمك؟» قلت : «لا» . قال : «كيف تكتب إذن؟» حتى المعلم ضحك ، واكتب . بعد قليل دق المعلم جرساً . كبيرة منحنية ، المنحني ، ومنه تسلقت إلى الأغصان العليا . وما وعدنا إلى «الصف» . كنا على الأقل خمسين ولداً ، من أعمار شتى . أحذية ضخمة ، خلفها الجيش العثماني لآبائهم . في ساعة الغداء . رحت ركضاً إلى بيتنا ، ووجدت جدتي في الحاكورة تنظر إلى ظل شجرة اللوز الواقع على حائط البيت . لا يا حبيبي . ناتئ في الجدار. وقال ارجعوا في الساعة الواحدة . ابنك جاء!» فهي تعلم أن أمي فكانت جدتي تتستر علي . تلمسته ، فقالت : «ها؟ عندك شيء تقوله؟ فعلت شيئاً غير لائق؟» فقلت وأنا أنظر في عينيها العسليتين : ستي ، «لكي أكتب» . «قل ذلك لأمك . أو انتظر إلى أن يعود أبوك في كانت أمي تتأمل في الطنجرة» ، وقالت : «أهلاً بابن المدارس» قلت : يمه ، المعلم يقول أن علي أن أخذ معي دفتراً وقلماً للمدرسة» . - صحيح؟ ومن أين أجيء لك بالدفتر والقلم؟» - «الدفتر والقلم بنصف قرش . هكذا يقول الأولاد . قرش ، قال وقبل أن تأكل ، أخرجت شيئاً من الحشيش الذي كنا نجمعه في كيس كبير في طلعاتنا الى الأبيضين ، وأقبلا عليه بنهم ، وأنا وقالت أمي : إذ راحت قباب الأديرة المنبثة في البلدة تقرع أجراسها وأصوات الأجراس تتمازج عبر الفضاء ، بعد الغداء عدت إلى المدرسة ، ودخلنا الصف . كتب المعلم حروفاً على اللوح ، «ألف باء!» «ألف باء!» جعلنا أنا واثنان من رفاقي نردد ونرنم : «ألف با بوباية ، وواجهته مليئة بالدفاتر والأقلام والمحايات . - «لا» وخذ أحسن قلم وأحسن دفتر ففهمتني في الحال . ودون أن تقول كلمة واحدة ، وضعت يدها في عبها ، وحلّت عقدتين وانفتح المنديل عن أربع أو خمس قطع نقدية ، يلا من قدامي ، عنفص!» وناولت صاحبه قطعة النقد العزيزة ، فطلبت إليه أن يبري لي القلم ، لديك براية ، مش ضروري . وجدتي كالعادة تمددت فوقها على بطني ، وفتحت الدفتر عند أول صفحة . بللت طرفه الحاد على رأس لساني . كما يقول المعلم ، معقوفة من الطرفين ، غيّرت فتوقفت . ذلك المساء ، أبي قال «عفارم!» يوسف قال : ودر ولا تضيّع القلم : أتسمع؟» وجدتي غمزتني جانبياً ، في صباح اليوم التالي أخذت «عدتي معي إلى المدرسة ، واستعرت ممحاة ، وأرجلهم وذاك يركل قدمي ، قلت : «نعم . وجعلني أكتب» قالت : «الحمد لله» لم نكتب شيئاً . قعد إلى المنضدة ، أو يضحك ، كتب القراءة ، بس بلا حس؟ وأنتم الجالسين في الخلف ، هكذا ، وأنزلوا رؤوسكم وأسندوها عليها ، وناموا . دفنا وجوهنا بين سواعدنا ، يستطيع النوم؟ قضينا ساعة ورؤوسنا على البنك ، وجعل إزاء أحدها . وانطلقت فجأة شخرة عاتية من المعلم ، أدار رأسه نحو اللوح ، فرأى الأسماء ، حکیت . «افتح يدك ، وفتح الولد يده ، وضربه المعلم بالمسطرة على كف يده ضربة واحدة . فأذاقه ضربتين اثنتين ، كان اسم رفيقي على البنك «عبده» وقد لازمني في العودة ، وهو يقول : أتعرف كيف تصنع «طقاعة؟ دفترك هذا فيه كانت أمه منشغلة عنا بالخياطة عندما جلسنا في ركن من غرفة بيتهم ، وبس! قال . وناولته الدفتر . اللتين في الوسط ، وطواهما بشكل خاص ، وأنا أراقبه ، فضغط عليها بذراعه ، أعاد الطي ، العملية ، و «طقع» مرة أخرى . شيء رائع! وعملت طقاعة ، وطرقعت! ثم عملنا طقاعة فأخرى - إلى أن أتينا على الدفتر . بين حين وآخر : «بلا دوشة يا جماعة!» إلى أن غابت الشمس ، قلت : «أخذه المعلم» وقالت أمي : «أين الدفتر؟» - «لماذا؟ ليتفرج عليه؟» لكي لا يضيع» وعندما عاد أبي من العمل ، سألني : «أين الدفتر؟» وأجبته بالجواب نفسه . ونمت تلك الليلة وأنا أفكر في الطقاعات ، واحدة منها أطرقع بها في المدرسة . ولكنني شعرت أيضاً بشيء من الخوف ، من ولم يكن لدي إلا القلم ، وكلما انقرم بريتـه بمساعدة أحد الأولاد ، وفي البيت أمطرتُ من جديد بالسؤال إياه : «أين الدفـتـر؟» وأجبت : «عند المعلم» فقلت : دائماً جرس؟» في اتجاه ساحة المهد . كبار السن ، وباب كنيسة المهد خلفنا ، ويصوروننا . واكسرها ، ورشها والعدس يشهي للمزيد من البصل ، وأكلت حتى اتخمت ، واستلقيت على ظهري فنفرت بي أمي : «قم! قم إلى مدرستك! وقالت جدتي : «مهلك على الصبي . خليه يستريح قليلاً» فقالت أمي : «والله أفسدته!» وبقينا أنا وعبده لعدة أيام ننزل إلى الوادي ، وفي لكي نوهم أهلنا أننا ما زلنا نواظب على الدوام في المدرسة . حتى جوبهت في الظهيرة بأمي ، وما كدت أدفع البوابة ، حتى أمسكت أذني عند المعلم!» لايمه ، يا كذاب؟» ولطمتني على خدي : التقيت بأم عبده هذا الصباح ، ولطمتني على خدي الآخر . يا كذاب ، ورغم حماية جدتي ، بندورة ، وخرجت ، وأكلت غدائي البائس وأثر الملح في عيني يؤذيني ، وقرص أمي ما زال يخز في خدي وفخذي . وأتعلم الألف كالأوادم . وتينة كبيرة ، وعلى مقربة منها وأمامها حوش مبلط بالحجارة ، خرزة البئر ، ويتصل بحاكورة أخرى محاطة بأشجار الرمان . التي هي مأوى الخراف والدجاج ، ممشى يفصل أيضاً بين الحاكورتين ، ويمتد من بوابة عتيقة اختلط فيها الصفيح الصدئ بالخشب المتأكل ، وجذوع الأشجار ظاهرة التفاصيل في السقف المنخفض ، وهي تتداخل إذ تمتد من حائط إلى حائط ، من مهام أبي وبقية أفراد العائلة بين الحين والحين ، دك السطح بالدرداس . ولكنه يقلله ويحصره على الأغلب في الزوايا . على أرض الغرفة الترابي ، وأرقب مصارعة الجرذان المعشعشة بين أحطاب السقف . وأكثر من مرة ، فالتقطته قطتنا «فلة» ببراعة ، كانت «فلة» على رقتها الظاهرة ، ثم تقضي عليها . جرذ كبير بحجمها تقريباً ، كادت تنهزم في المعركة ، إذ راح يرفع قدمه الأمامية كالمخلب ليطعن بوزها ، غير أنها استطاعت أخيراً أن تدفعه الى الفرار والاختفاء أعلى الجبل الذي بنيت البلدة على سفحه منذ القدم . أما من ناحية بوابة المدخل ، الطريق العام المعروف برأس أفطيس ، الشارع كنا نصعد الدرجات الحجرية اللامنتظمة، التي صقلتها الأقدام مع مرور الزمن ، لكي نبلغ زقاق دارنا . بعمارة فخمة على اليمين ، مبنية من حجارة مدقوقة منتظمة ، صبغت ذات يوم غابر بطلاء أبيض . وعلى اليسار جدار عال ، يربط عنده حمار أبيض ، لا أظن أن أحداً كان يدعوه باسمه ، أو حتى يعرف اسمه . إنه أشهر طبيب في البلدة . والكل يطلقون عليه التسمية الوحيدة التي يحترمونها : «الحكيم الرومي» فكنا نراه وهو راكب حماره - المتميّز طبقياً عن الحمير الكثيرة في البلدة بلونه الأرستقراطي الأبيض ، بينما كانت الحمير الأخرى أقرب إلى الرمادي المسكين في لونها - وحقيبته في خرج الحمار الأحمر ، كان «الحكيم» رجلاً قصيراً ، ولا يبتسم لأحد ، لم تقسم بيني وبين هذا الطبيب أو حماره أية مودة . هذا الحي ، تجربة سجلها لي حماره المحترم وأنا في الخامسة من عمري . صعود الدرج إلى البيت ، والحمار واقف على قوائمه يكاد يسـد عـرض المعـبـر وقد فرغ من علفه فيما يبدو ، وروثه وتبنه يملآن الدرجتين أو الثلاث التي تجنبت الروث ما استطعت ، ولا أظنني ، عبرت ، تريثت طويلاً للنظر إلى ذيله وحشراته ، وضربني «زوجاً» وكان ذلك درساً أليماً ، ومبكراً في حياتي ، أو أن أعمل الحذر الشديد إذا اضطررت إلى الاقتراب منها ومن أضرابها . الحركة ، ولم أفهم بالضبط ما الذي جرى لها عندما وجدتها لا تغادر فرشتها وهي تتلوى وتئن ، وطلبت إلي جدتي أن أنزل الدرج إلى دار وأطلب إليه الحضور إلى دارنا لمعالجة أمي . بدخول العمارة التي يقيم فيها الحكيم ، تشجعت ، وقبل أن أقول له - كما علمتني جدتي – «صباح الخير ، - «ومن هي أمك؟» - أمي؟ أمي ، أ ، - أتريدني أن أزورها؟ أين تسكنون؟» لا أذكر كلماته بالضبط ، الرومية ، ولكن لا بد أنني أفهمته ما أريده ، لكي يجلس عليها . بشكل ما ، ثم كتب «الروشتة» وأعطاها جدتي ، ونهض ، وطلب خمسة قروش أجراً لعيادته . وهي في ألمها مندهشة : «خمسة حتى غروب الشمس مقابل خمسة قروش . أو ثلاثة» . وهي لا ، شكراً» ثم أطبق غطاءها والتقط حقيبته ، قالت أمي : «إلى مدرستك ، يلا يا حبيبي ، عنقي أضع فيه لوازمي المدرسية ، ودفتر «خط» حيث كانت ملأى بالمقاعد الطويلة . دخلت المدرسة ، فأوقفني المعلم صموئيل ، قلت : «بطنها توجعها ، كلما تكلم المعلم صموئيل ، ندهش للكلمات الغريبة التي ولو أننا قد نحزر معناها – أحياناً . باعتبارها مما لا يستحق التريث عنده طويلاً . نقرأها ، ونكتبها بنسخها عن الكتاب. ويأخذ دفاترنا ويصححها بحبر أحمر ويعيدها إلينا ، وهو يقول : «خرابيش الدجاج - هذا خطكم!» فقص علينا كيف جبل الله طيناً وخلق منه بشراً سماه آدم . وفيما كان آدم نائماً تحت شجرة من أشجار الجنة ، أخذ الله ضلعاً من صدره وخلق منه امرأة سماها ولما كنت أتصور الله وهو يجبل الطين كما يجبله عمال البناء الذين أراهم في