دخلت النصرانية على المجتمع الروماني الذي كان قد أضاف إلى سيطرته القانونية المجحفة بحقوق المرأة تفسخ الحضارة اليونانية وعهرها. فزعت الرهابنة مما رأوا من انحلال، فأسندوا ذلك إلى المرأة وجعلوها المسؤولة الشيطانة. وقرر القسيسون والأحبار أن المرأة دنس ورجس، وأن الزواج تورط في وحل الحس والخبث، وأن العزب أحب إلى الله من المتزوج. المرأة إن كانت دميمة عجوزا فهي ساحرة حليفة الشيطان، وإن كانت جميلة شابة فتلك خطيئة يجب أن تستحيي منها. قال قديسهم يرثوليان : «إنها مدخل الشيطان إلى نفس الإنسان. ناقضة لنواميس الله . مشوهة لصورة الله» . صورة الله عندهم الرجل. أستغفر الله. وقال قديسهم سوستام : «إنها شر لابد منه، وآفة مرغوب فيها، وخطر على الأسرة والبيت، ومحبوبة فتاكة، ومصيبة مطلية مموهة». في القرن الخامس من تاريخهم اجتمع مجمع ماكون ليتداول القسيسون هل المرأة مجرد جسم لا روح فيه، أم لها روح؟ وقرروا أن المرأة خالية من الروح الناجية من عذاب النار، ما عدا أم المسيح. تغزل الغربيون بجمال المرأة ونصبوها تمثالاكالدمية المعبودة طيلة قرون الازدهار الأدبي. لكن قانون الغرب وواقع المجتمع الغربي ظل ينزل المرأة منزلة العبيد. في الأدب الفروسي تألق عباد المرأة التمثال الوارثون أسلافهم الإغريق، وعلى صعيد القانون كانت الحقوقية الرومانية سيدة الموقف .